أحدث الأخبار
  • 10:18 . علماء: التغيّر المناخي "على الأرجح" وراء فيضانات الإمارات وعُمان... المزيد
  • 09:32 . عقوبات أمريكية على أفراد وكيانات لعلاقتهم ببيع "مسيرات إيرانية"... المزيد
  • 09:02 . الاحتلال الإسرائيلي يسحب لواء ناحال من غزة... المزيد
  • 07:55 . حاكم الشارقة يقر إنشاء جامعة الذيد "الزراعية"... المزيد
  • 07:37 . استمرار الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية على حرب غزة والعفو الدولية تدين قمعها... المزيد
  • 07:33 . صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية... المزيد
  • 07:32 . "أرامكو" السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة على حساب مجموعة صينية... المزيد
  • 07:00 . دراسة تربط بين تناول الأسبرين وتحقيق نتائج إيجابية لدى مرضى السرطان... المزيد
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد

إبهامُ «زوربا»

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 30-11--0001

ياسر حارب

يقول زوربا اليوناني: «عديدة هي أفراح هذا العالم؛ النساء والفواكه والأفكار». وإذا فكرتَ فيما يجلب لك السعادة وتمعنتَ حولك قليلاً، فستجد بأن أفكارك فقط كافية لجلب كل شيء جميل. ولا أتحدث هنا عن قانون الجذب، بل عن قدرتك على بناء عوالمك الخاصة، وتصوير حياة جميلة بعدسة أفكارك.

هل دخلتَ المستشفى مرة وبينما أنت مكتئب من رائحة الدواء وتأوهات المرضى وسذاجة الطعام، راودتك فكرة أنك ستخرج من ذلك المكان يوما ما وتمشي على الشاطئ، وتذهب إلى السينما، وترتاد المطارات، وتحلق في السماء، وتلتقط صورا أمام برج إيفل، أو على العتبات الإسبانية في روما؟

إن التفكير المجرد والبسيط في أمور كهذه كفيل بتحويل غرفة المستشفى المليئة بمصابيح النيون البيضاء، التي تسكب التعاسة والقلق على ساكنيها، إلى مكان مقبول، وربما جميل لبعض الوقت، كمحطة القطار التي، رغم امتلائها برائحة المحروقات والزيوت، إلا أننا نحبها كثيراً.

أتعلمون لماذا؟ لأنها بوابة تُفضي بنا إلى عالم الترحال الروائي. فمهما تنوعت أساليب السفر، يبقى القطار أكثرها عذوبة ورومانسية.

إلا أن الفكرة الأكثر جلباً للسعادة هي الحُب؛ لأنه المعجزة الوحيدة الباقية في الأرض. سألني أحدهم مرة كيف يمكن للحب أن يكون معجزة؟ فقلتُ له لأنه يدفعنا للتغلب على المستحيل. الحب يزرع فينا الشجاعة، ويُظللنا بالأمل والحماسة، ويساعدنا لنجد الأشياء المفقودة في حياتنا.

إنه ما يجعلنا نتبرع بإحدى كليتينا إلى من نُحب، ونعمل في وظيفتين لِنُعيل من نُحِب، ونسهر طوال الليل إذا مرض من نُحب. الحب يعيد القيم الكُبرى إلى حياتنا، كالعدالة، والرحمة، والتسامح، والتضحية، والصبر، والوفاء وغيرها. فكرة الحُب وحدها، ناهيك عن فعله، يجعلنا نقوى على ظلمة السجون عشرات السنين، ثم عندما نخرج نبتسم ونصفح ونتجاوز.

عندما نُحب فإن كل شيء نفعله يصبح جميلا؛ لأنه حينها يكون ذا معنى. فلا شيء أعذب من أن تعمل حتى ساعة متأخرة ثم تغادر عملك وأنت تعلم بأن من تُحب ينتظرك الآن. إن انتظار من نُحب عملٌ لا نمل منه، كالدعاء والسفر. وعندما تعلم بأن هناك من يفكر فيك الآن فإنك لا تكون وحيداً.

إن قدرتنا على التفكير والتخيل لا تضاهيها قوة أخرى في الكون؛ فالأفكار تصنع حقيقتنا.. إنها العالم الذي نبنيه دون تدخل من أحد، تماماً مثلما يفعل مهندسو الألعاب الإلكترونية، أو مثلما يفعل الأطفال عندما يلعبون لعبة (ليجو)، فتَراهم لا يكترثون بالتعليمات المرفقة مع صندوق اللعبة، لأنهم يثقون بأفكارهم، ولأنها تُرشدهم إلى فعل ما يُحبون.

إن العشاق كالأطفال؛ يستطيعون السفر عبر الزمن، يمتطون أفكارهم، ويشقّون طُرقاتهم على سكة شغفهم. الأطفال والعشاق يرون الأرواح لا الأبدان، يلمسون القلوب ويسمعون هتافاتها؛ لذلك لا يملّون.

إن من يملكون أفكارهم يثقون بها، ومن يفعل ذلك يعيش كيفما يشاء. كزوربا اليوناني الذي قطع إبهامه لأنه كان يُعيقه عن صناعة الفخار، ويُفسد ما كان يُحاول صُنعه كلما أدار الدولاب وتكوّم الطين عليه.

لقد أدرك زوربا أن صناعة ما يُحب أهم عنده من إبهامه؛ فبَتَرَهُ ليجد الحُرية، وتلك مُعجزة أخرى مثل الحب. الحياة تشبه دولاب زوربا، والحب هو الطين الجميل المُكدس عليها، وكثير من أفكارنا تُشبه إبهامه.

إن الحرية قادرة على إطلاق كل شيء جميل فينا، إنها أشبه بفتح قفص مليء بالطيور الملونة وإطلاقها، في تلك اللحظة فقط يتبسم قوس المطر؛ لأنه يدرك حينها أن في الكون ما هو أجمل منه حتى يستمتع هو أيضاً برؤية الأشياء الجميلة.

إن من يقع في الحُب يرتفع بالحُرية؛ لأنه حينها يتخلص من حُب الأشياء إلى حب الأرواح، من عِشق ما يبلى إلى ما يبقى. في تلك اللحظة فقط تصير الفكرة نقية، وتصبح الأبدان شفافة كالبلور، نرى من خلالها الحنان والشغف، مثلما نرى الأسماك في حوض جميل. أن نُحب من نشاء، أن نُفكّر بحرية، أن نكون مَن نُريد، تلك حاضِناتُ السعادة.

 يقول زوربا: «هذه هي الحرية؛ أن تهوى شيئا ما، وتجمع قطع الذهب، وفجأة، تتغلب على رغبتك وترمي كنزك في الهواء.. أن تتحرر من هواك لتخضع لهوى آخر أكثر نُبْلا منه». لو قُدِّر لي الآن أن أختار فكرتي لكانت قضاء بقية عمري في عيني مَن أُحب؛ فتلك هي السعادة الحقيقية.