أحدث الأخبار
  • 07:00 . دراسة تربط بين تناول الأسبرين وتحقيق نتائج إيجابية لدى مرضى السرطان... المزيد
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد
  • 07:38 . الإمارات: كثرة استخدام "الفيتو" يفقد قرارات مجلس الأمن الشرعية... المزيد
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد

أمة في دائرة الخطر

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

خليفة راشد الشعالي
يتداول بعض المستغربين من مثقفينا عباراتٍ يعتقدون أنها مسيئةٌ ومستَفِزَة لمشاعر عرب الجزيرة، حيث يتهمونهم بالبداوة، وأنهم ليسوا أكثر من رُعاة إبلٍ وخيلٍ وماشية، وعلى العكس مما يعتقدون، فتلك تُهمَةٌ لا يبرأ منها العربي الأصيل، بل هي صفة يُفاخِرُ بها العرب ويفخرون أنهم من ساسَة الخيل والإبل والماشية، فهذه المهنة جزءٌ أصيلٌ من تراثهم، وهي مكونٌ أساسٌ من مكونات هويتهم.

ويتفاخرون بكونهم من أول الجماعات البشرية التي رَوّضَت هذه الكائنات وسخرتها لخدمة الإنسان ولعمارة الأرض، وعبر هذه الرحلة الطويلة والممتدة إلى أزمان غابرة، لم تبخل عليهم هذه الكائنات الجميلة بما لديها، فأعطتهم الكثير وتعلموا منها بقدر ما علموها ودربوها، وبلغة هذا الزمان؛ تبادلوا معها المعرفة، وتعززت في نفوسهم بسبب هذه العلاقة الحميمة قيم فطرية، من سلوك هذه الكائنات، حيث رأوا في بعضها الأنفة والصبر والوفاء والعطف وعدم نكران الجميل . ولهذا، عطفوا عليها وصارت الرأفة بها شيمة من شيمهم، فخلد الأولون منهم حبها شعراً ونثراً، فقال طرفة في الإبل: وَإِني لأُمْضِي الهَم عِنْدَ احْتِضَارِهِ بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي * يَشُق حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا كَمَا قَسَمَ الترْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ . واعتنى بها المحدثون، رداً للجميل واعترافاً لها بمساهماتها في استمرار الحياة وبقاء الإنسان على هذه الأرض التي كانت هذه الكائنات من عماد الحياة فيها.

العرب لا تحب هذه الكائنات تصنعاً ولا تزلفاً، ولا تجاملها مجاملةً، فهي في أعرافهم تتعرف إلى من يحبها وتقترب منه وتبادله الحب، وتجفل ممن يضمر لها العداوة ويبغضها وتبتعد عنه، وعلى النسق نفسه تسير علاقتهم مع الإنسان الآخر فيما يتعلق بقراءة لغة الجسد والتعرف إلى مشاعر الآخر . . . فالعين تعرف من عيني محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها.

والعرب - مثلهم مثل باقي الشعوب والأمم - يخطئون ويصيبون، وهم إلى الصواب أقرب في سلوكهم إذا ما اعتمدوا معيار قيمهم التي توارثوها؛ لأنها تعبر بشكل واضح عن هويتهم الأصيلة، وإذا ما أخفقوا وتنكروا لقيمهم فإنهم لن يكونوا إلا مسخاً من المسوخ المتكررة في هذا الكون الفسيح . وفي هذا السياق، يبدو أن عرب هذا الزمان بدأوا بنزع قيمهم شيئاً فشيئاً، أو أنهم يتنازلون عنها ابتغاء مرضاة الآخر، الذي أثبت التاريخ أنه لن يرضى عنهم إلا إذا اتبعوا ملته، وألقوا بورقة التوت الأخيرة من على أجسادهم . والشواهد في بلادالعرب كثيرة، وأبرزها ما عبرت عنه إحدى الصحف الأجنبية الموثوقة قبل أيام، ولمتمثل في مشروع -حضاري- ستقوم به وزارة الأسرة في دولة أوروبية، يتم بمقتضاه تبني خمسة وخمسين ألف طفل سوري - من الذكور والإناث - في هذه الدولة، وقد تناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر دونما تعليق من الجامعة العربية أو المؤسسات الوطنية، العربية والإسلامية ولا حتى السورية، الأمر الذي يمثل صفعةً إلى القيم العربية، بل هي كارثة تحل بهذه الأمة، التي لم تستطع أن تحتضن أبناءها وتأويهم من التشرد والضياع والبرد، وتأمنهم من الجوع والخوف.

وللعلم فإن هؤلاء الأطفال جزء بسيط من ملايين الأطفال في سوريا والعراق والصومال واليمن ومصر وقبل ذلك فلسطين، والمبادرة الألمانية لا تعدو كونها مبادرة رمزية رَوّجَتها وتُشهِرَها هذه المجلة لِتَستَفِزَ مشاعر الأوروبيين والأمريكيين والكنديين والأستراليين من أجل القيام بمبادرات مماثلة . وأمام وضع مثل هذا تكون قِيَمُ الأمة مَحَل نَظَر، بل نجزم أن كل الأمة محل نظر، والقائمون عليها إما أنهم مغيبون في دهاليز السياسة وفي أبراجها العاجية وفي بحور التنافس على قيادتها، أو أنهم لا يدركون خطورة تهالك القيم في مجتمعاتهم وفناء الهوية، وفي كلتا الحالتين هم يرتكبون خطيئةً لا تغتفر، فقديماً قيل: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ.