أحدث الأخبار
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد
  • 10:54 . "الأرصاد" يحذر من تشكل الضباب وتدني مدى الرؤية... المزيد
  • 10:34 . "لا حرية للتعبير".. أمريكا تواصل قمع المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين... المزيد
  • 10:22 . لمواصلة الإبادة في غزة.. الاحتلال يشكر الشيوخ الأمريكي على إقراره المساعدة العسكرية... المزيد
  • 10:19 . أرسنال يسحق تشيلسي بخماسية ويستعيد صدارة الدوري الإنجليزي مؤقتاً... المزيد
  • 12:51 . على حساب الهلال السعودي.. العين يبلغ نهائي أبطال آسيا للمرة الرابعة في تاريخه... المزيد
  • 09:49 . تقرير: أبوظبي تشارك بنقل الفلسطينيين من رفح تمهيداً لاجتياحها من قبل الاحتلال... المزيد
  • 09:40 . جوجل تطرد 20 موظفًا احتجوا على صفقة مع الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 09:39 . أمير الكويت يبدأ زيارة رسمية إلى الأردن... المزيد
  • 08:25 . تسعير خام دبي لشهر يوليو بخصم 0.10 دولار عن خام عمان... المزيد
  • 08:20 . استثنى "سكاي نيوز".. السودان يعيد عمل مكاتب قناتي العربية والحدث السعوديتين... المزيد

قمة القدس باسطنبول وتحدي أمريكا

الكـاتب : محمد زاهد جول
تاريخ الخبر: 16-12-2017

من المؤكد أن بعض الناس لن تعجبهم نتائج قمة القدس لمنظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية باسطنبول، التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 13/12/2107 ردا على قرار الرئيس الأمريكي يوم 6/12/2017.
ولن نجادل في إن أولئك المعترضين محقون أو غير محقين، ولكننا سنناقش أمرا نجحت فيه القمة الإسلامية على صعيد تحدي أمريكا حول القدس، وبالأخص في رفض اعتبارها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني الإسرائيلي، أي في مجال الصراع السياسي والقانوني، بموجب النظام الدولي القائم، وبموجب قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية منذ عام 1947، وبالأخص القرار 181 الصادر في ذلك العام، واعتباره القدس أرضا محتلة، لا يجوز تغيير وضعها القانوني إلا بموجب اتفاق بين أطراف الصراع.
وقد يكون من غير المفيد إعادة نقاش قانوني تناولته القمة الاسلامية الأخيرة أو غيرها من المؤتمرات الفلسطينية والعربية والاسلامية بهذا الخصوص، على الرغم من أهميته الكبرى، وقد تحقق للقدس انتصار كبير على مستوى الدول الاسلامية وحكوماتها وشعوبها، بأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وهذه سابقة لم تكن الدول الإسلامية تسعى إليها قبل قرار ترامب الخاطئ، ولكن ما يمكن مناقشته هو ما أكدته هذه القمة الاسلامية أمام شعوب الأمة الاسلامية وأمام شعوب العالم، بما فيها الشعب الأمريكي، سواء قصدت ذلك أم لم تقصده، وسواء نصت على ذلك أم لم تنص عليه، وهي أن محاولة تحويل فلسطين إلى وطن قومي أو دولة إسرائيلية بكامل ترابها ومقدساتها، هو مجرد مشروع غير قابل للنجاح حتى الآن، فالمشروع الصهيوني المدعوم من بريطانيا وأمريكا منذ وعد بلفور لا يزال في مرحلة المشروع، ولم يستسلم الفلسطينيون له، بل يقاومونه وينتفضون ضده جيلا بعد جيل، ولم تستسلم أمامه القيادة الفلسطينية أيضاً، بكل تياراتها السياسية وفصائلها المقاتلة، فالرئيس الفلسطيني محمود عباس يعلم أن مصيره قد يكون مصير ياسر عرفات إذا توقف عن تقديم التنازلات لإسرائيل، ولكنه رفض هذا الموقف الأمريكي نحو القدس بكل شجاعة وقوة، وهو يدرك أن تنازله أو ضعفه الشخصي لن يقدم نجاحا لإسرائيل وإنما ضعف لشخصيته وسمعته وتاريخه.
