أحدث الأخبار
  • 05:43 . مقتل ستة جنود باكستانيين في هجوم مسلح قرب حدود أفغانستان... المزيد
  • 11:13 . الموارد البشرية: نحو 18 ألف عامل حصلوا على دعم مالي منذ تطبيق التأمين ضد التعطل... المزيد
  • 11:10 . "التعليم العالي" تسحب الاعتراف بمؤهلات جامعة ميدأوشن بعد مخالفات جسيمة... المزيد
  • 11:06 . من الرياض.. "العليمي" يتهم الانتقالي بتقويض الدولة وتهديد الاستقرار في الشرق اليمني... المزيد
  • 11:02 . عروض عسكرية واسعة في سوريا بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد... المزيد
  • 10:58 . خبراء يمنيون: المشهد اليمني ينزلق إلى صراع نفوذ مفتوح بين الرياض وأبوظبي... المزيد
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد
  • 05:52 . هرتسوغ يهاجم زهران ممداني لانتقاده حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد
  • 10:46 . بينما يحتفي المطورون العقاريون بـ2025.. "نزوح صامت" نحو الإمارات الشمالية ومخاوف من "طوفان المعروض"... المزيد
  • 12:10 . تقرير: دبي دفعت 23 مليون دولار لمتشددين في مالي مقابل إفراجهم عن شيخ من آل مكتوم... المزيد

تحيا تونس

الكـاتب : جمال خاشقجي
تاريخ الخبر: 25-10-2014

غداً (الأحد)، تحتفل البقية المتبقية المؤمنة بالربيع العربي بيوم من أيامها التاريخية المصيرية المباركة، إنها الانتخابات التونسية التي بنجاحها تحصل تونس على شهادة النجاة من نفسها «الأمّارة بالسوء»، التي وسوست لها غير مرة أن الديموقراطية فتنة، والعهد القديم بعجره وبجره هو الاستقرار، ومن أعداء الربيع العربي المرعوبين من سنن التغيير، الذين ما فتئوا يحفرون لها الكمائن لتتعثر، بل الأفضل لهم أن تنتكس تماماً وتعود سيرتها الأولى منتظمة في عهود الاستبداد المملوكي العربي الذي استقر بيننا ألف عام ونيف حتى حسبنا أنه الأصل وأنه قدر الله وحكمته علينا، فانفجرت مسيرة التغيير علينا أجمعين من بلد مجهول لغالب العرب وسط تونس في كانون الأول (ديسمبر) 2010، فأصبح ذلك التاريخ ولادة جديدة لنا ومن سيدي بوزيد محجاً للمؤمنين بتلك اللحظة التاريخية ومقاصدها.

نجاح الربيع العربي في تونس يؤكد أن ما حصل فيها قبل أربعة أعوام لم يكن حدثاً عارضاً وإنما حتمية تاريخية لا بد أن تنتصر لمن فَقُهَ علم التاريخ وسننه، من المؤمنين أنه السبيل الوحيد لإنقاذ العرب من مصيرهم المحتوم إذا ما بقيت اختياراتهم قاصرة على «داعش» أو الاستبداد. ما يحصل بجوار تونس، في ليبيا، ثم مصر فاليمن، وما هو أدهى وأمر في العراق وسورية، يؤكد أن المسار التونسي هو الصحيح، حيث الاحتكام للديموقراطية وأدواتها، ومن أبى فمصير بلاده الفتنة وانقسام المجتمع والاستقطاب وبث الكراهية بين أهل البلد الواحد، بل حتى الحرب والهلاك.

سيتابع كثيرون غداً صور التوانسة وهم يدلون بأصواتهم بكل حرية. سيبعث ذلك في من انتكس ربيعه أملاً وحسرة، ممن حمل آمالاً عراضاً في ذلك العام الراحل 2011 ببلد ينعم بسلام وحرية وعدالة ومساواة وإخاء، فانتهى معتقلاً، أو مطارداً، أو لاجئاً، أو حتى مقاتلاً يَقتل ويُقتَل، ومثلما كانت تونس شعلة ألهمته، فهي اليوم أمل له.

