أحدث الأخبار
  • 10:18 . علماء: التغيّر المناخي "على الأرجح" وراء فيضانات الإمارات وعُمان... المزيد
  • 09:32 . عقوبات أمريكية على أفراد وكيانات لعلاقتهم ببيع "مسيرات إيرانية"... المزيد
  • 09:02 . الاحتلال الإسرائيلي يسحب لواء ناحال من غزة... المزيد
  • 07:55 . حاكم الشارقة يقر إنشاء جامعة الذيد "الزراعية"... المزيد
  • 07:37 . استمرار الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية على حرب غزة والعفو الدولية تدين قمعها... المزيد
  • 07:33 . صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية... المزيد
  • 07:32 . "أرامكو" السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة على حساب مجموعة صينية... المزيد
  • 07:00 . دراسة تربط بين تناول الأسبرين وتحقيق نتائج إيجابية لدى مرضى السرطان... المزيد
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد

الشيخ زايد والانتصار للإنسان

الكـاتب : أحمد أميري
تاريخ الخبر: 30-11--0001

أحمد أميري

استيقظ أهالي العين في خمسينيات القرن الماضي على حادثة نادرة الوقوع في تلك المدينة المنزوية بعيداً وسط واحات النخيل. كانت جريمة قتل عمد، الجاني فيها رجل من أبناء البلد، والمجني عليه هندي هندوسي.

لم تكن هناك محاكم آنذاك أو تشكيلات قضائية، وإنما شيخ دين يقضي بين الناس وفق النصوص الشرعية وآراء أئمة المذاهب الفقهية، وكان الحاكم - باعتباره صاحب ولاية القضاء والقاضي وكيله عليها- يؤدي دوراً قريباً من الدور الذي تقوم به محاكم النقض في زماننا هذا، فكان يحيل الأمر إلى قاضٍ آخر إن رأى أن القاضي الأول قد جانب الحق والعدل في حكمه.

أُخذ القاتل إلى القاضي الذي لم يلزمه إلا بأن يسدد تكاليف نقل جثمان القتيل إلى بلده، فأحال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد -رحمه الله- وكان حاكماً للمنطقة الشرقية آنذاك، الأمر إلى قاضٍ آخر، فأقر حكم القاضي الأول، فأحال الشيخ زايد الأمر إلى قاضٍ ثالث، فأصدر حكمه العادل بالقصاص من القاتل.

وقد يعتبر بعضهم أن الأمر عادي، فالقاتل يُقتل بكل بساطة، لكن القضية أكبر من ذلك، إذ للفقهاء في مسألة قتل المسلم بغير المسلم (من غير المحاربين بطبيعة الحال) ثلاثة آراء، الأول يرى أن المسلم لا يُقتل بغير المسلم أبداً، والثاني يرى أنه يُقتل به إن كان القتل غيلة (يعني بالاغتيال أو بالخديعة)، والثالث يرى أن المسلم يُقتل بغير المسلم.

ومن دون الخوض في أدلة أصحاب كل رأي، فإن الرأي الثالث -وهو الذي يأخذ به القضاء الإماراتي حالياً- هو الأقرب إلى مفهوم المساواة بين الناس، والذي تستقيم معه أمور البلاد والعباد، والذي يحقق مقاصد الشريعة في صون الدماء وتحريم إراقتها بلا مسوغ شرعي.

لذلك، حين يتحدث الإماراتي عن إرث التسامح، والذي من شروطه بالبداهة المساواة بين الناس، فإنه لا يتكلم من فراغ، ولا يقول عبارات إنشائية جميلة ليكون مقبولاً في عالم اليوم الذي يكافح التمييز بين البشر على أسس دينية أو غير دينية. أعني أن الإماراتي غير معن أصلاً بالذهاب إلى حفل التسامح العالمي، ليلتقط صوراً مع المتسامحين الجدد أو المتسامحين بشروط.

نحن نتحدث عن فترة الخمسينيات، وعن جريمة وقعت في مدينة بعيدة ترقد في وسط الصحراء، وعن ضحية لا ينتمي إلى أهل البلد، وليس له فيها أهل ولا ولد، وعن قاتل له قوم وعشيرة، من الصعب عليهم أن يتقبّلوا القصاص من ابنهم، وكان أمام الشيخ زايد -رحمه الله- مخرج شرعي، أعني الرأي الذي يقول إن المسلم لا يُقتل بغير المسلم، وكان يمكن أن يمر القاتل من خلال ذلك المخرج الفقهي ويعود إلى أهله، ويذهب دم ذلك الهندي البريء هدراً، ويذهب جثمانه إلى ذويه على نفقة قاتله!

ولو كان الشيخ زايد قد فعل، وأمضى حكم القاضي الأول أو الثاني، لما لامه أحد من رعيته، بل على العكس، كان هذا أحب إليهم، ولما وقع في حرج من دينه، لكنه كان -رحمه الله- إنساناً، ينتصر للإنسان بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ومسلماً يدرك مقاصد الإسلام الكبرى، وهي إقامة العدل والمساواة بين الناس، من دون أن ينتظر إشادة من منظمة دولية أو احتفاء في جريدة عالمية.