أحدث الأخبار
  • 12:58 . إعلام أبوظبي يهاجم السعودية على خلفية فتوى "تُكفر منكري السنّة"... المزيد
  • 12:39 . يشمل "الزواج العلماني".. أكثر من 20 ألف طلب زواج مدني في أبوظبي... المزيد
  • 12:35 . بينهم عناصر من حزب الله.. مقتل 36 عسكرياً بغارة جوية إسرائيلية قرب حلب السورية... المزيد
  • 12:33 . وسط تحذيرات من أزمة إنسانية.. السعودية تعلن إرسال دفعة مساعدات جديدة للسودان... المزيد
  • 12:32 . بني ياس يفوز على الإمارات بثنائية في دوري أدنوك للمحترفين... المزيد
  • 05:18 . المظاهرات تجبر شركة إسرائيلية على بيع مصنعها في بريطانيا... المزيد
  • 05:17 . صور أقمار صناعية تظهر بناء مهبط طائرات على جزيرة يمنية وبجانبه عبارة "أحب الإمارات"... المزيد
  • 11:32 . موسكو تعلن دخول سفن حربية روسية إلى البحر الأحمر... المزيد
  • 10:30 . 111 مليون مستفيد في 105 دول من مبادرات محمد بن راشد العالمية في 2023... المزيد
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد
  • 12:22 . مساهمو "أدنوك للتوزيع" يعتمدون سياسة جديدة لتوزيع الأرباح... المزيد
  • 12:19 . "طاقة" و"جيرا" اليابانية تتعاونان لتطوير محطة كهرباء بالسعودية... المزيد

