أحدث الأخبار
  • 09:13 . الأبيض الأولمبي يُواجه نظيره الياباني غداً في كأس آسيا... المزيد
  • 09:12 . شرطة أبوظبي تحذر من مكالمات وروابط إلكترونية احتيالية... المزيد
  • 07:35 . مجلس الأمن السيبراني: نتصدى يومياً لأكثر من 200 ألف هجمة سيبرانية... المزيد
  • 06:50 . غزة.. انتشال 30 شهيدا مدفونين في مقبرتين بمجمع الشفاء... المزيد
  • 06:21 . الأرصاد يتوقع انحسار السحب غداً في الإمارات... المزيد
  • 12:18 . مطارات دبي تعيد فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين من المبنى ثلاثة... المزيد
  • 12:17 . إندونيسيا تغلق مطارا قريبا من بركان ثائر وتجلي آلاف السكان... المزيد
  • 12:14 . اليمن.. تسجيل أول حالة وفاة جراء منخفض جوي في حضرموت... المزيد
  • 10:55 . رئيس الدولة: سلامة المواطنين والمقيمين على رأس أولوياتنا... المزيد
  • 10:54 . ريال مدريد يجرد مانشستر سيتي من لقبه ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا... المزيد
  • 10:53 . "دانة غاز" تحجب التوزيعات وتنتخب مجلس إدارة لمدة ثلاث سنوات... المزيد
  • 10:52 . "موانئ دبي" تؤكد استمرار جميع العمليات بميناء جبل علي رغم سوء الأحوال الجوية... المزيد
  • 10:47 . المغربي سفيان رحيمي يقود العين للفوز على الهلال السعودي برباعية في أبطال آسيا... المزيد
  • 09:17 . "فيفا": خروج برشلونة يؤهل أتلتيكو مدريد إلى "مونديال الأندية 2025"... المزيد
  • 09:02 . الإمارات تتعهد بتقديم 100 مليون دولار لدعم السودانيين... المزيد
  • 08:51 . مجلس الوزراء يمدد "العمل عن بُعد" الخميس والجمعة لموظفي الحكومة الاتحادية... المزيد

جمال خاشقجي وأحداث هزت العالم

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 19-10-2018

جمال خاشقجي وأحداث هزت العالم | القدس العربي

إهتز العالم لحادثة إختفاء جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول و فقد الأمل بأمكانية وجوده حيا وذلك وفق التسريبات والتحقيقات في أحداث يوم الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018. لكن ما وقع مع جمال يفتح الباب أمام السؤال الأكبر: لقد تمت تصفية الكثير من المعارضين والصحافيين في العالم، ولم تقع ردود أفعال من النمط الذي يخترق الكوكب طولا وعرضا. لكن بعض الأحداث التي وقعت في السنوات و العقود القليلة الماضية فاجأت العالم بتحولها لإعصار مدو غير أنظمة وأبعد قادة. فماهو هذا السر الكوني بين القوة والضعف وبين السلطة ومعارضيها الذي يخلق تحولات يصعب التنبؤ بنهاياتها؟
عند التدقيق سنكتشف بأن حادثة إغتيال المعارض الأهم لنظام ماركوس في الفيليبين بينينو أكينوا عام 1983 والذي كان في منفاه الإختياري منذ العام 1980 هي من هذا النمط الفريد من الأحداث التي تتحول لإعصار. وبينما كان أكينوا ينزل من سلم الطائرة في وطنه الفيليبين في يوم عادي من ايام أب/اغسطس 1983 أطلقت عليه النيران من قبل مسلح وصل خصيصا لقتله. كان بأمكان الأمر أن يمر بصفته حادثا غريبا قامت به عصابة، لكن الشك (مجرد الشك) أن الرئيس ماركوس مرتبط بالحادثة غير كل الأبعاد وأثار كل الناس. الناس بطبيعتها ترفض السلطة المطلقة، فما بالنا إن دخلها الشك بسبب عدم شفافية النظام حول ضلوع السلطة بتصفيات جسدية وعمليات قتل بلا رادع؟ لهذا أدى مقتل عضو مجلس الشيوخ وزعيم المعارضة أكينوا لإستنكار ما بعده إستنكار. تلك الحادثة فتحت الباب لتحول زوجة القتيل المعارض من ربة منزل غير معروفة الى قائدة لأكبر حراك شعبي سلمي لإسقاط حكم ماركوس. في العام 1986 سقط ماركوس ووصلت كورازون أكينو زوجة المعارض المغدور للرئاسة. وقد سميت كوروزون أكينو بسبب حراكها بأم الديمقراطية في آسيا بسبب إنتشار حراكات ديمقراطية في آسيا تشبه حراكها. يقال إن للأنظمة المطلقة نقاطا عمياء كثيرة، وهذا ما حصل تماما مع ماركوس أو بعض المحسوبين عليه بسبب تصفية قائد المعارضة.
يمكن تقديم مثل اخر من تجربة الربيع العربي والثورات العربية عام 2010. فكم من شخص أحرق نفسه قبل بوعزيزي إحتجاجا على سوء معاملة. لكن في لحظة ما وقع شيء مختلف، فعندما أحرق بوعزيزي نفسه في 17 ـ 12 ـ 2010 تحول هذا الانسان لمنافس حقيقي للرئيس التونسي بن علي. فجأة تساوى بائع الخضار والفواكه على عربة متنقلة مع الحاكم صاحب السلطة والقوة، فقد إندلعت الثورة التونسية تضامنا مع بوعزيزي مما أدى لسقوط النظام.

