أحدث الأخبار
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد
  • 07:38 . الإمارات: كثرة استخدام "الفيتو" يفقد قرارات مجلس الأمن الشرعية... المزيد
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد
  • 10:54 . "الأرصاد" يحذر من تشكل الضباب وتدني مدى الرؤية... المزيد
  • 10:34 . "لا حرية للتعبير".. أمريكا تواصل قمع المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين... المزيد
  • 10:22 . لمواصلة الإبادة في غزة.. الاحتلال يشكر الشيوخ الأمريكي على إقراره المساعدة العسكرية... المزيد
  • 10:19 . أرسنال يسحق تشيلسي بخماسية ويستعيد صدارة الدوري الإنجليزي مؤقتاً... المزيد
  • 12:51 . على حساب الهلال السعودي.. العين يبلغ نهائي أبطال آسيا للمرة الرابعة في تاريخه... المزيد
  • 09:49 . تقرير: أبوظبي تشارك بنقل الفلسطينيين من رفح تمهيداً لاجتياحها من قبل الاحتلال... المزيد
  • 09:40 . جوجل تطرد 20 موظفًا احتجوا على صفقة مع الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 09:39 . أمير الكويت يبدأ زيارة رسمية إلى الأردن... المزيد

"سور الصين" يحاصر الدولة..فهل يحيطها بمزيد من الفرص أم التحديات؟

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 18-09-2016


لم يكن قرار مجلس الوزراء بتسهيل دخول الصينيين إلى الدولة، قرارا فنيا عابرا يرتبط بمصالح تجارية فحسب، وإنما كان قرارا توقف عنده الإماراتيون والمقيمون متخوفين مما يصفونه "بالاجتياح الصيني" اقتصاديا واجتماعيا للإمارات. فما هو هذا القرار، وما هو واقع العلاقات الاقتصادية الراهنة مع الصين، وما هي تداعيات القرار على مختلف الصعد، وما هي تجربة الدول الخليجية والعربية وإسرائيل مع العمالة الصينية؟


التأشيرات.. "سخاء إماراتي" وحذر صيني
في سبتمبر الجاري أعلن مجلس الوزراء أنه قرر تسهيل دخول الصينيين للدولة؛ بحصولهم على تأشيرات الدخول مجرد وصولهم مطارات الدولة، وأشار إلى أن "علاقات الصين استراتيجية وذات أولوية كبرى".
القرار الإماراتي، للمفارقة، جاء بعد أن قررت الصين في مارس الماضي إعفاء مواطني دولة الإمارات من "فيزا العبور" فقط وهم في طريقهم إلى بلد ثالث، ويسمح لهم بالبقاء لمدة 144 ساعة، عليهم المغادرة بعدها، وعلى الإماراتي أن يحصل على هذه الفيزا من سفارة الصين في الدولة، وليس في مطاراتها، وفق ما أرودته صحيفة "الاتحاد" المحلية. ويتضح من ذلك، حجم "الغبن" اللاحق بالإماراتيين، لصالح الصينيين.


سياق القرار الإماراتي
جاء قرار التأشيرات الصيني، في أعقاب الإعلان عن مشروعي: "دبي الجنوب"، و "جميرا سنترال". وبالنظر لحجم هذين المشروعين يمكن إدراك توقيت هذا القرار على الأقل. 
فجميرا سنترال، بحسب "مجموعة دبي القابضة"، سيكون "المدينة المستقبلية الأكثر تطوراً على مساحة تجاوز 47 مليون قدم مربعة وبكلفة 73 مليار درهم"، وتتسع المرحلة الأولى منه لـ35 ألف نسمة، وزائروها يناهزون 100 مليون سنويا".
أما "دبي الجنوب" فهو "مدينة ناشئة على مساحة ضخمة تبلغ 145 كلم مربع في إمارة دبي. ومن المتوقع أن يستوعب حوالي المليون نسمة عند اكتماله"، بحسب ما أعلنته صحيفة "البيان" المحلية.
ويظهر من حجم هذين المشروعين، الحاجة الملحة لمستثمرين جدد وعمالة جديدة. يتوقع أن يتم تلبيتها من الصين خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي ألقى بظلاله على أعمال المستثمرين البريطانيين ولا سيما العقاريين منهم على سوق العقار في الدولة، وهو ما تسعى الإمارات لتعويضه من الصين، بحسب تقرير لموقع "العربية نت". 


