أحدث الأخبار
  • 08:11 . الإمارات تصدر مرسوماً اتحادياً بشأن تنظيم المؤسسات العقابية والإصلاحية... المزيد
  • 07:51 . "التأمينات" تحدد موعد صرف المعاشات التقاعدية لشهر نوفمبر... المزيد
  • 07:32 . اتصالات الإمارات توافق على رفع سقف الاقتراض 200% مؤقتاً... المزيد
  • 07:08 . الأمطار تتسبب بتضرر وغرق 10 آلاف خيمة نزوح في غزة... المزيد
  • 06:50 . كوشنر يتعهد بدعم اليهود في الإمارات بعد مقتل الحاخام الإسرائيلي... المزيد
  • 06:38 . النفط يهبط مع احتمال التوصل لاتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله... المزيد
  • 01:24 . باكستان.. مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين لعمران خان... المزيد
  • 12:56 . "الهوية والجنسية" تحدد ست خطوات لإصدار تصريح مغادرة إلكترونياً... المزيد
  • 12:02 . جيش الاحتلال يقتحم جامعة بيرزيت الفلسطينية ويعتقل طالبين... المزيد
  • 11:49 . وفد وزاري إماراتي يبحث في تركمانستان فرص التعاون الاقتصادي... المزيد
  • 11:26 . "البرهان" ينفي مزاعم وجود تسوية او تفاوض مع "الدعم السريع"... المزيد
  • 11:21 . ألمانيا تحيل أشخاصا للمحاكمة بزعم انتمائهم لحماس... المزيد
  • 10:56 . هل تمثل سرعة القبض على المتهمين بقتل الحاخام الإسرائيلي نجاحاً لأبوظبي؟... المزيد
  • 10:40 . "الاتحاد للطيران" تتوقع نقل 21 مليون مسافر في 2025... المزيد
  • 10:32 . مواجهات في إسلام أباد بين متظاهرين مؤيدين لعمران خان وقوات الأمن... المزيد
  • 10:24 . "تعاونية الاتحاد" تدرس التحول إلى شركة مساهمة عامة... المزيد

تقرير إستراتيجي.. دور إيران الإقليمي وتأثيره على علاقاتها بدول الخليج

وكالات – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 15-12-2014

ترى إيران أن لديها من المبررات، التاريخية والجغرافية والبشرية والعقائدية والسياسية، ما يؤهلها للعب دور القائد في المنطقة، إدراكًا منها لقوتها الذاتية، وإمكاناتها الطبيعية، وتزايد تأثير نشاطها في المنطقة، وإحساسها بحقها في الريادة على سائر دول المنطقة، الأمر الذي جعل علاقاتها بجيرانها تتحدد وفق استراتيجية تحقيق أهدافها التي تتمسك بها، وهذه الرؤية للدور الإقليمي، واستقرار الاعتقاد بامتلاك عناصره ومقوماته في مدركات صناع السياسة الإيرانية، هي التي حددت طبيعة علاقات ايران مع دول الخليج، التي تعد أحد أبرز التفاعلات الإقليمية العاكسة بوضوح لطموحها في ممارسة دور إقليمي بارز، ومفهومها لحدود هذا الدور وكيفية صناعته.


الخليج المستهدف الاول

 تتعدد المقومات والدوافع والدعائم، التي تدفع إيران للسعي من أجل الاضطلاع بالقيادة الإقليمية، ومن ثم لعب دور عالمي فاعل، هذه الدعائم هي التي تجعل من منطقة الخليج المستهدف الأول في عملية صناعة هذا الدور، فالهيمنة على النظام الإقليمي الخليجي يجعلها تفرض رؤيتها الاستراتيجية، بجانب المصالح الحيوية، التي تؤثر في أمنها واستقرار نظامها السياسي.

