أحدث الأخبار
  • 07:00 . دراسة تربط بين تناول الأسبرين وتحقيق نتائج إيجابية لدى مرضى السرطان... المزيد
  • 12:00 . الأرصاد يتوقع سقوط أمطار مجدداً على الدولة حتى يوم الأحد... المزيد
  • 11:46 . الجيش الأمريكي يعلن التصدي لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... المزيد
  • 11:30 . إعلام عبري: مجلس الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفقة تبادل جديدة... المزيد
  • 11:03 . الذهب يتراجع متأثراً بموجة جني الأرباح... المزيد
  • 10:13 . تقرير يحذر من تعرض الأفراد والمنشآت الإماراتية في شرق أفريقيا للهجمات... المزيد
  • 09:14 . إعلام عبري: رئيسا "الشاباك" وهيئة أركان جيش الاحتلال يزوران مصر لبحث اجتياح رفح... المزيد
  • 09:12 . "الكيل بمكيالين".. صحيفة إماراتية تهاجم تمييز لجنة أولمبياد باريس بين "إسرائيل" وروسيا... المزيد
  • 07:52 . أسير إسرائيلي لدى القسام يشن هجوما لاذعا ضد نتنياهو (فيديو)... المزيد
  • 07:38 . الإمارات: كثرة استخدام "الفيتو" يفقد قرارات مجلس الأمن الشرعية... المزيد
  • 06:29 . محمد بن راشد: 366 مليار درهم صادرات الدولة سنوياً بحلول 2031... المزيد
  • 06:28 . مجلس الوزراء يقر ملياري درهم لمعالجة أضرار بيوت المواطنين جراء الأمطار... المزيد
  • 06:15 . جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة... المزيد
  • 12:19 . النفط يرتفع بعد انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية... المزيد
  • 11:27 . إعلام: وصول ضباط إماراتيين إلى جزيرة سقطرى اليمنية... المزيد
  • 11:08 . "المركزي" مستعد للتدخل لمساعدة أي منشأة في الحصول على تأمين... المزيد

التجارة ليست شطارة فقط

الكـاتب : عبد الله السويجي
تاريخ الخبر: 25-08-2014

حين يهل شهر رمضان بنوره يعكّره التجار برفع الأسعار، وحين يحل العيد بفرحته يلوثها التجار برفع الأسعار، وقبل بدء العام الدراسي بعلمه وتربيته يبادر التجار إلى رفع الأسعار، وحين يطل الصيف بإجازاته يعطله التجار برفع الأسعار، وكأنهم أعداء للرحمة والفرحة والعلم وراحة النفس، وكأنهم أعداء للفقراء وللتلاميذ والمسافرين، وكأنهم ينضمون بشكل متواصل للمقولة الشعبية التي يرددها التجار في الأفلام السينمائية "اللي معوش ما يلزموش"، أي من لا يمتلك مالاً عليه ألا يتطلّب .
والقضية لا تتوقف ولا تتعلق بمن معه المال، ولكنها تضرب في الصميم أصحاب الدخل المحدود، وأفراد الطبقة الوسطى، الذين يرتبون حياتهم بشكل محكم، وتؤثر فيها سلباً أي زيادة تطرأ، وبما أن التجار يمسكون عملاءهم وزبائنهم من "أياديهم التي تؤلمهم"، أي من حاجاتهم الضرورية، فإنهم يقابلون بالطاعة من قبل جمهورهم، الذين لا حول لهم ولا قوة، وما عليهم سوى الخضوع لمنطق قريب من الابتزاز والاحتكار .
التجارة ليست معادلة "العرض والطلب"، وليست مادة فقط، وإنما تحتكم إلى الأخلاق أيضاً، وللتجارة قيمها التي تشمل الرحمة والتآزر أيضاً، وليس الكسب والربح، وحين قيل إن "التجارة بركة"، لم يُقصد بها تراكم الأموال والأرباح فقط، وإنما لأنها توفر حاجات الناس بطريقة لا ترهق كواهلهم ولا تجبرهم على الحصول على القروض وأن يصبحوا ضحايا الدين والأرق والمحاكم .