واقع الوجود الصيني في الدولة.. أكبر مما تتصور
المقيمون الصينيون موجودون بالفعل، وبأعداد أكبر بكثير مما نعتقد مقارنة مع دول المنطقة. فوسائل الإعلام الرسمية قالت في ديسمبر الماضي، إن "عدد الجالية الصينية في الدولة 200 ألف نسمة" مستدلة بذلك على أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين. 
وبنظرة مقارنة بين الوجود الصيني في الإمارات، وبين دول المنطقة، يتبين أن الوجود الصيني يفوق حجم تواجدهم في مصر(35 ألفا) والجزائر (30 ألفا)، والسودان(25 ألفا) والسعودية (30 ألفا)، والكويت (20 ألفا) وإسرائيل (20 ألفا). فحجم العمالة الصينية في الدولة قبل قرار تسهيل التأشيرات، أكبر بكثير من حجمهم في 6 دول مجاورة. وباستثناء الكويت، فإن حجم العمالة الصينية في تلك الدول ضئيل للغاية بالنسبة لمواطني تلك الدول، فيما تعتبر الجالية الصينية في الإمارات من الجاليات الكبرى، ويقدرون بنحو خُمس عدد الإماراتيين.
وتحتضن المدينة العالمية (انترناشيونال سيتي) في دبي أحد أهم الأحياء التي يعيش فيها الصينيون المقيمون في الدولة، والذي يقع بالقرب من أكبر سوق صيني خارج الصين وهو ما يعرف بـ"سوق التنين"، بحسب موقع "الشعب أونلاين" المتخصص بالأخبار الصينية العربية.


واقع النشاط الصيني في الإمارات قبل قرار التأشيرات
قالت صحيفة "البيان" في ديسمبر الماضي، قبيل زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للصين، أصبحت دبي بالنسبة للصينيين محطة ترانزيت مهمة للوصول إلى أفريقيا ودول الشرق الأوسط، إذ تستحوذ الإمارات على نحو 70 % من الصادرات السلعية الصينية إلى المنطقة والتي يعاد تصديرها إلى دول الخليج وأفريقيا وأوروبا.
 كما تحتضن دولة الإمارات أكثر من 3 آلاف شركة صينية تعمل في العقارات والإنشاءات والتجارة والخدمات والسياحة، بحسب تقرير صادر عن دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي. 
وتعتبر دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد الهند، حيث بلغت قيمة التجارة بينهما 55 مليار دولار عام 2015، بحسب صحيفة "الإمارات اليوم" في ديسمبر الماضي. وبمقارنة حجم التجارة بين الصين ودولة الإمارات، مع الصين ودول المنطقة نجد أن حجم التجارة بين الصين وإيران 40 مليار دولار، ومع ليبيا 5 مليار، ومع مصر 9 مليار، ومع السودان 13 مليار، ومع الجزائر 8 مليار، ومع الكويت 11 مليار ومع قطر 10 مليار، ومع إسرائيل 8 مليار دولار، بحسب مصادر رسمية لهذه الدول. وكل ذلك، يؤكد أن العلاقات الاقتصادية مع الصين قوية وليست بحاجة للقرار الأخير لزيادة أهميتها.
ومن جهة أخرى، يشير تقرير دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في الصين يبلغ 808 ملايين درهم فقط (نحو 220 مليون دولار). وهو ما يظهر الخلل الكبير في حجم التبادل التجاري والأعمال في كلا البلدين، لصالح الصين. ما يطرح التساؤل، لماذا لا يكون توطيد العلاقات مع بكين بزيادة الاستثمارات الإماراتية في الصين وليس العكس؟!
وأكدت "الإمارات اليوم" أيضا، دخول السيارات الصينية للدولة لأول مرة، وتسويقها للمستهلكين بأسعار معقولة، مثل: فوتون، شيري، دونغفنغ، و"جي أيه سي". وبحسب دائرة  السياحة والتسويق التجاري بدبي، فقد انتقل السياح الصينيون من المركز العاشر إلى المركز السابع بزيادة 24.9% خلال 2013.
 
تداعيات التوافد الصيني
المخاوف من القدوم الصيني المتوقع، بدأ يثير القلق بين الإماراتيين الذين يعانون مشكلات في التركيبة السكانية والبطالة والهوية واللغة خاصة في ظل انهيار أسعار النفط. كما امتد التخوف إلى سائر الجاليات الأخرى وخاصة العربية، نظرا لمواصفات العمالة الصينية التي يمكن اعتبارها منافسة وبقوة لجميع الجاليات في الدولة، فضلا عن التهديدات الاجتماعية المشار إليها. وقد ينتج عن دخول العنصر الصيني لسوق العمل والاستثمار مشكلات اقتصادية واجتماعية وأمنية تفوق قدرة الدولة على مواجهتها بصورة فورية.