كذلك لم تستطع كل الجهود الغربية الأمريكية المتغطرسة فرض إرادتها على دولة عربية واحدة، وإن اختلفت درجة مستوياتها في رفض القرار الأمريكي نحو القدس، فالدول العربية بجامعتها وشعوبها رفضت القرار الأمريكي، وهذا يجعل المشروع الصهيوني قابلا للفشل، أكثر من كونه يدل على النجاح والانتصار، فالشعوب العربية لن تقبل الاستسلام أمام المشروع الصهيوني إطلاقاً، ولا تنظر لما حققه المشروع الصهيوني من اعتراف بعض الدول العربية، مجرد خضوع لمعادلة القوة العسكرية والحاجة الاقتصادية، ولا يعبر عن إقرار حقوقي ولا إرادي من الشعب العربي في أي دولة عربية، بدليل أن المعارضة العربية للتطبيع كبيرة جدا، ولم تستطع العواصم العربية الضعيفة كسرها، وهذا أمر يعترف به قادة الكيان الصهيوني الاسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو ، بالقول إن من يرفض التطبيع هو الشعوب العربية.
أما الهزيمة الكبرى للمشروع الصهيوني فهي هزيمته أمام الأمة الاسلامية، فعلى الرغم من محاولة المشاريع الغربية تحجيم القضية الفلسطينية على مستواها الفلسطيني فقط، وإخراج القضية من بعدها القومي والاسلامي، إلا أن التقاء القمة الاسلامية الاستثنائية في اسطنبول للرد على قرار ترامب، أثبت فشلها، لأن قضية القدس وفلسطين قضية إسلامية وعربية، كما هي قضية فلسطينية، فالدول العربية والاسلامية وشعوبها لا تمانع تفاوض الفلسطينيين على الحل السياسي مع الإسرائيليين في الظروف المعاصرة، ولكنهم لا يتركون الصهاينة والأمريكيين يستقوون على الفلسطينيين، وبالأخص في القضايا التي تمس عقيدتهم ودينهم ومقدساتهم، بل إن الفلسطينيين أنفسهم لا يستطيعون منع العرب والمسلمين من الدفاع عن القدس، ولذلك فإن إقرار القمة الاسلامية بان القدس هي عاصمة فلسطين من الآن فصاعدا، هو قرار إسلامي في مستواه السياسي، وليس دفاعاً عن المسجد الأقصى فقط، بدليل أنه صادر من أكبر قمة سياسية تمثل الأمة والشعوب الإسلامية، وليس من وزراء أوقاف الدول الاسلامية.
لذلك جاء في ديباجة بيان مؤتمر القمة الاسلامية «نحن، قادة دول وحكومات منظمة التعاون الإسلامي، المجتمعين في إسطنبول في الجمهورية التركية يوم 13 ديسمبر2017، الموافق 25 ربيع الأول 1439هـ، في الدورة الاستثنائية السادسة لمؤتمر القمة الإسلامي، بدعوة كريمة من فخامة رئيس الجمهورية التركية، السيد رجب طيب أردوغان، لاستعراض التطورات التي نتجت عن قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تجاه اعترافه غير القانوني بمدينة القدس الشريف عاصمةً لدولة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وآثار هذا القرار على الأمة الإسلامية.. وانطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الأمة الإسلامية بالتضامن التام مع فلسطين، نعلن ما يلي…».
