أحدث الأخبار
  • 07:00 . دراسة تربط بين تناول الأسبرين وتحقيق نتائج إيجابية لدى مرضى السرطان... المزيد
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد
  • 07:38 . الإمارات: كثرة استخدام "الفيتو" يفقد قرارات مجلس الأمن الشرعية... المزيد
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد

رد الحقوق لا يعني تجزئة الأوطان

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 18-08-2017

لأن تكون هناك مطالب حقوقية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية تتعلق باللغة أو المذهب الديني أو غيرها، لبعض مكونات المجتمعات العربية فهذا أمر لا يختلف عليه اثنان.
وبالطبع فمن حق تلك المكونات أن تناضل من أجل تعديل أي خلل في تلك الحقوق، ومن الواجب الأخلاقي والوطني على جميع أفراد شعوب تلك المجتمعات أن تساند تلك المطالب وتناضل جنبا إلى جنب مع مواطنيهم المهضومي الحقوق.
وجود التمييز ضد هذه الجماعة أو تلك في المجتمعات العربية، هو ظاهرة اجتماعية مبتذلة تواجدت عبر كل تاريخ تلك المجتمعات.
وبالتالي فتصحيحها، بل واجتثاثها، أصبح ضرورة تستوجبها القيم الأخلاقية ومتطلبات الممارسة الديمقراطية.
إلى هنا والأمر لا اختلاف عليه، لكن تصحيح تلك الأوضاع، كمسؤولية جماعية، شيء والحديث عن تجزئة الأوطان، بانسلاخ هذا الجزء أو ذاك، وبالتالي إضعاف الأوطان وتشويهها وإدخالها في صراعات مستقبلية لا تنتهي، شيء آخر. فالأوطان ليست سلعا في الأسواق معروضة للبيع والشراء، وإنما هي مشاعر أمان وهويات وأحلام عبر أفق المستقبل وضمانات في وجه الأخطار الآتية من كل طامع أو حاقد.
وبالتالي فإن يتنطع هذا الزعيم أو ذاك، في هذا المكون أو ذاك، لهذه الأسباب المحقة أو تلك، ويطالب بإجراء استفتاء حول انفصال جغرافي وبشري، وبالتالي سياسي واقتصادي، يؤدي إلى إضعاف وتمزيق وتشويه الوطن، ودخوله في متاهات تقسيم هذه الثروة المادية أو المعنوية أو تلك، فانه تنطع غير مقبول بصفة مبدأية، ولكنه أيضا غير مقبول بصفة واقعية. ذلك أن كل جزء من الوطن الجغرافي، بل كل حبة تراب فيه، هي ملك الجميع، وليست ملكا لهذه الجماعة أو تلك.
من هنا فإن قرار سلخ أو انفصال هذا الجزء الجغرافي أو ذاك، ليس قرار هذه الجماعة أو تلك. وإذا كان لابد من استفتاء، فإن الواجب الوطني وواقع الحياة السياسية يقتضيان أن يطرح الاستفتاء على جميع أفراد الوطن.
فاذا وافقت أغلبية ساحقة، بمعنى نسبة تسعين في المئة فما فوق، على انسلاخ جزء من وطنها، فإنه قرار شرعي حتى لو كان قفزة في المجهول ومخاطرة غير محسوبة. القرار إذن يجب أن يكون وطنيا يشترك في اتخاذه الجميع، وليس قرارا فئويا وإلا فإننا نتكلم عن تدمير لمفهوم الدولة وشروط تواجدها في الواقع السياسي والجغرافي. وحتى لا ندخل في المماحكات وقراءات النيات، وما اكثرها وأقساها في أرض العرب، دعنا نؤكد على أن العروبي الوحدوي الديمقراطي الإنساني لا يقبل بوجود أي تمييز، من أي نوع كان وبأي مقدار، ضد أي مكون من مكونات المجتمعات العربية، سواء بسبب العرق أو الدين أو المذهب أو اللغة أو الثقافة، ولكنه يرى في تمزيق أوصال أي دولة عربية خطرا وجوديا، لا عليها وعلى شعبها فقط، وإنما يرى خطرا هائلا وتناقضا عميقا مع أيديولوجية القومية الوحدوية، فالنضال، نضال الجميع، يجب أن يكون في سبيل مزيد من وحدة الدول العربية في شتى المستويات، وذلك من أجل قدرة هذه الأمة على الوقوف في وجه اعدائها من الصهاينة والاستعماريين، وشركات الاستغلال والنهب، وقدرتها على بناء اقتصاد إنمائي متين، وبناء نهضة جامعة للخروج من التخلف التاريخي الذي يعيشه الوطن العربي كله، وللانتقال إلى نظام ديمقراطي سياسي واقتصادي عادل ينهي إشكاليات التمييز بكل أنواعها.
لسنا معنيين بتسمية وتفاصيل المناطق والفئات والأسباب، فهي كثيرة ومؤلمة، وإنما نحن معنيون بإبراز عبثية الانخراط في الفاجعة الجديدة، فاجعة التجزئة والتقسيم والتشظي، التي تسعى الصهيونية ودوائر الاستخبارات الغربية لتجذيرها وتوسيعها وتنميطها في طول وعرض وطن العرب، باسم حق يراد به باطل، وهو سعي تجلى في اغتصاب فلسطين، ويتجلى الآن في بعض دول المغرب العربي وفي العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن، وبعض دول الخليج العربي على سبيل المثال. فالهدف الصهيوني – الاستعماري النهائي هو تجزئة المجزأ حتى تصل هذه الأمة إلى أقصى مراحل الضعف والقابلية للاستعمار، بل وعدم القابلية للنهوض والقوة والندية لأعدائها. إنه مشروع بدأ بسايس – بيكو ولا يريد أن يتوقف عند حدود حتى يخرج هذه الأمة من التاريخ. موضوع تجزئة هذه الأمة في مقابل توحيدها، لم يعد موضوع أحلام وتمنيات وأفضلية، إنه موضوع واقعي وجودي بامتياز.
ولذلك فحركة مقاومة التجزئة والنضال من أجل الوحدة تحتاج، وبأسرع ما يمكن، وقبل فوات الأوان، لبناء جماهيرها ومؤسساتها وأدوات نشاطاتها لتغيير الواقع الحالي.
إنه موضوع صراعات إرادات، وموضوع تضحيات، وموضوع، تخطيط في مواجهة تخطيط.
في قلب ذلك البناء والتنظيم والنضال ينبغي أن نرى المكونات المظلومة يدا بيد مع غيرها، وذلك في سبيل بناء مجتمعات ديمقراطية عادلة إنسانية بقيم أخلاقية رفيعة، تنهي المظالم وممارسات التمييز، لا أن تتوجه إلى إحداث مزيد من الآلام والفواجع في أرض تموج بالضعف والآلام والفواجع.