أحدث الأخبار
  • 11:48 . حملة دولية: قانون الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب يقيد حرية التعبير... المزيد
  • 11:46 . "وول ستريت جورنال": إدارة بايدن تسعى لتطبيع "سعودي إسرائيلي" مقابل دولة فلسطينية... المزيد
  • 11:45 . "فلاي دبي" تلغي رحلاتها إلى إيران اليوم... المزيد
  • 11:44 . بعد انفجارات أصفهان.. عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الإيراني التطورات الخطيرة في المنطقة... المزيد
  • 11:05 . رغم تأييد 12 دولة.. "فيتو أمريكي جديد" ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة... المزيد
  • 11:04 . "ستاندرد أند بورز"‭ ‬تخفض التصنيف الائتماني طويل الأجل لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:04 . أصوات انفجارات في إيران وتقارير عن هجوم إسرائيلي... المزيد
  • 11:03 . تأهل أتلانتا وروما وليفركوزن ومرسيليا لنصف نهائي الدوري الأوروبي... المزيد
  • 09:13 . الأبيض الأولمبي يُواجه نظيره الياباني غداً في كأس آسيا... المزيد
  • 09:12 . شرطة أبوظبي تحذر من مكالمات وروابط إلكترونية احتيالية... المزيد
  • 07:35 . مجلس الأمن السيبراني: نتصدى يومياً لأكثر من 200 ألف هجمة سيبرانية... المزيد
  • 06:50 . غزة.. انتشال 30 شهيدا مدفونين في مقبرتين بمجمع الشفاء... المزيد
  • 06:21 . الأرصاد يتوقع انحسار السحب غداً في الإمارات... المزيد
  • 12:18 . مطارات دبي تعيد فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين من المبنى ثلاثة... المزيد
  • 12:17 . إندونيسيا تغلق مطارا قريبا من بركان ثائر وتجلي آلاف السكان... المزيد
  • 12:14 . اليمن.. تسجيل أول حالة وفاة جراء منخفض جوي في حضرموت... المزيد

هذا الفيضان الأجنبي إلى متى؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 05-10-2018