للتاريخ منطق خاص في قضايا الظلم والعدالة يصعب تفسيرها بدون التعمق بالنفس الإنسانية. فالتاريخ ليس منسجما على الدوام مع النظرة الأمنية التي تسود لفترات، ولا هو منسجم مع مدارس القمع والهرمية في السلطة التي تنتصر لفترات وتحقق حالة خوف تشمل كل الناس. الحس الانساني بالعدالة أحد أهم محركات التاريخ والتغير. إن الزلزال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والانساني لا يحدث كل يوم، لكنه يحدث عندما تتجمع عوامل تكبر النظام وحالة قمع مستمرة مع عدم احترام قطاع كبير من الناس والشعب في ظل تخبط في صنع القرار السياسي والامني والاقتصادي.
وتمثل حادثة ووترغيت الشهيرة ودور صحيفة الواشنطن بوست في كشف الغطاء عن تجسس الرئيس نيكسون على غريمه في الانتخابات الأمريكية عام 1971، واحدة من أهم الحوادث المعبرة عن سوء استخدام السلطة في دولة ديمقراطية لديها إقتصاد نشط. دور الصحافة والرأي العام اديا في النهاية لإستقالة الرئيس ومحاكمة فريقه وسجن معظمهم بسبب إنتهاكهم للمبادئ الدستورية.
ومن لا يذكر قوة بل وبطش النظام الألماني الشرقي الشيوعي طوال عقود الخمسينيات حتى اواخر ثمانينيات القرن العشرين. كان ذلك النظام من أخطر الأنظمة الشيوعية في ممارسة البطش ووسائل التعذيب. يبدو ان المدرسة الالمانية الشرقية هي التي علمت عددا من الدول العربية خاصة مصر وليبيا والعراق وسوريا انواعا مختلفة في وسائل التعذيب وتصفية المعارضين. ويبدو ان تلك التجارب انتقلت لمعظم الدول العربية الاخرى. لكن المانيا الشرقية التي صدرت لنا الكثير من وسائل التعذيب إنتهت كدولة وكنظام وذابت في المانيا جديدة تتبنى حقوق الانسان والديمقراطية. المانيا الشرقية المرعبة خرجت من التاريخ، إذ لا يذكر العالم تلك الحقبة إلا بصفتها فترة ظلامية.
الحس الانساني لا يستسيغ التصفيات والإغتيالات وإسكات الصحافيين والكتاب بوسائل الغدر. كل كاتب وصحافي بل كل مسرحي ومفكر واستاذ وسينمائي يمتهن التعبير بامكانه ان يشعر بما شعر به خاشقجي عندما واجه اللحظة القاسية الصعبة أمام قاتليه، لهذا علينا ان لا نستغرب التعاطف الذي حظي به على كل صعيد في العالم. الرأي العام قوة عالمية، ازدادت تأثيرا بسبب السوشال ميديا ووسائل التواصل في العالم كله. كل شيئ يمكن مشاهدته، كل جريمة تنقل بواسطة كل الناس والمواطنين لكل المعمورة.
العالم يتغير، وهو يزداد تغيرا، والأنظمة التي لا تعطي مساحة للرأي والرأي المضاد ولا للصحافة في بلادها ولا للمجتمع المدني وتمعن في سجن المعارضين توضع تحت المجهر. وعندما تقع اخطاء كبيرة وتجاوزات هائلة كإغتيال او خطف او تصفية تحت أعين العالم فأن هذا المجهر يصبح قضية الرأي العام العالمي والمحلي. لم ار متابعة على الصعيد العربي والرأي العام العربي كتلك المرتبطة بما وقع مع الصديق جمال خاشقجي سوى في أيام الربيع العربي. لقد أحيت عملية قتله ووحشيتها شعور العرب من المحيط للخليج بضرورة التغيير لمصلحة الانسان وحقوقه، لكنها بنفس الوقت احيت موقفا عالميا صلبا مع حق التعبير وحق الحياة. لقد دخلت قصة جمال خاشقجي وطريقة تصفيته التاريخ العربي والعالمي من أوسع الأبواب.