هذه الديباجة باسم القيادات السياسية العليا للدول الاسلامية، لا تملك دولة المشروع الصهيوني نقده ولا نقضه، بادعاء أن الدول المجتمعة في القمة الإسلامية لا يحق لها بحث قضية خلافية مع الفلسطينيين، ولا يستطيع الرئيس الأمريكي ترامب منعهم من التدخل في رفض قراره، بذريعة أن القدس قضية فلسطينية خالصة، لأن الكيان الصهيوني الاسرائيلي وأمريكا وكل دول العالم تعلم علم اليقين أن القدس وفلسطين قضية عربية وإسلامية بامتياز، وهذا انتصار يرجع المشروع الصهيوني إلى الوراء عقودا طويلة، فالصراع ليس مع الفلسطينيين وحدهم كما أراد الصهاينة، بل إن القدس كانت سبب تأسيس منظمة التعاون الاسلامي عام 1968، بعد محاولة الصهاينة حرق المسجد الأقصى، فعودة مؤتمر القمة الاسلامية للدفاع عن القدس بهذه القوة، هي عودة لتولي الأمة الإسلامية ودولها وشعوبها مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية وشعبها، وفي هذه المرحلة فإن الانتصار في المستوى السياسي، باعتبار القدس عاصمة للدولة الفلسطينية باعتراف كل الدول الإسلامية والعربية، ومطالبة كافة دول العالم للاعتراف بالقدس عاصمة لفلسطين، ومطالبة كل الدول العربية والاسلامية الدفاع عن هذا القرار السياسي بامتياز، وإن كانت دوافعه العقدية والدينية حاضرة بامتياز أيضاً.
لقد نجحت القمة الاسلامية بتحدي أمريكا بموقف قوي واستراتيجي وعملي، ففي البند الأول من البيان الختامي رفض وإدانة وتسفيه للقرار الأمريكي، وهو ما لم تعتد عليه أمريكا من الزعماء العرب والمسلمين، ففي البند الأول: «نرفض وندين بأشد العبارات القرار الأحادي غير القانوني وغير المسؤول لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمةً مزعومةً لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ونعتبره لاغياً وباطلاً، واعتداءً على الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية والوطنية للشعب الفلسطيني، وتقويضاً متعمداً لجميع الجهود المبذولة لتحقيق السلام، ويصب في مصلحة التطرف والإرهاب ويهدد السلم والأمن الدوليين، وندعو كافة الدول الأعضاء إلى إيلاء الأولوية القصوى للقضية الفلسطينية في خطابها اليومي وفي سياستها الخارجية، ولاسيما في إطار معاملاتها مع نظيراتها في كافة أرجاء العالم».
هذا البند لا يخص القدس برؤية دينية فقط، بل يجعلها محور صراع دولي في مستوى سياسي دولي أيضاً.
والبند المهم الآخر هو البند الثامن وفيه:» نعلن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وندعو الدول إلى أن تعترف بدولة فلسطين وبالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لها»، فهذا البند يتخذ قراراً سياسياً بشأن القدس، وأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي قد أصبح قراره بيد الدول العربية والاسلامية، وهذا ما أكده مؤتمر وزراء الخارجية العربي والاسلامي، بل أكده مؤتمر البرلمانيين العرب في الرباط بعد يوم من القمة، بأن القدس عاصمة فلسطين، وعليه فإن الانتصار الحقيقي للقمة الإسلامية في اسطنبول هو باستعادة الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين إلى صراع إسرائيلي من جهة مع الأمة الاسلامية ودولها وقادتها وشعوبها من جهة أخرى، فقادة هذه الدول سوف يتابعون مفاوضات السلام عن كثب، وسوف يكون المفاوض الفلسطيني مدعوماً سياسيا من القمة الاسلامية ورئاستها التركية والعالمية، وبالتالي فهي قادرة على مواجهة القرار الأمريكي غير القانوني.
إن قمة اسطنبول فرضت واقعا جديدا للقضية الفلسطينية، على السلطة الفلسطينية الاستفادة منه والبناء عليه في المستقبل، فالخطوة الأمريكية خطيرة جداً، وقد تمكنت القمة الاسلامية من وضع حد له في مرحلته الأولى، وجعله في مرحلة الدفاع عن نفسه، وهو ما يتطلب من القمة الاسلامية متابعة تنفيذ بنود بيانها بالكامل، وبالأخص محاسبة الادارة الأمريكية على قرارها الخاطئ داخل المؤسسات الأمريكية، وداخل مجلس الأمن، وداخل أروقة الأمم المتحدة، ولدى المنظمات الدولية المعنية.