هذا الفيضان الأجنبي إلى متى؟ د.علي محمد فخرو | القدس العربي Alquds Newspaper

من يتابع ما يكتب، وعلى الأخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن الازديار الهائل في أعداد العمالة الأجنبية، غير العربية، في كل دول مجلس التعاون الخليجي، وعن الازدياد الكبير، في الوقت نفسه، في أعداد العاطلين عن العمل بين شريحة شباب هذه البلدان، يشعربالحيرة أمام ظاهرة سكانية وعمالية تترسّخ عاما بعد عام، من دون وجود أي بوادر بتعامل حكومات هذه البلدان بكفاءة ووطنية مع هذه الظاهرة. نحن هنا بالأخص نشير إلى تراجع نسبة العمالة الوطنية في الوظائف المتوسطة والعالية، في القطاعين الحكومي والخاص.
لكن دعنا نطرح أولاً أسئلة جوهرية بشأن لبّ هذا الموضوع، لأننا مقتنعون بأنه ما كان لهذه الظاهرة أن توجد لو تعاملت الجهات الرسمية في هذه البلدان مع هذه الظاهرة بإرادة سياسية وطنية وباتباع حلول منطقية موضوعية، كانت ولا تزال متوفرة عندنا، من هذه الأسئلة:
هل تستطيع دول مجلس التعاون أن تبني نظاماً تعليمياً من أعلى المستويات الممكنة؟ نعم تستطيع ذلك، إذ بمقدورها أن توجد الأداة المفصلية المطلوبة لتحقيق ذلك النظام، ونعني به المعلًّم الممتهن المدَّرب تدريباً رفيع المستوى، والمثقًّف ثقافة عالية. ولا يحتاج ذلك الإعداد للمعلُّم إلاً وجود كليات تربية، هي الأخرى رفيعة المستوى أكاديمياً وقادرة على تخريج عاملين تربويين مهيئين نظرياً وعملياُ لممارسة الإبداع والتجديد والكفاءة العالية أثناء قيامهم بمسؤوليات مهنتهم، وهذا أيضاً بمقدور حكومات هذه الدول أن تفعله بسهولة ويسر. والنتيجة ستكون تخريج طلاب وطالبات يمتلكون، إضافة إلى أساسيات اللغة الأم ومختلف اللغات والعلوم الطبيعية والإنسانية وأشكال الثقافة الأدبية والفنية، قدرات تحليلية وتركيبية ونقدية وإبداعية وقيمية وسلوكية تؤهلهم لأن يكونوا مواطنين مسؤولين وفاعلين من جهة وقوى عاملة كفؤة ومنتجة من جهة أخرى.
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا تعجز حكومات دول مجلس التعاون عن تحقيق ذلك، على الرغم من الإمكانيات المالية الهائلة الفائضة التي توفًّرت عبر عدة عقود؟
والأمر نفسه ينطبق على إيجاد برامج تدريبية لرفع المستويات المعرفية والمهنية لدى خرًّيجي المدارس والجامعات، وذلك استجابة للمتغيرات الدائمة في نوع العمالة المطلوبة لاقتصاد عولمي، هو الآخر، دائم التغيُّر والتعقًّد. ما الذي منع وجود برامج تدريبية لتعليم مستمر للقوى العاملة الوطنية، من أجل أن تتناغم مع حاجات الأسواق والشركات والبنوك ووزارات الدولة، وحتى لا يضطر الجميع إلى استيراد عمالة من الخارج لسدٌّ النواقص في مستويات العمالة الوطنية؟ لقد كان إذن باستطاعة حكومات دول مجلس التعاون أن تنشئ مدارس وجامعات وكليات مهنية ومراكز تدريبية ومراكز بحوث، وذلك بأفضل النوعيات والمستويات العالمية من خلال استيراد أفضل المعلمين والأساتذة والمدربين والباحثين من جميع أنحاء العالم، ولفترات محدودة، والى حين إحلال المواطنين في تلك الوظائف التعليمية والتدريبية والبحثية.
لكن، ولأسباب غير مقنعة وغير مفهومة، أعطت الحكومات الأولوية للعمران المادي، ونسيت أن فورات العمران المادي التي لا يصاحبها عمران بشري كان مآلها دائماً أن تنقلب إلى مدن أشباح ينعق فيها البوم وتعشش في خرائبها الغربان.
اليوم تجني مجتمعات دول الخليج العربية حصاد تلك السياسات الخاطئة، تجنيها إمكانية متصاعدة لأن يصبح مواطنوها في المستقبل القريب غرباء في بلدانهم، تهدُد النسبة العالية للأجانب غير العرب هوية بلدانهم العروبية ولغتهم وثقافتهم العربية، كما كتب عن ذلك ألف باحث وباحث. ومع الأسف كانت كتاباتهم صيحات في واد، ليس لها حتى صدى مسموع.
لنطرح آخر سؤال: هل لدى المسؤولين في منطقة الخليج العربي وعي بالأخطار الهائلة التي تكمن في التغيرات السكانية المفجعة تلك؟ ألا يرون ويسمعون ما يجري في بلدان العولمة الكاذبة من خوف وقلق على هوياتهم ونسب عمالتهم الوطنية من جراء أعداد المهاجرين إلى تلك البلدان؟ وذلك على الرغم من أن تلك الزيادة في اللاجئين ستكون محدودة ومؤقتة وأيضاً مندمجة في مجتمعات البلدان. بينما نتحدث نحن عن ظاهرة جارفة متنامية عندنا، ستؤدي إلى تناقص حاد مفجع في نسب المواطنين العرب في بلدان الخليج، وستؤدي إلى كوارث لغوية ودينية وثقافية كمقدمة لكوارث سياسية واقتصادية مقبلة في المستقبل البعيد. ما يدمي القلب هو أن حكوماتنا لم تفشل فقط في إيجاد تلك المنظومة التعليمية التدريبية، بشروطها وإمكانياتها الهائلة، عبر السنين الطويلة الماضية، وإنما تنتقل تدريجياً نحو التخلُّي حتى عن مسؤولياتها الاجتماعية والتنموية تجاه حقول التعليم والتدريب، لتنقله شيئاً فشيئاً إلى القطاع الخاص الذي لا يعرف إلاً منطق السوق ومنطق تراكم الأرباح، من دون إعطاء أهمية لمواضيع وقيم والتزامات تتكلم عن الهوية والوطنية والتلاحم القومي المطلوب لبناء أمة العرب ووحدتها.
وطن العرب وطن غريب: لا الفقر يحفّزه ولا الغنى يفتح عينيه.