أحدث الأخبار
  • 12:44 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيرته الهولندية "التطورات الخطيرة" في المنطقة... المزيد
  • 12:43 . واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر... المزيد
  • 11:55 . "شعاع كابيتال" تعلن توصلها لاتفاق مع حملة السندات... المزيد
  • 10:53 . "مصدر" تتجه للاستثمار في ليبيا ضمن برنامج لتصدير 10 جيجاواط... المزيد
  • 10:52 . صواريخ "مجهولة" تستهدف مقرا عسكريا للحشد الشعبي وسط العراق... المزيد
  • 10:51 . أسعار النفط على استقرار في ختام تداولات الأسبوع... المزيد
  • 10:51 . أتلتيك بلباو يفرط في فرصة الاقتراب من المربع الذهبي بالدوري الإسباني... المزيد
  • 10:48 . السوداني: العراق لن يكون منطلقاً للاعتداء على تركيا وزيارة أردوغان ليست عابرة... المزيد
  • 11:00 . بعد الخسارة أمام اليابان.. "الأبيض الأولمبي" يفقد آماله بالوصول إلى أولمبياد باريس... المزيد
  • 09:20 . وزير الخارجية الإيراني: الهجوم الإسرائيلي على أصفهان لم يخلف أي خسائر... المزيد
  • 08:47 . حاكم الشارقة يوجه بحصر وتقييم الأضرار الناجمة عن "التأثيرات الجوية"... المزيد
  • 08:35 . عقوبات أوروبية وأميركية على مستوطنين إسرائيليين متطرفين... المزيد
  • 07:14 . قيادي بحماس: "العدوان الإسرائيلي" على إيران تصعيد ضد المنطقة... المزيد
  • 07:13 . الهجوم على إيران.. الإمارات تدعو لضبط النفس وتجنب التصعيد... المزيد
  • 11:48 . حملة دولية: قانون الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب يقيد حرية التعبير... المزيد
  • 11:46 . "وول ستريت جورنال": إدارة بايدن تسعى لتطبيع "سعودي إسرائيلي" مقابل دولة فلسطينية... المزيد

دراسة دول الخليج .. بين الأمس واليوم

الكـاتب : عبد الله خليفة الشايجي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عبد الله خليفة الشايجي
في الوقت الذي تحتل فيه دول مجلس التعاون اليوم موقعاً متميزاً وتمارس حضوراً واسعاً تجاوز المحلية والإقليمية إلى العالمية، وفي الوقت الذي باتت فيه هي القائد الفعلي للنظام العربي بعد غياب وتراجع أدوار الدول المركزية في هذا النظام على نحو ما نراه اليوم، وتحول القلب إلى الأطراف الخليجية التي أصبحت هي القلب... نرى اهتماماً دولياً مستحقاً بل متأخراً، بالشأن الخليجي وبشكل متنامٍ.. وهو ما لم تكن عليه الحال قبل ثلاثة عقود مضت عندما لم تكن هناك أبحاث وكتب ومتخصصون ومراكز دراسات تهتم بدول مجلس التعاون، حتى ظهرت في مطلع الثمانينيات بعد إنشاء المجلس.

ولذلك عانينا أثناء الدراسة في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، في الحصول على مراجع ودراسات متخصصة بالشأن الخليجي، أو في التعاون مع أساتذة الجامعة، حيث لم يكن هناك متخصصون في شـؤون منطقة الخليج.

دعك من أن يكونوا قد زاروا المنطقة أو يتحدثون اللغة العربية أو غيرها من اللغات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي كانت هناك ندرة في المتخصصين في الشأن الخليجي، وضآلة في الكتب والأبحاث والدراسات الجادة والرصينة، اقتصر الاهتمام على الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى مصر ومنطقة الهلال الخصيب. وقد شكل ذلك تقصيراً أكاديمياً وتقليصاً لأهمية ودور منطقة الخليج العربي، على رغم أهميتها، بسبب المقاطعة النفطية العربية، وتحديداً الخليجية، وبعد ذلك الثورة الإسلامية في إيران والحرب العراقية- الإيرانية.

