كانت هناك تقارير كثيرة في الآونة الأخيرة حول مدى انزعاج إيران من روسيا بسبب انحيازها الواضح إلى الإمارات بشأن الجزر الثلاث المحتلة من قِبل النظام الإيراني، على الرغم من أن البيان المشترك لا يغير حقيقة أن طهران ستستمر في احتلالها للجزر.
وفي 10 يوليو، صدر بيان مشترك في اجتماع مجلس التعاون الخليجي الروسي الذي عقد في موسكو، دعا إلى "إجراء مفاوضات ثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية".
ويشير مركز "ذا أتلانتك كاونسل" (المحيط الأطلسي) للدراسات، في تحليل جديد، كتبه مارك كاتز هو أستاذ الحكومة والسياسة في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون الأمريكية، إلى أن هذا التصريح الروسي قد يبدو "دبلوماسياً وغير ضار" لكنه قوبل برد فعل سلبي للغاية من قِبل المسؤولين في طهران.
وفي 12 يوليو، اُستدعي السفير الروسي في طهران، أليكسي ديدوف، إلى وزارة الخارجية الإيرانية للاحتجاج، وطلب من موسكو "تصحيح موقفها".
ولفت المركز الأمريكي إلى أن العديد من الإيرانيين ردوا بشكل سلبي على إعلان حساب وزارة الخارجية الروسية على تويتر باللغة العربية عن الاجتماع بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك تعبير الخارجية الروسية بوصف الخليج "بالعربي" و"ليس الفارسي".
وبعد سنوات من التوترات، تحسنت العلاقات بين الإمارات وإيران في أغسطس 2022 عندما اتفق البلدان على استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة، والتي تم تخفيضها في عام 2016. ومع ذلك، تعتبر إيران ملكيتها للجزر الثلاث حقيقة محسومة، وهي غير راغبة في التفاوض مع الإمارات أو السماح لمحكمة العدل الدولية بالبت في هذه المسألة، وفق ما ذكر مركز المحيط الأطلسي.
وأضاف المركز أن "تأييد موسكو لموقف الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي أمر مزعج بشكل خاص لطهران، بالنظر إلى مقدار ما فعلته إيران لدعم روسيا في حربها مع أوكرانيا. ويشمل ذلك بيع طائرات إيرانية مسلحة بدون طيار إلى روسيا وحتى مساعدة موسكو في بناء مصنع للطائرات بدون طيار داخل روسيا.
لماذا تفعل موسكو ذلك؟
في إجابته على هذا التساؤل يشير "المحيط الأطلسي" إلى أن أحد الاحتمالات هو أن روسيا، التي تخضع لعقوبات دولية عقابية، تأمل في زيادة صادراتها واستثماراتها مع الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وهو أمر لا تستطيع إيران توفيره بسبب صعوباتها الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات الغربية. وارتفعت التجارة بين روسيا والإمارات بنسبة 68% في عام 2022 إلى تسعة مليارات دولار، تتكون بشكل رئيسي من الصادرات الروسية إلى الإمارات (8.5 مليار دولار).
ويضيف: "وقد يستند انحياز موسكو إلى مجلس التعاون الخليجي بشأن هذه القضية أيضا إلى حسابات روسية باردة؛ ففي حين يمكن للإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التعاون مع الغرب أو روسيا، لا يتعين على موسكو أن تخشى احتمال زيادة التعاون الإيراني الغربي. وهذا يسمح لروسيا بتجاهل التفضيلات الإيرانية، على الرغم من أن روسيا أصبحت تعتمد على المساعدة العسكرية الإيرانية".
بالمقابل "تشعر الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى (البحرين والكويت وعمان والسعودية وقطر) بامتنان كبير لأن موسكو دعمت موقفها بشأن الحاجة إلى حل قضية الجزر المحتلة من إيران. ويمكنهم أيضا الإشارة إلى قيام موسكو بذلك كسبب لمقاومة الدعوات الأمريكية لدول الخليج العربية للنأي بنفسها عن روسيا والانضمام إلى الغرب في فرض عقوبات اقتصادية على موسكو"، وفقاً للمركز.
ويضيف: في الواقع، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تجادل بأن الدعم الروسي لموقفها من حل النزاع على الجزر يدل على فائدة تعاونها مع روسيا.
واختتم التحليل بالقول إنه "مع ذلك من الضروري عدم المبالغة في أهمية البيان المشترك بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن حل النزاع الإيراني الإماراتي. وكما تدرك كل من موسكو وطهران تماما، فإن إيران لن تدخل في مفاوضات مع الإمارات، ناهيك عن السماح لمحكمة العدل الدولية، بالتحكيم في نزاعهما. إن البيان المشترك بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي لا يفعل شيئا لتغيير حقيقة أن إيران لا تزال تحتل الجزر الثلاث ومن المرجح أن تظل كذلك".