أحدث الأخبار
  • 12:44 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيرته الهولندية "التطورات الخطيرة" في المنطقة... المزيد
  • 12:43 . واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر... المزيد
  • 11:55 . "شعاع كابيتال" تعلن توصلها لاتفاق مع حملة السندات... المزيد
  • 10:53 . "مصدر" تتجه للاستثمار في ليبيا ضمن برنامج لتصدير 10 جيجاواط... المزيد
  • 10:52 . صواريخ "مجهولة" تستهدف مقرا عسكريا للحشد الشعبي وسط العراق... المزيد
  • 10:51 . أسعار النفط على استقرار في ختام تداولات الأسبوع... المزيد
  • 10:51 . أتلتيك بلباو يفرط في فرصة الاقتراب من المربع الذهبي بالدوري الإسباني... المزيد
  • 10:48 . السوداني: العراق لن يكون منطلقاً للاعتداء على تركيا وزيارة أردوغان ليست عابرة... المزيد
  • 11:00 . بعد الخسارة أمام اليابان.. "الأبيض الأولمبي" يفقد آماله بالوصول إلى أولمبياد باريس... المزيد
  • 09:20 . وزير الخارجية الإيراني: الهجوم الإسرائيلي على أصفهان لم يخلف أي خسائر... المزيد
  • 08:47 . حاكم الشارقة يوجه بحصر وتقييم الأضرار الناجمة عن "التأثيرات الجوية"... المزيد
  • 08:35 . عقوبات أوروبية وأميركية على مستوطنين إسرائيليين متطرفين... المزيد
  • 07:14 . قيادي بحماس: "العدوان الإسرائيلي" على إيران تصعيد ضد المنطقة... المزيد
  • 07:13 . الهجوم على إيران.. الإمارات تدعو لضبط النفس وتجنب التصعيد... المزيد
  • 11:48 . حملة دولية: قانون الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب يقيد حرية التعبير... المزيد
  • 11:46 . "وول ستريت جورنال": إدارة بايدن تسعى لتطبيع "سعودي إسرائيلي" مقابل دولة فلسطينية... المزيد

هل انتصر النظام السوري على الثورة؟

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 10-01-2019

هل انتصر النظام السوري على الثورة؟ | القدس العربي

الانتصار في مواجهة انتفاضة شعبية وثورة مسألة معقدة ومتداخلة، من ينتصر على أرض محروقة ويهجر الملايين ويقتل مئات الالوف لم ينتصر بل ارتكب جرما تاريخيا ونفذ سياسة ابادة ضد شعب آمن. تحت كل الظروف لا يمكن تسمية اجتياح عسكري ضد شعب من المتظاهرين والمحتجين، كما كان الوضع في بدايات الثورة السورية طوال عام 2011 انتصارا. ولا يمكن ان نسمي الرفض لكل حل سياسي طرح التعامل مع مطالب الشعب السوري المشروعة انتصارا. لا يوجد انتصار عندما يتعلق الامر بقمع وتصفية مطالب شعب حيوي سعى لتحسين حياته ولنيل حريات ولأن يكون مصدر السلطات.
سيبقى هذا النوع من الفتك، اراد النظام أم لم يرد، يلاحقه كما ويلاحق كل نظام عربي يمارس لعبة الموت عبر استخدامه للجيش والأجهزة القمعية لمواجهة المتظاهرين السلميين المطالبين بحكومة اكثر مساءلة وبحقوق أصيلة وحريات. لا فرق بين الشعب الفرنسي والشعب السوري من حيث استخدام الشارع لطرح مطالب وحقوق، لكن الفارق في بين فرنسا وسوريا مرتبط باستخدام الجيش والمؤسسات الأمنية بصورة مفرطة في الشأن الداخلي لمنع تحقيق المطالب. فبينما لا تستطيع فرنسا قتل المتظاهرين، ولو فعلت ستقوم الدنيا ولن تقعد، تستطيع سوريا كما وغيرها من الدول العربية فعل ذلك بلا محاسبة. وبينما لا تستطيع فرنسا التورط بدماء المتظاهرين وعدم تلبية مطالبهم لأنها لو فعلت ذلك سينتهي الرئيس وتسقط الحكومة، تستطيع سوريا النظام قتل المتظاهرين وغير المتظاهرين بلا رادع سوى تدمير سوريا وحرقها.
سوريا ليست وحدها في العالم العربي، فهذا النمط من القمع والتصفيات واستدعاء الجيوش الأجنبية في الواقع العربي هو الطريق المتبقي أمام الكثير من النخب العربية. في بلادنا العربية ضمان الحكم هو القمع والكراهية، أما في الغرب فضمان الحكم مرتبط بالديمقراطية والانتخابات والحريات. لهذا السبب هاجر السوريون هربا من جحيم الحرب وجحيم سوريا لدول ديمقراطية تتميز بالمعاملة الكريمة للإنسان، ولهذا بالتحديد ذهبت أعداد ضخمة من السوريين لتركيا ثم لأوروبا ولبقية دول الغرب.

