أحدث الأخبار
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد
  • 07:38 . الإمارات: كثرة استخدام "الفيتو" يفقد قرارات مجلس الأمن الشرعية... المزيد
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد
  • 10:54 . "الأرصاد" يحذر من تشكل الضباب وتدني مدى الرؤية... المزيد

تحديث مجلس التعاون الخليجي

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 08-12-2017

اما وأن مجلس القمة لدول مجلس التعاون الخليجي قد انعقد في الكويت، فإن من الضروري أن يدرك القادة المجتمعون بأن مناسبة هذا الاجتماع، تحت الظروف المعقدة الخطرة التي نعيشها، كانت مناسبة متميزة إلى أبعد الحدود عن كل المناسبات السابقة.
وإذا كانت مؤسسات المجتمعات المدنية في كل تلك الدول، لم تفصح بما فيه الكفاية عن النتائج التي تنتظر أن يسفر عنها هذا الاجتماع التاريخي، فلأن هشاشة هذه المؤسسات، وضعف صوتها في الحياة العامة هو السبب في وجود ذلك الضعف في الإفصاح. لكن تاريخ مسارات حياة تلك المجتمعات قد عبّر بأشكال كثيرة عما تموج به تلك المجتمعات من مشاعر وآمال وثوابت، بحيث سيحتاج القادة إلى أخذها بعين الاعتبار أثناء مداولاتهم وساعة اتخاذ قراراتهم في الحاضر والمستقبل.
فأولا، إن الغالبية الساحقة من مواطني دول المجلس لن تقبل، تحت أية ذريعة كانت، بتفكيك مجلس التعاون أو إضعافه أو حرفه عن أهدافه، التي سطّرها النظام الأساسي عند قيام المجلس. العكس هو الصحيح، فالمواطنون ينتظرون أن تجري حوارات صريحة وموضوعية وناقدة لكل الأخطاء والخطايا التي ارتكبت في الماضي، أيا تكون الجهات وأيا يكون المسؤولون، والاتفاق على تصحيح كل ذلك. والحوارات الأهم هي المستقبلية التي ستجنب المجلس حدوث خضات وخلافات عميقة تُدخل المجلس في دوامة الصراعات والإعلام المبتذل بين الدول من جهة، وتشوه العلاقات والمشاعر القومية في ما بين شعوب المجلس من جهة أخرى. ويستطيع القادة، لتجنب أي حرج يخافونه، تكوين مجموعة من المؤرخين والمفكرين والفاعلين السياسيين، بالتنسيق مع أمانة المجلس، لإجراء مراجعة تحليلية نقدية تركيبية لمسيرة المجلس منذ إنشائه، ولتقديم توصيات لتجنب الأخطاء، ولوضع أسس ومحددات تحكم العلاقات في داخل المجلس.
وبصراحة، فلن يغفر المواطنون لمن يضع أية عراقيل أمام وضع المجلس مستقبلا في المسارات التنموية والسياسية والالتزامات القومية العربية الجامعة الصحيحة. إذ تكفي الأخطاء التي ارتكبت في الماضي بحق النهوض الحضاري والتنمية الإنسانية الشاملة المطلوبين، والتزامات دول المجلس القومية تجاه أمتها العربية، وعدم ارتهان أي من دوله لقوى الخارج الاستعمارية والصهيونية والإقليمية الطامعة، أو ارتباطها بأي شكل كان بقوى الجنون الجهادي الإسلامي الإرهابي، نكاية بهذه الجماعة أو بذاك النظام.
وثانيا، إذا كان المسؤولون في دول المجلس يريدون حقا تحديث وعصرنة الحياة في دولهم، كما تشير إليه الاستراتيجيات والتصريحات، فإن الحداثة الفاعلة المنسجمة مع متطلبات حضارة العصر تتطلب كأولوية قصوى بناء توازن صحيح مستقر في ما بين سلطة الدولة ومجتمعها. فالسلطة هي توازن ندي في ما بين القوى السياسية والاجتماعية في المجتمعات، ومن أجل قيام ذلك التوازن لابد من وجود مجال سياسي نشيط مستقل حديث، والانتقال لإلباس الشرعية بالديمقراطية، والتزام الدولة بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه كل مواطنيها، خاصة فقراءها وذوي الحاجة فيها، والقبول الدستوري والقانوني بتمثيل المجتمع الاجتماعي والسياسي لدى الدولة من أجل أن يكون المجتمع متوازنا مع سلطة الدولة وقدراتها الهائلة.
مناسبة ضرورة الدعوة لمثل ذلك التفكير السياسي بالنسبة للدولة والمجتمع، هي انتقال دول مجلس التعاون في الآونة الأخيرة من دول معنية في الأساس بأمورها الداخلية، والتركيز على بناء نفسها المادي والاقتصادي، انتقالها إلى رغبات ومحاولات، بما تحمله من مخاطر والتزامات اقتصادية وعسكرية هائلة، للعب أدوار ثقيلة معقدة في المجالات العربية والدولية. إن تلك الرغبات والمحاولات للعب أدوار جديدة ستعني في النهاية تحميل المجتمعات والشعوب عبئي نجاحاتها، ولكن أيضا أعباء فشلها وانتكاساتها. من هنا فإن علاقات العصبية والأبوية التي قامت عليها دول مجلس التعاون منذ عقود، أي بعد حصولها على استقلالها من سيطرة القوى الاستعمارية، ما عادت كافية لبناء دول حديثة. هنا يجب التذكير بأن الدول والمجتمعات ليست اقتصادا فقط، بل إنها تاريخ وهويات وثقافة وعلاقات اجتماعية، وطموحات مستقبلية وتقاسم للخيرات وتعاضد في الملمَات. وضع معقد كهذا يحتاج إلى أكثر من راع ورعية، من والد وأبناء، من ولاء لهذا العصبية أو تلك ومن شرعيات تاريخية لا تتطور مع الزمن ومع روح العصر الذي تعيشه.
فالشرعية التاريخية ستحتاج إلى روافد وروافع مجتمعية، سياسية ونقابية ومهنية وثقافية، لكي تبعد نفسها عن الابتزازات الدولية العولمية، أو الانبهارات المضللة المشوشة بهذه الشخصية السياسية الدولية أو تلك. إن المواطنين يرغبون بصدق ومحبة واشفاق، الخروج من أحوال الجحيم الذي عاشته مجتمعاتهم في السنين الأخيرة. إنهم يريدون وحدة دول مجلسهم لمواجهة العواصف. إنهم يريدون أن يلعب مجلسهم دورا قوميا عروبيا متساميا في نهضة أمتهم العربية وفي حماية وطنهم العربي الكبير، لكن ذلك يحتاج إلى مراجعة حقيقية للأسس الحديثة التي يجب أن تقوم عليها العلاقة المتوازنة ما بين سلطة الدولة وسلطة المجتمع. لعل الآلام والدموع والدماء العربية التي لطخت جبين أمتنا العربية في الآونة الأخيرة تدفع جميع أقطار الوطن العربي لبناء تلك العلاقة المتوازنة التي تحدثنا عنها.