أحدث الأخبار
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد
  • 12:22 . مساهمو "أدنوك للتوزيع" يعتمدون سياسة جديدة لتوزيع الأرباح... المزيد
  • 12:19 . "طاقة" و"جيرا" اليابانية تتعاونان لتطوير محطة كهرباء بالسعودية... المزيد
  • 05:50 . سخط إماراتي ومقاطعة لسلسلة مطاعم بعد مشاركة مالكتها مقطع فيديو مؤيد للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 05:02 . محتالون يخدعون المستثمرين بملايين الدراهم بانتحالهم صفة شركة وساطة كبرى... المزيد
  • 04:44 . 155 ألف أصل سيبراني ضعيف.. الهجمات السيبرانية تقلق الشركات في الإمارات... المزيد
  • 04:32 . عقوبات أمريكية ضد كوريا الشمالية تستهدف شركة مقرها الإمارات... المزيد
  • 04:20 . حكومة الشارقة تنفي إشاعة تغيير بالأذان وتؤكد عدم السماح بالمساس في الثوابت الدينية... المزيد
  • 04:15 . لماذا يعزف الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد؟... المزيد
  • 04:15 . في إساءة للدولة.. إعلام أبوظبي ينشر مقارنة بين "مجاعة غزة" و"تطور الخليج"... المزيد
  • 12:21 . الإمارات تعلن إسقاط 90 طناً من المساعدات على شمال غزة... المزيد
  • 10:54 . "أدنوك" تنتج أول كمية نفط خام من منطقة "بلبازيم" البحرية... المزيد

أخطاء السياسة الأمريكية مع تركيا وفي سوريا

الكـاتب : محمد زاهد جول
تاريخ الخبر: 27-01-2018

تناقض المواقف الأمريكية من عملية عفرين التي يقودها الجيش السوري الحر بمساعدة تركية، ليست هي التناقضات الأولى في السياسة الأمريكية مع تركيا، بل هي صورة مصغرة عن أخطاء السياسة الأمريكية نحو تركيا، وعلى وجه الخصوص في سوريا، منذ انطلاق الثورة فيها عام 2011.
فآخر التصريحات الأمريكية في 25/1/2018 حول عملية عفرين بعد ستة أيام من انطلاقتها، هو تصريح (البنتاغون) الذي يقول فيه:» إن عمليات عفرين تعوق مهمة القضاء على تنظيم الدولة»، علما بأن حلفاء أمريكا من الأحزاب الكردية هم من أعلنوا القضاء على تنظيم «الدولة» في المناطق التي يسيطرون عليها، بما فيها عفرين ومنبج والرقة وغيرها، بل كانت امريكا نفسها ضامنة لانسحاب عناصر «داعش» من الرقة وغيرها إلى أماكن أخرى، فالبنتاغون نفسه متورط بمساعدة «داعش»، على لسان المخابرات الروسية وباتهامات مباشرة، فلماذا توقع أمريكا نفسها بهذا التناقض المفضوح أمام العالم.
وقد نقل عن رويترز تصريح آخر بعد الأول عن البنتاغون يقول:» إنه سيواصل الحوار مع تركيا بشأن إقامة منطقة آمنة على الحدود»، وهذا تأكيد لتصريح أمريكي سابق رداً على مكالمة الرئيس ترامب مع الرئيس التركي أردوغان في ديسمبر الماضي، وقد علق عليه وزير الخارجية التركي جاويش اغلو قائلاً: «إنّ بناء الثقة بين الولايات المتحدة وتركيا شرط أساسي للتباحث بشأن منطقة آمنة في الشمال السوري»، هذا التصريح لوزير الخارجية التركي، جاء في مؤتمر صحافي مشترك عقده في إسطنبول مع نظيرته النمساوية كارين كنايسل، والنمسا كانت من أكثر الدول الأوروبية، التي اختلفت واخطأت في حق تركيا، على خلفية الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا، فبعد العداء البالغ من النمسا نحو تركيا، إذ بها تأتي إلى انقرة للمصالحة والاعتذار.