لفت نظري تحقيق نشر في "الخليج" يلفت إلى أن أسعار الكثير من المستلزمات المدرسية زادت بنسبة 30-40%، ومن بين هذه المستلزمات الحقائب المدرسية، التي بالغ التجار في رفع أسعارها، ولنا أن نتخيل وجود حقيبة مدرسية يصل سعرها إلى 300 درهم على سبيل المثال .
أما أقساط المدارس الخاصة فهي إلى ارتفاع مستمر، وفي كل عام تتقدم عشرات المدارس بطلبات لزيادة الأقساط، حتى أصبح القسط في بعض المدارس الابتدائية يوازي القسط في بعض الجامعات، وهو أمر يثير الدهشة والاستغراب، ومجالس التعليم في الدولة لا تملك إلا أن توافق على طلبات بعض المدارس، لما تشكله هذه المدارس منذ سنوات، من ضرورة ملحة، فقبل شهور وافق مجلس أبوظبي للتعليم على زيادة الرسوم الدراسية ل39 مدرسة خاصة على مستوى أبوظبي والعين للعام الدراسي المقبل (2015/2014)، منها 23 مدرسة في أبوظبي، مقابل 16 مدرسة في العين، وذلك من بين 82 مدرسة خاصة تقدمت بطلبات لزيادة رسومها للعام الدراسي الذي سيبدأ بعد أيام، وبلغ متوسط نسبة الزيادة 6% . لكن المدهش في الأمر أن مستوى التعليم الخاص، خلافاً للصورة الشائعة، يعاني من تراجع، إذ "أشارت نتائج اختبارات المدارس الخاصة في اختبارات "البيزا" الدولية إلى مستوى أداء منخفض، كما أن نتائج برنامج "ارتقاء" للتفتيش على المدارس الخاصة ورفع جودتها، كشفت عن أن 75% من المدارس لم تستوفِ الحد الأدنى من متطلبات جودة التعليم التي تم تحديدها" .
وعلى الرغم من ذلك، فإن الحاجة إلى المدارس الخاصة في تزايد، وتقول الأخبار إن إمارة دبي في حاجة إلى تشييد ما يعادل 110 مدارس جديدة، لاستيعاب أكثر من 360 ألف طالب وطالبة بحلول عام ،2020 نظراً لما شهده العامان الدراسيان الماضي والجاري، من زيادة في أعداد طلبة المدارس الخاصة، بلغت نحو 18 ألف طالب وطالبة، مع استمرار الزيادة السنوية في أعداد الطلبة المسجلين في المدارس الخاصة، بنسبة 7% حتى العام ذاته، وتحتاج إمارة أبوظبي إلى إنشاء 50 مدرسة خاصة جديدة لتوفير 70 ألف مقعد دراسي شاغر حتى العام الدراسي ،2020 بمعدل 10 آلاف مقعد دراسي سنوياً، حيث يبلغ عدد مدارس التعليم الخاص في إمارة أبوظبي حالياً 184 مدرسة خاصة، تخدم 215 ألف طالب وطالبة، أي ما يقارب 63% من طلبة الإمارة .
أما بالنسبة لزيادة الأسعار في القطاعات الأخرى، وخاصة الاستهلاكية في المناسبات، فإنها في تزايد مستمر، فقد قال الدكتور هاشم النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، إن شكاوى المستهلكين ارتفعت إلى 100 شكوى يومية خلال النصف الأول من رمضان الماضي، موضحا أن حصة ارتفاع الأسعار بلغت نحو 25 شكوى يومية، مقابل 70 خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، منها 18 شكوى ارتفاع أسعار، ويحدث الأمر ذاته في أيام الأعياد أو مواسم الحج والعمرة .
