ما إن سرت أنباء استشهاد المعتقلة علياء عبد النور وهي مكبلة اليدين والقدمين على أحد أسرّة مستشفى توام في العين حيث الحراسة الأمنية المشددة، حتى تفجرت موجة واسعة النطاق من السخط والغضب في أوساط الإماراتيين والخليجيين والعرب والمنظمات الحقوقية، وأفردت قناة "الجزيرة" و كل من موقع "الجزيرة نت"، و"الخليج أونلاين"، و"عربي بوست" و"القدس العربي" وموقع "التمكين" وموقع "شؤون إماراتية"، إلى جانب "الإمارات71" تغطية إعلامية واسعة، فضلا عن مئات التغريدات التي تترحم على روح شهيدة الإمارات الأولى والحقيقية وتندد بجرائم السجان.

والسبت (4|5) توفيت علياء عبد النور المعتقلة الإماراتية بسجون أبو ظبي،  بعد صراع مع المرض داخل السجن، ورفض سلطات أبوظبي الأمنية والتنفيذية إطلاق سراحها للعلاج، فيما قال نشطاء إنها توفيت جراء التعذيب.

وتسرب تسجيل لعلياء عبد النور في شهر مايو 2018، تفيد بتعرضها للتعذيب والحرمان من العلاج، حيث اكتشف الأطباء إصابتها مجددا بمرض السرطان الذي شفيت منه في 2008، بحسب مراكز حقوقية دولية.

ورغم وضعها الصحي السيء، أبقت سلطات أبو ظبي عليها في السجن في ظروف سيئة ودون علاج الأمر الذي زاد من سوء حالتها بعد استشراء مرض السرطان وشل حركتها.

وكان الأمن الإماراتي اعتقل عبد النور في 29  يوليو 2015، واحتجزها في مقر سري حيث عانت من التعذيب وسوء المعاملة. وأُدينت بتهم متعلقة بالإرهاب عام 2017، في قضية شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة، بحسب منظمة هيومين رايتس ووتش.

وكانت الحملة الدولية للحرية في دولة الإمارات، ومقرها لندن، أنتجت فيلما قصيرا عن اعتقال علياء عبد النور”أليسون”، باعتبارها أيقونة حقوق الإنسان في الإمارة الخليجية. وأشارت إلى وضعها الصحي السيء، ورفض السلطات تزويدها بالرعاية المطلوبة.

وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان قالت في بيان لها مؤخرا، إن علياء “ليست المرأة الوحيدة التي تعتقل في الإمارات على خلفية سياسية وتتعرض للاختفاء القسري والتعذيب، إنما هناك حالات أخرى في مشهد يؤكد أن هذه السلطات لا تقيم وزنا للعادات والتقاليد التي تسود المجتمع الإماراتي”.

وحمّلت المنظمة “الحاكم الفعلي لدولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم، المسؤولية الكاملة عن سلامة علياء وتدعو إلى الإفراج الفوري عنها وفق ما ينص عليه القانون”، وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة بالضغط على السلطات للإفراج الصحي عن عبد النور والتحقيق في كافة الانتهاكات التي تعرضت لها، فاستمرار احتجازها في ظل حالتها الصحية المتدهورة يشكل خطرا داهما على حياتها.

غضب غير مسبوق

ومن جانبهم، عبّرنشطاء وناشطات على "تويتر" عن مشاعر غضب وسخط غير مسبوقين إزاء سلطات أبوظبي على استشهاد  علياء عبدالنور، محمّلين إياها المسؤولية الكاملة عن إزهاق روح المعتقلة منذ يوليو 2015.

والدة علياء قدمت آية ومثلا للأم الإماراتية بالصبر والاحتساب وهي تعلق على استشهاد ابنتها المظلومة، قائلة: "الحمد لله على كل حال. حسبنا الله وإنا لله وإنا إليه راجعون. توفيت بعذاب تحت يد السجان والقيد بالعناية وارتاحت منهم وذهبت إلى رب السماوات والأرض، تقبل منها عملها وأعلى قدرها وأعزها بالدنيا والآخرة"، حسب ما أورده موقع "شؤون إماراتية".