هذا اللقاء التركي النمساوي قد يكون درساً مفيداً للسياسة الأمريكية، التي اكثرت من أخطائها نحو تركيا في السنوات القليلة الماضية، بداية من عدم اخذ الرؤية التركية بعين الاعتبار لحل ازمة الصراع في سوريا، وسعيها بإدارة من البنتاغون لإشعال سوريا أكثر واستمرار القتال فيها لأكثر من ست سنوات، ومن أجل ذلك سمحت لإيران بإدخال جنودها وميليشياتها لمساعدة الأسد ومنع انتصار الثورة بداية عام 2013، بعد ان أعاقت امريكا سقوط الأسد بحجة إسقاطه عبر مخرج دولي باسم مؤتمر جنيف يونيو 2012، بينما كانت الهدف الأمريكي استمرار القتال والصراع لحين تمكنها من ترتيب تقسيم سوريا حسب مخططاتها للشرق الأوسط الجديد، حتى لو اضطرت إلى توريط روسيا فيها، بعد فشل إيران وميليشياتها منذ منتصف عام 2015، وسعي أمريكا أيضا توريط تركيا في صراع مرير ومدمر مع روسيا، بعد اسقاط الطائرة الروسية سخوي في نوفمبر 2015، وهو الأمر الذي كشفته روسيا وأدركته استخباراتياً، فعكسته إلى تعاون اقتصادي وامني وعسكري مع تركيا في سوريا وخارجها، في ضربة مضادة لأمريكا.
أما فكرة المنطقة الآمنة، فهي فكرة أمريكية ساذجة جاءت بها بعد عملية عفرين كمخرج من أخطائها، لعلمها أن الدولة التركية من أوائل الدول التي طرحت فكرة المنطقة الآمنة، منذ أربع سنوات تقريبا، فعدد اللاجئين السوريين في تركيا بلغ أكثر من ثلاثة ملايين، وكلّف الخزينة التركية أكثر من خمسين مليار دولار، بين مساعدات رسمية وأهلية، ومن جمعيات خيرية متعددة، فالحديث الأمريكي عن المنطقة الآمنة الآن ليس صادقاً، وإنما بهدف حصر عملية «غصن الزيتون» على منطقة عفرين فقط، بينما تركيا أسمعت امريكا أن هدفها ليس عفرين فقط، وإنما منبج وغرب الفرات، وليس ما يمنع وصولها إلى الرقة، حيث ان معظم سكانها من السوريين العرب السنة، وليس فيها إلا قلة كردية حتى يطالبوا ببقائها تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني، أو تحت المسمى الأمريكي لعناصره باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو غيرها، فتركيا تريد حلولاً لتواجد الإرهابيين على حدودها أولاً، وتريد حلولاً لمعاناة ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها ثانياً، وتريد حلا لحالة عدم الاستقرار والاستنزاف وسفك الدماء في سوريا والمنطقة ثالثاً.
لقد قدّمت أمريكا وعودها بسحب الميليشيات الإرهابية من عناصر قوات حماية الشعب الكردية من منبج، بعد إخراج «داعش» منها، عندما كانت تركيا ترفض دخولها غرب الفرات، ولكن أمريكا لم تلتزم بوعودها بالانسحاب وواصلت تقديم الدعم العسكري للمنظمات التي تصفها تركيا بالمنظمات (الإرهابية)، فكما حالفت تركيا امريكا بمحاربة «داعش» كان على أمريكا أن تحالف تركيا بمحاربة المنظمات الارهابية من وجهة نظر تركية، وليس دعمها عسكريا ضد تركيا، فكل الوعود الأمريكية لتركيا بوقف الدعم لحزب الاتحاد الديمقراطي وقواته حماية الشعب الكردية، لم تلتزم بها امريكا أيضاً، بل إن الوعد الأخير الذي قطعه الرئيس الأمريكي ترامب للرئيس التركي أردوغان عبر المكالمة الهاتفية بوقف الدعم عنها قبل ثلاثة أيام، ليس هناك من دليل على الوفاء به، لا الآن ولا في المستقبل، لأن للبنتاغون استراتيجية عسكرية أخرى غير سياسة البيت الأبيض السياسية، وهذا مرد بعض التناقضات في السياسة الأمريكية نحو تركيا والمنطقة.