كما كان لافتاً أيضاً محدودية اهتمام الجامعات الأميركية بالمنطقة، خاصة منها تلك التي كانت فيها مراكز دراسات «شرق أوسطية»، وقد انطبق ذلك على مراكز الدراسات الفكرية (Think Thank) التي‮ ‬افتقرت‮ ‬لأبحاث‮ ‬ودراسات‮ ‬تُعنى‮ ‬بالشأن‮ ‬الخليجي.‮ ‬وكان‮ ‬يتم‮ ‬التطرق‮ إ‬ليه‮ ‬بشكل‮ ‬عابر،‮ ‬وفي‮ ‬أحسن‮ ‬الأحوال‮ ‬كانت‮ ‬الكتب‮ ‬عن‮ ‬الشرق‮ ‬الأوسط‮ ‬تحتوي‮ ‬على‮ ‬فصل‮ ‬واحد‮ ‬يجمع‮ ‬بشكل‮ ‬مصطنع‮ ‬ومختصر‮ كل يخص ‬دول‮ ‬مجلس‮ ‬التعاون‮.‮ ‬بينما‮ ‬كانت‮ ‬تخصص‮ ‬فصول‮ ‬للدول‮ ‬المحورية‮ ‬الكبيرة‮ ‬مثل‮ ‬مصر‮ ‬والعراق‮ ‬وإيران‮ ‬وغيرها.

وقد كتب وتوقع باحثون أميركيون بشكل خاطئ ومبالغ فيه تحولات المنطقة وما قد تعرفه من تغيرات. وغاب عن هؤلاء الباحثين وجود الشرعية التقليدية في دول المجلس، والعلاقة الوثيقة بشكل كبير بين الحاكم ورعيته، والولاء التقليدي، بالإضافة إلى كون المجتمعات الخليجية مجتمعات صغيرة بمجملها تعيش في أنظمة ريْعية، حيث تتوافر الرعاية الرسمية للمواطنين في دول المجلس من المهد إلى اللحد.. وفوق ذلك كله لا فرض لأي شكل من أشكال الضرائب على المواطن والموظف والتاجر والمستثمر، وأصحاب العقارات والمؤسسات والمصانع. كما أن دول مجلس التعاون تقدم لمواطنيها الخدمات المجانية من الرعاية الصحية والتعليم والإسكان ودعم الخدمات الرئيسية، وعلى رأسها الماء والكهرباء والوقود، وحتى نظام التموين الغذائي الذي يصرف للعائلات.

ولهذه الأسباب، افتقد الباحثون الغربيون، خاصة في الولايات المتحدة، عمق فهم خصوصية الأنظمة والمجتمعات الخليجية، ولم ينجحوا في تطبيق نظرياتهم عن التطور السياسي بإسقاطها على الأنظمة والمجتمعات الخليجية التي بقيت صامدة وقوية وتحظى بشرعية بشكل كبير من الشعوب والمجتمعات الخليجية. لا بل إن في الدول الخليجية التي فيها دستور مكتوب وانتخابات كحالة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وبالأخص في دولة الكويت، حيث يلعب مجلس الأمة الكويتي دوراً قيادياً في النظام السياسي وفي المشاركة السياسية، ويقوم بدوري التشريع والرقابة، ويستجوب الوزراء بمن فيهم رؤساء الوزراء، ويدفع الحكومات الكويتية في مواجهات دائمة ومفتوحة إلى الاستقالة، كل ذلك يجري خلافاً للقاعدة المعروفة في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة «لا يمكن فرض ضرائب دون أن يكون هناك برلمان منتخب يراقب ويرصد طرق إنفاق أموال دافعي الضرائب». وهذا المفهوم الشهير في العقلية والممارسة الغربية ‏‭"‬No بتعبير taxation-without Representation‭"‬ بينما‮ ‬ما‮ ‬نشهده‮ ‬في‮ ‬دولة‮ ‬مثل‮ ‬الكويت‮ ‬هو‮ ‬خلاف‮ ‬بل‮ ‬عكس‮ ‬تلك‮ ‬المقولة‮ ‬المشهورةRepresentation without Representation‭ ‬ تمثيل‮ ‬وانتخابات‮ ‬ورقابة‮ ‬وتشريع‮ ‬في‮ ‬نظام‮ ‬ومجتمع‮ ‬دون‮ ‬تسديد‮ ‬ضرائب.