التدمير فالطوفان ثم التفكير في حلول

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 30-09-2015

كل المصائب الوطنية والكوارث القومية في أرض العرب تأخذ شكل تمثيلية من ثلاثة فصول: تبدأ بتدمير العمران والاجتماع، لتمر في مرحلة طوفان وفوضى وضياع، لتنتهي بالتفكير المتأخر المضطرب لإيجاد حلول انتهازية مغموسة بالدم والدموع.
ودوماً وأبداً يكون مخرج تلك التمثيليات، والمتحكم بكل تفاصيلها وممثليها وحتى ديكوراتها، هو الخارج، حتى لو استعان بين الحين والآخر بمساعدين مخرجين من الداخل للقيام بمهام يحددها لهم بكل دقة وخبث. اختيار مكان مسرح التمثيلية يخضع لتحقيق أهداف محددة تخدم مصالح كبار اللاعبين الأغراب في طول وعرض بلاد العرب. فقد يكون الهدف قاصداً الاستيلاء على ثروة نفطية، حتى لا تستعمل في بناء طموحات وطنية أو قومية، مثلما حدث في العراق. وقد يكون الهدف قاصداً استغلال البؤس وتجييش الفقراء لإحراج جيرانهم الأغنياء واستنزاف ثرواتهم المتعاظمة الآنية، كما يحدث في اليمن.
وقد يكون الهدف رامياً تدمير رمز عروبي راسخ في قلب التاريخ العربي وإخراجه من معادلات التوازن مع الكيان الصهيوني، كما حدث في سوريا. أو قد يكون الهدف راغباً في إعطاء درس في تأديب ومعاقبة كل من يحاول الخروج من تحت عباءة الدول الكبرى، حتى لو لفظياً، كما حدث في ليبيا.
إنها فقط أمثلة، وغيرها كثير، لتمثيليات تبدأ باستغلال مطالب شعبية مشروعة، لتنتقل بعد حين إلى خلط الأوراق لتشويه أصل المسألة برمتها، من خلال عمليات التدويل المتفاهم مع والمحرك لبلادات وحماقات التعريب المجنون والأسلحة الطائفية الهمجية، من أجل انتقال هذا المجتمع العربي أو ذاك إلى مرحلة التدمير الممنهج للدولة الوطنية ومجتمعها.
وما إن يتم ذلك وتدخل تلك الدول والمجتمعات في طوفان التقاتل بين مكوناتها الإثنية والدينية والمذهبية والثقافية والسياسية، وتنقلب الحياة فيها إلى جحيم لا يطاق، وتبدأ تباشير انقلاب السحر على الساحر، أو يكون تحقيق الهدف الأصلي قد وصل إلى مبتغاه، حتى يبدأ الجلاد القاتل المدمر يفكر في طرح حلول مغموسة بالدم والدموع والقيح، حلول لن تكون في أغلبها إلا حلولاً مؤقتة، في شكل استراحة المحارب، بانتظار الدخول في حروب وصراعات جديدة.
سينبري المتحذلقون بالقول بأننا نمارس اللعبة القديمة إياها: تحميل الغير الأغراب مسؤولية مشاكلنا. هذا هراء. نحن ندرك جيداً حجم الأخطاء والخطايا التي ارتكبها العرب بحق أنفسهم، عبر القرون والحقب المفجعة العبثية. لكن الغير الغريب موجود في أرضنا، متجذر في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وهو «يخيط ويبيط» في أرض العرب لأسباب داخلية وخارجية لا حصر لها ولا عد.
على ضوء تلك الصور التمثيلية، بمؤلفيها ومخرجيها ولاعبيها، يمكن الحكم على البكائية الهزلية التي يجري الإعداد لها الآن تحت مسمى بناء الجبهة الدولية ضد الخلافة الإسلامية الداعشية، لاحظ، فقط الداعشية، في العراق وسوريا.
إنها حبكة سريالية، مليئة بالغموض، طارحة لألف سؤال وسؤال، جاءت لإنقاذ الجلاد القاتل وليس الضحية البريئة، ولذلك تحمل في طياتها كل التناقضات.
أمريكا التي خلقت الحركة الجهادية الإسلامية لمحاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ثم حاربتها في أفغانستان، ولكن سمحت لها بالانتقال إلى العراق لتساهم في مؤامرة إثارة النعرات الطائفية في ذلك القطر، ثم انسحبت من العراق المدمر من قبل قواتها وعملائها لتتركه نهباً للطائفيين المجانين وللداعشيين الهمج، ثم ظلت هي والحلف الذي خلقته تتفرج على التمدد الداعشي من العراق إلى سوريا، بينما انشغلت مع بعض حلفائها العرب في خلق داعشيين أخر بمسميات أخرى مثل جبهة النصرة، وأسماء غامضة لجبهات وجيوش من الجهاديين التابعين لهذه الجهة العربية أو تلك الجهة الاستخباراتية الأجنبية.. أمريكا هذه تتحدث الآن عن تكوين تحالف دولي جديد، بقيادتها بالطبع، سيضم كل من هب ودب من قوى متناقضة في أهدافها وأدوارها التي تلعبها. فتركيا، التي فتحت حدودها لكل داعشي من كل بلاد العالم ليدخل سوريا، مدعوة إلى هذه الوليمة. وإيران التي ساهمت في خلق أجواء طائفية في العراق، أدت إلى صعود «داعش» هي الأخرى مدعوة. وبلاد عربية ساهمت في تمويل وتجييش وتدريب أشكال من القوى الجهادية في العديد من الأقطار العربية، ومن بينها العراق وسوريا، هي الأخرى مدعوة.
وروسيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، من الذين يريدون حصة من الكعكة العربية، تحت شعارات تبدو إنسانية متحضرة، بينما تخفي انتهازية سياسية، هم الآخرون مدعوون أيضاً.
وهيئة الأمم المتحدة، التي تتكلم كثيراً وتفعل قليلاً، والجامعة العربية التي يخيم السكون على أروقة مساراتها، هي الأخرى ستدعى لتساهم في تأليف وتلحين موسيقى خلفية لهذه التمثيلية.
هل يمكن لهذه السريالية أن تنتج تحفة فنية مفهومة؟ سؤال أخير: أين المشاهدين لهذه التمثيلية من شعوب هذه الأمة المستباحة، وهم ينتظرون الذبح؟