أحدث الأخبار
  • 12:51 . على حساب الهلال السعودي.. العين يبلغ نهائي أبطال آسيا للمرة الرابعة في تاريخه... المزيد
  • 09:49 . تقرير: أبوظبي تشارك بنقل الفلسطينيين من رفح تمهيداً لاجتياحها من قبل الاحتلال... المزيد
  • 09:40 . جوجل تطرد 20 موظفًا احتجوا على صفقة مع الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 09:39 . أمير الكويت يبدأ زيارة رسمية إلى الأردن... المزيد
  • 08:25 . تسعير خام دبي لشهر يوليو بخصم 0.10 دولار عن خام عمان... المزيد
  • 08:20 . استثنى "سكاي نيوز".. السودان يعيد عمل مكاتب قناتي العربية والحدث السعوديتين... المزيد
  • 07:18 . النفط يتراجع إثر تقييم تداعيات العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران... المزيد
  • 07:15 . أبو عبيدة: سنواصل ضرباتنا ومقاومتنا ما دام عدوان الاحتلال مستمراً... المزيد
  • 07:01 . الإمارات وعُمان توقعان شراكات استثمارية بـ 129 مليار درهم... المزيد
  • 06:47 . بيان إماراتي عُماني مشترك يدعو لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر التصعيد... المزيد
  • 06:39 . تقرير: السعودية أكثر دول الشرق الأوسط إنفاقاً في المجال الدفاعي... المزيد
  • 01:05 . وزير الخارجية الإيراني يصف عقوبات الاتحاد الأوروبي بأنها “مؤسفة”... المزيد
  • 01:03 . الاحتلال يقصف شواطئ غزة ويكثف غاراته وسط القطاع... المزيد
  • 12:08 . ألم المستقيم.. أسبابه وطرق علاجه... المزيد
  • 11:33 . "دوكاب" تخطط لإنتاج قضبان الألمنيوم الأخضر... المزيد
  • 11:32 . حاكم الشارقة يؤكد عودة الأمور إلى طبيعتها في الإمارة خلال ثلاثة أيام... المزيد

تصحيح التاريخ الأميركي الإيراني أم تزويره!

الكـاتب : محمد الرميحي
تاريخ الخبر: 30-11--0001


يبدو أن هناك محاولة، على المستوى البحثي على الأقل، لإعادة زيارة أميركية للتاريخ الحديث من زاوية تفسير وتبرير التدخل الأميركي في شؤون الدول والمجتمعات الأخرى إبان الحرب الباردة، في السنوات التي أعقبت الحرب العظمى الثانية. تقدم تلك الزيارة تفسيرا مختلفا للمعروف والسائد من الأحداث. مجلة «فورن افيريز» في عددها الأخير (يوليو/تموز أغسطس/آب 2014) قامت بإعادة الزيارة لأحداث كل من إيران 1953 والكونغو 1961 وباكستان 1971 وتشيلي 1973، وهي إعادة قراءة لافتة للنظر وتستحق المناقشة. الملف كبير، وما سوف أناقشه هنا هو الأحداث الإيرانية لأنها منذ عام 1953 حتى اليوم ما زالت تُسمع وتؤثر في شؤون منطقتنا.

في البداية لا بد من التذكير أن استراتيجية الجمهورية الإسلامية منذ قيام الثورة عام 1979، تجاه الولايات المتحدة، قامت على أن الأخيرة هي التي أجهضت الثورة القومية في بداية الخمسينات من القرن الماضي، نتيجة قيام الشعب الإيراني (حكومة مصدق) بتأميم شركة النفط، التي كانت مملوكة للحكومة البريطانية، وأن ذلك الموقف، أي إجهاض ثورة مصدق، يمكن أن يعاد من جديد في سيناريو لإجهاض الثورة الإسلامية، على تلك الاستراتيجية تمحور العداء للولايات المتحدة لدى السلطة السياسية الإيرانية، والشعب الإيراني بالتبعية حتى غدت الولايات المتحدة في أدبيات النظام وشارعه، «الشيطان الأكبر»، وغدا شعار «الموت لأميركا» هو الشعار المسيطر على الجماهير الإيرانية في الداخل الإيراني وأيضا على جماهير أخرى عربية تدين بنفس الأفكار التي تتبناها الجمهورية الإسلامية، فتناصب الولايات المتحدة العداء المعلن، هذه القاعدة الاستراتيجية الثابتة، بنيت على الكثير من الحقائق المعروفة وقتها، التي تم نشرها من أشخاص شاركوا في العاصفة التي مرت على طهران بين عام 1951 و1953، وهي مرحلة الصراع الإيراني البريطاني أساسا حول النفط وملكيته. الحقائق الجديدة تنفي ما بُنيت عليه تلك الاستراتيجية، وتنسف قواعدها المعلوماتية من أساسها.