واليوم يظهر تماسك وشرعية الأنظمة الخليجية، والتفاف المواطنين حول القيادات الخليجية، وتوسيع المكاسب واالحقوق لتعزيز المواطنة والانتماء، بالإضافة إلى دور دول مجلس التعاون القوي والواضح على جميع الأصعدة وخاصة في قوة هذه الدول المتمثلة في مجالات الطاقة وخاصة النفط والغاز بأبعاده: الإنتاج والقدرة على زيادة طاقته لتلبية الاحتياجات الطارئة، وتوافر الاحتياطي النفطي الأعلى في العالم. وتُضاف إلى ذلك صناديق الثروات السيادية التي تقدر بأكثر من تريليونيْ دولار، والأسواق الخليجية الكبيرة التي تستورد الأسلحة والبضائع بسبب توافر الثروة وارتفاع متوسط الدخل لمواطني المجلس. وكل ذلك يجعل دول المجلس مصدراً خصباً ومهماً للدراسات المتنوعة، التي تناقش القضايا الأمنية والاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وقد بدأت تكتب رسائل الدكتوراه والكتب حول تلك المحاور المهمة. وأصبحت الجامعات الرئيسية وبعضها بدعم من هذه الدولة الخليجية أو تلك، تخصص مراكز دراسات عن الشرق الأوسط والخليج. وزاد عدد الكتب والدراسات والمتخصصين في الشأن الخليجي الذين يزورون المنطقة ويجرون دراسات، ويتعرفون من قرب إلى هذه المنطقة الحيوية والمؤثرة على مختلف الاقتصادات والرخاء العالمي، خاصة في العالم الصناعي.. وزاد عدد الباحثين والمُلمِّين باللغة العربية من الباحثين والدبلوماسيين الأجانب. وفي تطور لافت فتحت جامعات غربية عريقة فروعاً في المنطقة، فصار هناك فرع للجامعة الأميركية في كل عاصمة خليجية بعد أن بقيت في بيروت والقاهرة. وفتحت فروع لجامعات مثل السوربون في أبوظبي وجورج واشنطن وتكساس في قطر. وكذلك فتح فرع لأهم متحف في العالم اللوفر في أبوظبي التي تستضيف مع البحرين سباق الفورمولا العالمي، وبطولات رياضية مهمة في الغولف والتنس، ومهرجانات للأفلام والموسيقى والفن وغيرها.. حتى أصبحت العواصم الخليجية ترسم مستقبل العالم العربي.

وبالفعل، إنه تطور لافت ويحتاج لدراسات واهتمام ومتابعة. كيف نمت واشتد عود دول الخليج خلال عقود قليلة من الزمن.. إلى درجة أن المقولة الآن في أميركا والغرب هي أننا إذا أردنا أن نتعرف إلى مستقبل العالم والمدن العربية، لنشاهد اليوم أبوظبي ودبي والدوحة والكويت.

وهذا بالفعل تطور لافت ومثير للاهتمام ويحسب لمنطقة وأنظمة وشعوب فرضت نفسها، وتستحق الرصد والدراسة في حقبة ما بعد «الربيع العربي»، الذي ثبت أنه لم يترك أي تأثير على منطقة الخليج العربي!