الناشط الحقوقي والكاتب والإعلامي الإماراتي أحمد الشيبة النعيمي وصف  قضية علياء بـ"القضية الإنسانية"، وقال: إنها "بدأت باعتقال تعسفي ثم سجن انفرادي فتعذيب ثم محاكمة جائرة فحرمان من أبسط حقوق السجين ثم إهمال طبي" ثم وفاتها، مؤكداً أن "هذا حال معتقلي الرأي في الإمارات".

ويشدد النعيمي في تغريدة أخرى: "سيكتب تاريخ الإمارات أن وفاة علياء عبدالنور في سجون أبوظبي كانت في عام التسامح حيث منع عنها العلاج ومنعت من ملاقاة أهلها وماتت مكبلة بالقيود والسجّان على رأسها".

اما الناشط الإماراتي جاسم راشد الشامسي، فقد كتب: "توفيت #علياء_عبدالنور وهي امرأة مغلوبة مظلومة بريئة مريضة بالسرطان"، وأضاف: "نسأل الله أن يكون عذابها وقتلها طريقا نحو استئصال سرطان #محور_الشر من العالم العربي عامة ومن #الامارات خاصة".

وعلى صعيد المنظمات الحقوقية، فقد حملت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا السلطات الإماراتية المسؤولية الكاملة عن مقتل علياء، بسبب ما وصفته بـ"الإهمال الطبي"، وقالت في تغريدات: إن "النظام الإماراتي يتحمل مسؤولية قتل #علياء_عبد_النور بالإهمال الطبي"، مشيرةً إلى أنه "عند اعتقال علياء كانت قد تعافت من مرض السرطان إلا أنه نتيجة اعتقالها وتعذيبها أصيبت بانتكاسه وتفاقم المرض بسبب الإهمال الطبي المتعمد".

وبحسب المنظمة الحقوقية، فأكدت ورغم المناشدات العديدة رفض النظام الإماراتي توفير العلاج لها داخل السجن أو الإفراج عنها لتلقي العلاج المناسب.

وأضافت قائلة: إن حالة علياء تثبت وحشية النظام الإماراتي وتجاوزه لكل الخطوط الحمراء في الملف الحقوقي الداخلي، وتضيف أنه "يدق ناقوس الخطر على حالات أخرى تعاني من أمراض خطيرة، كما يثبت نفاق المجتمع الدولي وعدم رغبته في الضغط على النظام الإماراتي لإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات"، وفقاً للمنظمة.

الناشط الإماراتي حميد النعيمي نشر استغاثة سابقة لوالدة علياء، وقال: "هناك بكاء الأم حيث صرخاتها تحكي الظلم الذي واجهته ابنتها علياء المصابة بالسرطان الذي قضى عليها بسبب الإهمال الطبي المتعمد واللامبالاة في أرواح الناس، قتلها ذلك التسامح الكاذب في الإمارات".

أما الناشط الإماراتي إبراهيم آل حرم فكتب: "ما هي تهمة علياء عبدالنور؟ تهمتها هي شرف يتمناه كل شريف حيث إنها كانت تساعد الأسر السورية الهاربة من بطش النظام فاتهمها المجرمون بالإرهاب وحكم عليها عشر سنوات سجن وحكم عليها بالموت البطيء حين منع عنها العلاج".

وكتب الناشط الإماراتي يوسف اليماحي: "سيبقى وسم علياء عبدالنور تحتضر شاهدا على معاناتها وظلم محمد بن زايد لها.. علياء رحلت إلى جوار ربها إلى رب رحيم.. رحمك الله يا علياء ولعن سجانيك".

وقال الناشط الإماراتي عبيد البحري: "وفاة المعتلقة الإماراتية علياء عبدالنور بعد صراع مع المرض ومنعها من الحصول على العلاج من قبل أمن الدولة المجرم".

وكتب الناشط الإماراتي مروان الظنحاني، غاضبا: "والله لن تقوم لعيال زايد قائمة فيما فعلوه مع المسكينة علياء التي توفاها الله اليوم وهي تحلم بالاحتضار بين عائلتها"، على حد قوله.