المقالة حول إيران تقدم الدليل التاريخي، وكاتبها (ري تقي) أميركي من أصول إيرانية، له عدد من المؤلفات حول إيران، يعطي تفسيرا جديدا، غير ذلك السائد، يركز الكاتب على أن الولايات المتحدة في البداية حاولت التوسط بين الحكومة الإيرانية والسلطة البريطانية عندما نشب النزاع بينهما، وذاك أمر معروف تاريخيا، وفشل ذلك التوسط، كما أن المقال لا ينكر المحاولة التي قامت بها كل من المخابرات الأميركية والبريطانية لإحداث انقلاب ضد مصدق بالتعاون مع شاه إيران (المتردد كما يصفه المقال) إلا أن تلك المحاولة الانقلابية قد فشلت، ونتيجة الفشل أن شاه إيران وقتها قد هرب من البلاد خوفا من افتضاح دوره فيها، أولا التجأ إلى بغداد ثم إلى روما، مخلفا وراءه سلطة رئيس الوزراء محمد مصدق، وبيدها كل الشأن الإيراني. يضيف المقال أن ما حدث بعد ذلك هو الأكثر أهمية، وهو أن رجال الدين، وعلى رأسهم آية الله كاشاني ورجال القوات المسلحة الإيرانية، خوفا من سقوط إيران في يد الحزب الشيوعي الإيراني (تودة) الذي تعاظم نفوذه في تلك الفترة، هُم من سيروا المظاهرات المنظمة التي طافت شوارع طهران وبعض المدن الإيرانية رافعة شعار (عاش الشاه) تلك المظاهرات هي التي أدت في النهاية إلى سقوط، ومن ثم محاكمة، محمد مصدق ورجال حكومته.

يعود الكاتب إلى الأرشيف الأميركي الذي توفرت وثائقه مؤخرا، ينقل عن وثيقة مراجعة تمت في عام 1954 من قبل المخابرات الأميركية، تشير إلى أن المحاولة (الانقلاب) قد جربت وفشلت. كما أن وثيقة بريطانية أخرى يعود إليها الكاتب تشير إلى (علينا أن نعترف بأننا عاجزون على الاستمرار في القتال) طبعا ضد حكومة مصدق. النتيجة النهائية للمقال أنه على عكس الشائع، فإن محاولة الولايات المتحدة وبريطانيا تغيير النظام في إيران لم تنجح، من غير النظام في الحقيقة هم جماعات من الشعب الإيراني بقيادة رجال الدين وكبار الضباط، حبا في الشاه وولاء له، وأيضا خوفا من سقوط إيران وراء الستار الحديدي وقتها بوصول حزب تودة الشيوعي إلى الحكم.

تلك حقائق جديدة تعرض على ساحة الصراع الإيراني الأميركي التي احتدمت في غضون الثلاثين عاما ونيف حتى الآن، وهي ربما تمهيد معقول لإسقاط شعارات مثل الشيطان الأكبر والموت لأميركا. ولكن، وهي (لكن كبيرة)، إن قبل بهذا التفسير بعض الأوساط العقلانية في الولايات المتحدة، واستطاعت التخلي عن الفخر الزائد الذي تبنته بعض الأجنحة في المخابرات الغربية، ومن بينها كرمت روزفلت رجل المخابرات الأميركي وكتابة (الانقلاب المضاد) الذي ادعى فيه، على غير الحقيقة، أن الانقلاب ضد مصدق نجح بسبب ما قامت به أجهزة المخابرات، فهل تقبل بهذا التفسير الأوساط الإيرانية الحاكمة، بعد كل هذا الجهد الدعائي الذي استفادت منه أولا لتركيز سلطتها في الداخل، وثانيا من أجل إشاعة موقف مضاد للولايات المتحدة والغرب لدى أطراف تابعة لها وبينها أطراف عربية! أم أن هناك فرصة لإعادة النظر تدريجيا ولتصحيح المواقف والأحداث، بعد التأكد أولا من خرافة القدرة على إسقاط نظام رجال الدين، وأيضا من عدم تدخل أميركي نشط في المجال الحيوي لإيران، والتسليم بمصالحها في الإقليم. في السياسة كل شيء جائز!!!

كاتب المقال ينقل بوضوح جزءا من تقرير رسمي كتب وقتها يقول: إن (البيت الأبيض وقيادة المخابرات الأميركية وسفارة الولايات المتحدة في طهران، كلها تشترك في الرأي أن الانقلاب قد فشل، وأن الوقت هو وقت الاعتراف بالواقع).

هل يمكن لهذه العبارات أن تجدد اليوم، خاصة في ضوء إدارة السيد باراك أوباما الذي أشار مبكرا في خطابه عام 2009 في القاهرة (الولايات المتحدة قامت في الشرق الأوسط، وفي ظروف الحرب البادرة، بالإطاحة بحكومة إيرانية منتخبة ديمقراطيا)، كان ذلك الكلام خطوة تصالحية وقبولا حتى بالخرافة، من باب الاسترضاء، وبعد خمس سنوات من ذلك القول التصالحي أصبحت نتائجه تدريجيا تظهر للعيان!