ليس غريبا أن يسمي العرب الهزيمة انتصارا، فقد حصل هذا في حرب 1967، اذ سميت تلك الهزيمة نكسة، وقد عودتنا الأنظمة العربية على اعتبار بقاء الرئيس في سدة الحكم، مهما كان الثمن، انتصارا. ويمكن القول بأن الرئيس البشير في السودان منتصر حتى الآن لأنه استمر في الحكم بينما يتساقط المتظاهر وراء الآخر. لكن أي سودان تلك التي تتراجع فيها المؤشرات التعليمية والاقتصادية والتي يلاحق قائدها بقضايا انتهاك حقوق الإنسان؟ ويمكن القول بأن الرئيس السيسي انتصر، لكن اي انتصار هو ذلك الذي تضمن سجن كل المصريين الذي نافسوه في الانتخابات الاخيرة، وكيف يمكن لانتصار أن يتضمن سحق تيارات سياسية تتضامن معها قطاعات واسعة من المجتمع. كم هو محرج حال الزعامة العربية أمام الرأي العام المحلي والعربي والاسلامي والعالمي. لا يمكن ان يكون إرهاب الدولة انتصارا!
لن تنجح سوريا المرحلة القادمة باعادة خلق وبناء سوريا التي ثار الناس عليها، بل لو عاد النظام لأسلوب التصفيات، وللأسلوب الامني ولقوانين الطوارئ ستعود الناس لحراكها وموقفها وتحديها. ولو استمر النظام بمنع بناء المؤسسات الحية التي توازن بعضها البعض، وبالإصرار على تغييب حقوق المعارض وحقوق للناقد سيجد نفسه في مأزق مستمر. لن يكون هناك إنتصار في ظل غياب المقدرة على بناء مساحة لكل الناس والمواطنين. بل ستسلب ارادة سوريا التي ستقع في فخ سيطرة الخارج على الداخل وتفكك الاقلية الحاكمة واستمرار تحرك الناس اينما كانوا في سوريا وخارجها ضد النظام.
لكن هناك انتصارا من نمط آخر، إنه انتصار إرادة الشعب. إن الانتصار الحقيقي يمكن قياسه لو نجح النظام الراهن في سوريا بالتعلم من تجاربه، ونجح في دعوة المعارضة او المعارضات لحوار عميق وصادق، ولو نجح في تطوير معادلة دستورية وقام ببناء دولة المواطن ودولة الحقوق والحريات بما يؤدي لانسحاب الرئيس من الحياة السياسية لقاء ضمانات وحلول. أن تتطور سوريا نحو التحول الديمقراطي والحقوقي وان تنجح في ادامة تداول على سلطة يعكس مطالب المجتمع هو الإنتصار الحقيقي. لقد رأينا هذا النمط من الإنتصار في عدة دول في أمريكا اللاتينية، بل حتى الديكتاتور القوي بينوشيه إنسحب من الحياة السياسية والرئاسة لقاء تحول ديمقراطي وضمانات. إن انتصار جيوش مدججة بالسلاح ضد المواطنين العزل هو الهزيمة بحد ذاتها، بل إنه المدخل لتدمير الدولة والشرعية والمدخل لجولات اخرى.
إن إنتصار الجيش في معركة أو سلسلة معارك ضد شعب ضعيف في ظل وضع عربي مفكك سيزيد من الشعب تجربة وسيفرز نخبا جديدة هي نتاج للآلام. بل الأدق والأهم أن تجربة الشعب السوري مع ثورته من 2011 حتى اليوم قد صاغت وعيه ومعارفه. هذه التجارب والتضحيات الأليمة ستكون أساسية للمستقبل. يمكن القول بأن كل ثورة هي مقدمة للتغير ومقدمة لثورة أخرى، خاصة في ظل غياب التعامل الجاد مع الأسباب التي ادت بالأساس للثورة. الشعب السوري سيبحث عن طرق جديدة ومختلفة لتحقيق مطالبه في التغير والحريات والحقوق والمبادئ الدستورية، فهو لن يتوقف عن تأكيد طموحه بحياة كريمة خالية من القمع والفساد والديكتاتورية. لم تعد الطريقة القديمة التي اتبعها النظام قبل الثورة قابلة للاستمرار.