ومن المتوقع أن يكون التوافد الصيني للدولة كبيرا، ففي مايو الماضي، أصدر "المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية" بالقاهرة دراسة بعنوان" كيف تواجه الصين تحديات التحول الاقتصادي؟"، جاء فيها أن الصين تواجه العديد من مشكلاتها الاقتصادية بتسريح العمال. وقد سرحت مؤخرا 1.8 مليون عاملا، وهناك توقعات بأن يصل عدد المُسرحين إلى  6 ملايين عامل. ما يثير المخاوف من أن تتوجه هذه الملايين إلى سوق العمل الإماراتي، بما يعنيه ذلك من إغراق اقتصادي واجتماعي لا يمكن صده.

مشكلات العمالة الصينية وتجربتها في الدول المختلفة
برصد العديد من مشكلات العمالة الصينية وتجاربها في العديد من الدول المحيطة، تبين أن الآثار الناتجة عن الوجود الصيني قد تفوق بكثير إيجابيات هذا التواجد. ففي الجزائر مثلا، فقد غزت الصناعات الصينية "الرديئة" والتي لا تراعي شروط الصحة والسلامة الأسواق، فضلا عن وجود أكبر مشكلة متعلقة بالمستثمرين الصينين كما ظهر في مصر أيضا، وهي أن الشركة الصينية تجلب عمالتها الصينية معها، ولا تستخدم المقيمين أو مواطني الدولة التي تعمل فيها، ما يضاعف البطالة من جهة، ويؤدي لتضخم الوافدين من جهة أخرى.
كما أن نظام العمل الصارم الذي يتبعه الصينيون وقوة التحمل ومواصلة العمل لساعات طويلة، ورخص اليد العاملة، كلها عوامل ضغط مؤكدة بمجرد توافد الآلاف من الصينيين للدولة. وقد رصد باحثون سودانيون، وتحقيقات صحفية مصرية وجزائرية هذه الأزمات واستفاضت في عرضها. 
إضافة إلى ذلك، يسارع العمال الصينيون إلى الإضرابات العمالية لأبسط الأسباب، كما في تجربتهم في السعودية والكويت و يلجأون للعنف حتى مع رجال الأمن. ففي السعودية اختطف صينيون زميلا مصريا لهم مطالبين برواتب متأخرة مقابل الإفراج عنه، وأجّلت عدة إضرابات لهم في السعودية تسليم مشاريع أكثر من مرة. وقالت صحيفة "الشرق" السعودية إن العمال الصينيين أضربوا خلال عام واحد (2013) خمس مرات. 


مشكلات العمالة الصينية في الإمارات
أبرز جرائم العمالة الصينية في الدولة هي الانخراط في أعمال الدعارة. و قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في يناير 2013: "في المناطق القديمة من دبي، تقوم النساء الصينيات بعرض أنفسهن للرجال داخل ردهات الفنادق من فئة الثلاث نجوم، أو حتى في الشوارع، وبأقل الأسعار".
أما موقع "العربية نت"، فقد أشار إلى قبض شرطة دبي على أكبر عصابة منظمة لبيوت الدعارة في الإمارة تدير 22 وكرا. وقال الفريق ضاحي خلفان: "إن الحملة هي أكبر عملية في توقيت متزامن لضبط منظمة تمارس الدعارة في المنطقة. وأضاف، " الحملة أسفرت عن اعتقال أكثر من 300 متهم يحملون الجنسية الصينية".
ونقلت صحيفة "الإمارات اليوم" المحلية عن نائب مدير الإدارة العامة للتحريات لشؤون الرقابة في شرطة دبي، العقيد جمال الجلاف إن المدينة العالمية (انترناشيونال سيتي) تستغلها نساء صينيات في "المساج" كونها منطقة تقع خارج نطاق عمل مفتشي شرطة دبي.
وفي أكتوبر 2009، ألقت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية القبض على عصابة تتكون من 6 صينيين، دأب أفرادها على استخدام العنف في خطف الفتيات الصينيات، ومطالبتهن بدفع فدية مقابل تحريرهن. كما حاكمت محكمة جنايات دبي صينيين اثنين شرعوا في قتل شرطي بواسطة سيف وساطور أثناء دهم شقة دعارة في "انترناشيونال سيتي".
مما سبق، يتأكد أن السوق الإماراتية والاعتبارات الديمغرافية تواجه تحدياً حقيقياً بمزيد من استقدام الصينيين، خاصة أن العلاقات الصينية الإماراتية الاقتصادية تميل لصالح الصين. وبالتالي، يرى إماراتيون ومقيمون أن مضاعفة الوجود الصيني سوف يحمل من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية أكبر بكثير مما يحمل من فرص اقتصادية.