نجاح الربيع العربي هناك، لا يعني بالضرورة فوز «المستضعفين» الذين اعتقلهم أو شردهم نظام بن علي، كالإسلاميين أو اليساريين أو النقابيين الصادقين، ليس بالضرورة أن يفوز هؤلاء وإن كانوا الأجدر والأحق فهم من ناضلوا من أجل تلك اللحظة التاريخية، بل حتى لو فاز بها حزب «نداء تونس» وزعيمه الباجي قائد السبسي الذي لا ينتمي بسنّه المتقدم وهيئته وتاريخه وحديثه وتصريحاته وعلاقاته لزمن الربيع العربي، وإنما للعهد الذي أطاح به الربيع، لو فاز سيكون زعيم «النهضة» راشد الغنوشي أو الرئيس «الثوري» المنصف المرزوقي أول من يهنئه، ففوزه ديموقراطياً نجاح لتونس، وإيذان بتداول سلمي للسلطة، ولكن هذا إذا التزم بقواعد الربيع العربي وشروطه، وأولها «الديموقراطية الليبرالية» بشكلها وروحها، فلا يحول انتصاره وحزبه إلى إلغاء للآخر، أو ينكل به، ثم يتلاعب بأدوات الانتخاب لضمان أن يبقى هو وحزبه في السلطة، مثلما فعل بن علي ومَن قبلَه ومَن هم على شاكلته.

وهنا يحضرني تعريف جديد صغته متطوعاً لتحديد من «المتطرف» ومن «المعتدل» في عالمنا العربي. «من يقبل الديموقراطية الليبرالية وأدواتها من انتخاب وحرية رأي وتعبير، ويقبل بنتائجها ويلتزم بتداول سلمي للسلطة، ويحترم حقوق الخاسر فهو معتدل، ومن يرفض كل ما سبق أو بعضه فهو متطرف»، لو استخدمنا هذا التعريف في سورية أو ليبيا، نستطيع حينها أن نحدد الجهة التي تستحق الدعم والتعاون معها، والجهات التي يمكن إعلانها متطرفة فتُنبذ ويُضغط عليها حتى تستجيب وتُغير منهجها، ذلك أن الجهة التي ترفض الديموقراطية، ما هي إلا مشروع استبداد، مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة»، بل حتى «الجبهة الإسلامية» التي ينظر إليها أنها معتدلة وتلقت مساعدات من كثير من دول المنطقة قد لا تتفق مع التعريف السابق، ذلك أنها تحت ضغوط التيارات السلفية الرافضة للديموقراطية، تحاشت في دستورها الإشارة إليها كمنهج لبناء سورية الجديدة. من دون الديموقراطية ومقتضياتها، فإن مصير بلد كسورية أو ليبيا هو الاقتتال إلى أن تتغلب فئة على الأخرى، فنعود في القرن الواحد والعشرين لفقه «المتغلب» الذي اضطر له الفقهاء ولم يختاروه.

سيهتف التونسيون غداً «نموت نموت ويحيا الوطن» ذلك الشطر المعبّر من نشيدهم الوطني، وهم يحتفلون بالحرية وإنجازهم الوطني، ولكن الموت عندهم استثناء، هو التضحية التي دفعها عشرات قلائل منهم منذ شرارة الربيع العربي التي أطلقوها في كانون الأول 2010، أما عند غيرهم ممن وصلتهم شرارة ربيعهم، أصبح الموت هو القاعدة، موت بالمئات، بالآلاف، بعشرات الآلاف، بمئات الآلاف، حتى تعب الموت عندهم من الموت، الفضل في ذلك يعود بعد الله إلى ديموقراطية صادقة احتكموا إليها، تحيا تونس.