وفي سلسلة تغريدات غاضبة أدانت الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه سلطات الإمارات وحمَّلت شخص ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد المسؤولية عن قتلها ووصفت علياء بـ"الحرة"، وقالت الفقيه في إحدى التغريدات: "هل تعلمون جريمة الحُرّة الإماراتية #علياء_عبدالنور لتموت بسجون المجرم #بن_زايد بلا رحمة؟"، مضيفةً: "ناشطة اجتماعية جمعت تبرعات ومساعدات مالية للنساء والأطفال والمتضررين من الحرب في سوريا، تبنّت أرامل وأيتام، وساعدت بعض الأسر المحتاجة المقيمة في #الإمارات"، ووصفت علياء بأنها "سيدة #التسامح والعطاء الحقيقية".

وتشير إحسان إلى أنها كانت تتابع قضية علياء وتكتب عنها، وتقول في تغريدة: كم كنت أتمنى أن أكتب تغريدة أقدم فيها التهنئة للبطلة الحُرّة الإماراتية #علياء_عبدالنور بالإفراج عنها وتماثلها للشفاء.. كم كتبت وكتبت وكتبت لأنقل صرختها وأنّاتها وآلامها في سجون #بن_زايد.. اليوم رحلت علياء وبقيت #الإنسانية_تحتضر في بقايانا المكسورة من وجع وتخاذل".

أما الصحفي عادل مرزوق فغرد قائلا: المعتقلة الإماراتية المصابة بالسرطان علياء عبد النور توفيت إلى رحمة الله، رغم عديد المناشدات لسلطات الإمارات للإفراج عنها لتقضي أيامها الأخيرة مع والدتها ووالدها فإنها لم تستجب. أي قسوة هذه التي تسكن في قلوبكم؟.

وعلق المختار بن نافع بالتالي: المعتقلة الإماراتية علياء عبد النور تلفظ أنفاسها في سجون أبو ظبي القمعية بسبب التعذيب ومنع الدواء رغم إصابتها بالسرطان.

ويقول السياسي المصري أسامة رشدي: "نظام اللامستحيل في #الامارات يؤكد ان من المستحيل ان يتمتع هذا النظام الشيطاني بالإنسانية او العدل او احترام حقوق الانسان من المستحيل ان يتحلى بالرحمة او الرشاد من المستحيل ان يكون حاكم #أبوظبي إنسان بل هو نوع نادر من أشباه الرجال الزعران" على حد تعبيره.

ووصف أحمد علالي الإمارات بأنها "وزارة التعاسة والمستحيل باحترام الإنسانية".

وكتبت فداء الزعانين مغردة: علياء قُتلت.. علياء تعرضت لإهمال طبي مُتعمد وحُرمت من تلقي علاج مناسب في ظروف إنسانية مُنعت من رؤية ضوء الشمس، عُذبت كُبلت حتى خلال فترة وجودها في المستشفى، ولم يسمح لأهلها بزيارتها لفترات طويلة.

أما صاحب حساب نورس، فقال: رحم الله الشهيدة #علياء_عبدالنور توفيت على سريرها بالمشفى وبيديها قيود أمن بن زايد.ذنبها الوحيد هو مساعدة المنكوبين السوريين وإغاثتهم.

وكان الناشط الإماراتي حمد الشامسي الذي سبق أن خصص حيزا واسعا في تغطية حالة علياء ومتابعتها طوال الشهور الماضي، من أوائل من نعوا علياء وذلك بإعادة تغريدة والدة علياء:

وتفاعل ناشطون آخرون مع نعي والدة علياء، بمزيد من مشاعر التضامن والغضب.

فقد قالت صاحبة حساب "فاشين": "الله لا يرحم من سجنها وعذبها، إنسانة مريضة ليش ما تركوها تعيش كم يوم مع أهلها".

وقالت صاحبة حساب "أفنان": "الله يرحمها ويجازي ظالمها، لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل".

وكانت الشهيدة الراحلة تعاني أوراماً سرطانية وتضخماً في الغدد الليمفاوية، وهشاشة في العظام وتليفاً بالكبد، ووصلت حالتها إلى مراحل متأخرة تهدد حياتها بالخطر، فاقمتها ظروف المعتقل السيئة والإهمال الصحي المتعمد الذي مارسته في حقها سلطات الإمارات، وأدى إلى تفاقم انتشار السرطان في جسدها.