إن أكبر الأخطاء الأمريكية نحو تركيا هي مراهنتها على التحالف مع الأحزاب الكردية، وهي تعلم ان هذه الأحزاب هي امتداد حقيقي لحزب العمال الكردستاني الارهابي بحسب القوائم الدولية، وهذه قناعة توصل لها سياسي امريكي، بانه لا يمكن إقناع تركي واحد بوجود فرق بين حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) في تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (ب ي د) أو ميليشيات قوات حماية الشعب (ب ي ج)، أو قسد أو غيرها، ولكن أمريكا وتحديداً البنتاغون يراهن على الأحزاب الكردية وليس على الشعب الكردي، كأداة لتقسيم سوريا، وهذا التقسيم ليس محبة بالأكراد، وإنما اتخاذهم جنوداً مرتزقة لتقسيم سوريا، وإقامة كيان كردي يستخدم كمستعمرة امريكية في سوريا، وتحديداً لإقامة قواعد عسكرية مرخص لها دوليا وقانونيا من هذا الكيان الكردي المنشود، وهذا خطأ كبير يرتكبه البنتاغون أيضاً، فلا يمكن ان ينجح بصناعة كيان سياسي جديد شمال سوريا بلا أرض ولا شعب، عن طريق التطهير العرقي للسوريين العرب شمال سوريا، فالترابط الجغرافي للتواجد الشعبي الكردي شمال سوريا غير موجود، وهذا لا يمكّن امريكا من تشكيل كيان سياسي لهم، فضلا عن انه لا يوجد دليل واحد على ان الأكراد السوريين يسعون إلى إقامة كيان سياسي لهم في سوريا، والأحزاب الكردية في سوريا لا تمثل الشعب الكردي أولاً، وهم مواطنون سوريون لا مصلحة لهم بالقتال والموت من أجل مشاريع امريكية لمستقبل سوريا، عن طريق تقسيمها وإقامة قواعد عسكرية موازاة بالقواعد العسكرية الروسية هناك.
منبج تمثل نموذجا للاحتلال الكردي لها، إذ يشكل العرب 90% من سكانها، فكيف يمكن إبقاؤها تحت هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (ب ي د) وميليشياته المسلحة، وطرد اهلها إلى تركيا لتحميل الاقتصاد التركي مسؤوليتهم. تركيا تخبر أمريكا بأخطائها وتطالبها بسحب قواتها الأمريكية من منبج أولاً، وسحب القوات التابعة للأحزاب الكردية من منبج وغيرها ثانياً، والعمل والتعاون مع تركيا لإعادة سكان عفرين ومنبج والرقة وغيرها إليها، فتركيا أعادت سكان جرابلس والباب إليهما، بينما لم تسمح قوات حزب (ب ي د) إعادة سكان عين العرب إليها، رغم تحريرها من «داعش» قبل جرابلس بسنوات، فالسياسة التركية تقدم مشروعا يعالج معاناة الشعب السوري أولاً، ويخفف عن شعبها التركي الأعباء الداخلية ثانياً، ويحمي الشعب الكردي من الموت بلا فائدة ثالثاً، وهذا ينبغي أن يشمل شرق الفرات وغربها وليس في عفرين فقط، فإنهاء معاناة الشعب السوري المشرد في الأرض أولوية ينبغي ان تتسابق إليها الدول الإنسانية، وهي تراه يموت قتلاً من إيران وروسيا ومن الغرق ومن البرد والثلج، وهو يهرب من ظلم الأسد وأسلحته الكيميائية وبراميله المتفجرة.
على السياسة الأمريكية أن تصحح أخطاءها مع تركيا أولاً، وفي سوريا ثانياً، فتركيا تنظر إلى تحسين علاقاتها مع امريكا كدولة حليفة استراتيجياً، وتريد حماية الشعب الكردي في سوريا من الأخطاء او الأوهام او الأحلام أو المغامرات لبعض جنرالات البنتاغون الأمريكي، فلا يمكن لأمريكا ان تتجاهل وجود شعوب ودول في المنطقة، وأن لهم خيارات أمنية وسياسية قد لا توافق الخيارات الأمنية والسياسية الأمريكية، فالأخوة الكرد لن ينجحوا في تحقيق الأحلام الأمريكية لتقسيم سوريا، لأن تركيا لن تسمح باقامة دولة كردية شمال سوريا إطلاقاً، وامريكا أمام خيار الاصطدام مع تركيا أو التعاون معها، ومواصلتها لأخطائها السابقة لا يعني إلا الاصطدام مع تركيا، وهو ما تتمناه روسيا والصين وإيران وغيرها من الدول، بينما مصالح تركيا وأمريكا ان تبحثا عن التعاون المشترك بما يضمن مصالحهما ومصالح الشعب السوري بكل قومياته العربية والكردية والتركمانية وغيرها، وإذا كانت امريكا جادة في منافسة روسيا فليس بالضرورة ان يكون ذلك في سوريا، ولا على حساب الأخوة الأكراد، لأن مصالح الشعب الكردي هي في التعاون مع أخوته العرب والأتراك والإيرانيين وشعوب المنطقة جميعها، وليس القتال ضدهم ولمصالح دولية استعمارية، فالأمريكيون ليسوا شركاء للأكراد وإنما يستغلونهم لتحقيق أهدافهم الأمريكية في سوريا والمنطقة فقط.