وفيما يتعلق بتذاكر السفر، فقد حققت زيادة بنسبة 100% في الكثير من الرحلات خلال عطلة عيد الفطر، واستمر الغلاء لرحلات شهر أغسطس/آب الحالي، وقد أدت إلى إحجام كثيرين عن السفر للترفيه أو لزيارة بلدانهم .
صحيح أن العلاقة بين التاجر والزبون أو المستهلك لا تتم غصباً أو بالقوة، وإنما عن تراضٍ، ولكن هذا لا يعني أن يقوم التاجر برفع الأسعار لاستغلال مناسبة دينية أو وطنية، أو يستغل حاجة الناس الضرورية للطعام، كما يحدث في رمضان، أو للسفر كما يحصل في العطلات والأعياد، أو استغلال أولياء الأمور من قبل المدارس الخاصة لحاجتهم الماسة إلى تعليم أبنائهم، فهذا الاستغلال يلعب على وتر الحاجة، وهي حاجة مشروعة وضرورية ومن غير الممكن الاستغناء عنها، كالتعليم، والمستغل كالمرابي، يتاجر في حاجات الناس، ولكن الفرق يكمن في أن التاجر يأخذ المال والربح بشكل فوري، بينما المرابي يأخذها فيما بعد، لكنهما يلتقيان في الابتزاز .
قد نقبل رفع الأسعار في الأمور الكمالية، لكننا لا نقبلها، تجارياً ولا أخلاقياً، في الأمور الحياتية الماسة، ومن يستغل الناس إنما سلك الدرب الخطأ، وضلّ عن الطريق القويم، لأن الدين عند الله المعاملة، ومن صلح تعامله مع الناس صلح إيمانه، ونسوق الآية الكريم التي تعبر مجازيا عن قولنا والتي تقول: (أُولَئِكَ الذِينَ اشْتَرَوُا الضلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) .
قد يكون رفع الأسعار من وجهة نظر اقتصادية لتغطية الزيادات في العقارات أو النقل أو زيادة أسعار المحروقات أو زيادة أسعار السلع في بلد المنشأ، أو أحياناً لندرة وجود السلع، أو لتراجع قيمة العملة، لكن شيئاً مما ذُكر قد حدث، لم تتعرض العملة الوطنية للتراجع، ولم يحدث أي تضخّم، ولم تتم زيادة في الطاقة التي تستخدمها الطائرات، ولم ترتفع ضرائب المطار، وكل ما يحدث أن الإقبال على الطعام يزداد في رمضان، وهو أمر شبه طبيعي، والإقبال على السفر يزداد في الصيف أو في العطلات والأعياد، والإقبال على التعليم يتعاظم في ظل زيادة عدد السكان، والحل لا يكون برفع الأسعار، ولا ابتزاز الناس والمتعاملين، والقضية ليست مزاداً أيضاً حتى يرسو العطاء على من يدفع أكثر، الحل يكمن في أن تبقى الأحوال كما هي، ومن يتقدم أولا يحصل على فرصة التعليم والسفر، وبدلا من زيادة أسعار تذاكر السفر يمكن تسيير رحلات إضافية وليس مضاعفة أسعار التذاكر .
إن ما أقدمت عليه شركات الطيران انتهازية واضحة، وكذلك الأمر بالنسبة لشركات المواد الغذائية .
لقد فقد هؤلاء القيمة الأخلاقية للتجارة، وجعلوها رأسمالية مقيتة، تعطي الأولوية لميسوري الحال وتحرم الفقراء ومحدودي الدخل .
كنا نتمنى أن يتدخل أصحاب الشأن والمعنيون في مراقبة الجنون الذي استعر، ومحاسبتهم، فشهر رمضان شهر رحمة، وموسم الحج موسم رحمة، والابتزاز في هذه المواسم الدينية أو في طلب العلم يقترب من إيقاع الظلم على شريحة من الناس . فلا تتاجروا يا سادة بحاجات الناس، واعملوا على سدها بالحسنى، ذلكم خير لكم في الدنيا والآخرة .