ويمكن القول إن لدى إيران ميزة استراتيجية تتمثل في تحكمها في الممرات البحرية الحيوية، فهي تحتل موقعاً مهماً على رأس الخليج، يمكنها من التحكم في عصب اقتصادات دول المنطقة، هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجة خاصة على صعيد النفط والممرات، وهي نظرية قديمة أطلق عليها علماء السياسة "قلب العالم"، ومن ثم، فقد كان، ولا يزال، الهدف الرئيسي للنخب الإيرانية المتعاقبة، هو الحفاظ على وضع التميز الذي تحظى به إيران.

وقد جعلت الأهمية الاستراتيجية الخليج في قلب استراتيجية صناعة قيادة إقليمية ودور عالمي لإيران، فالسيطرة على الخليج، الذي تأتي تسميته "الخليج الفارسي" والتشبُث بها كمسمى للاستحقاق التاريخي له من جانب إيران في صميم مفهوم دورها الإقليمي، وانعكاس تلك السيطرة بدورها على التوازن الإستراتيجي الإقليمي، هو الضامن الرئيسي لقيادة إقليمية للمنطقة تؤهلها للعب دور عالمي مؤثر وفاعل.

ويرتبط هذا بكون الخليج العربي أحد أهم المناطق الحيوية والإستراتيجية بالنسبة للمصالح الغربية عموماً، والأمريكية بوجه خاص، ابتداءً بالموقع الاستراتيجي المهم لتلك المنطقة، ومروراً بأهميتها الاقتصادية المتمثلة في معدلات التبادل التجاري بين الجانبين، وانتهاء بالأهمية النفطية، حيث تعد المنطقة أهم مستودع للنفط في العالم، إذ تمتلك أكثر من ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط، أي السلعة الاستراتيجية التي يتوقف عليها النمو الاقتصادي العالمي. ما فرض أهميته للأمن الإقليمي بالنسبة للولايات المتحدة، لتدعيم أمن الحلفاء والأصدقاء الإقليميين، والحفاظ على حرية الملاحة، وضمان حرية الوصول إلى الموارد والأسواق دونما عوائق، الأمر الذي جعل الخليج محاطاً بحزام عسكري أمريكي، وبالتالي خرج من معادلة الأمن الهشة، ليدخل ضمن مظلة الأمن الأمريكي، تلك المظلة التي تعتمد بشكل أساسي على وجود عسكري أمريكي مكثف ومباشر في الخليج.

لذلك، تعد الولايات المتحدة والغرب طرفاً في التفاعلات السياسية بين الخليج وإيران، وفي صياغة رؤيتها ومشروعها لقيادة المنطقة، فالمشروع الإيراني قائم على فرضية مفادها أن توازن الرعب في الخليج العربي، والحضور الإيراني الكثيف في المشرق العربي، سوف يضغط على الولايات المتحدة لقبول إيران كشريك إقليمي بارز، وبالتالي تقاسم المصالح والنفوذ في المنطقة.

 

دور اقليمي طموح

 بعد قيام الثورة الإيرانية، تغيرت الأنماط التفاعلية، وطبيعة الدور والمكانة التي اكتسبتها إيران "الشاه" في صفوف المعسكر الغربي وأنصاره العرب، والتي جعلتها صاحبة دور رئيسي في صياغة الترتيبات الإقليمية في الإقليم، ما ساعدها على المضي في تنفيذ رؤيتها الطموحة لدورها الإقليمي، التي كانت جزءاً من تصور عام لدى الشاه؛ لإمكانية قيام إيران بدور متميز على الساحة العالمية، فقد حظي الدور الإقليمي الإيراني، بمزيد من الأهمية والزخم بعد نجاح الثورة الإسلامية في الإطاحة بالشاه، وبعد أن طال تغييراً جذرياً سياسة إيران الإقليمية وأدواتها، وتحولت إلى عدو ومصدر تهديد لمصالح الغرب، وعلى رأسها تدفق النفط من الخليج، وأمن إسرائيل.

فقد سعت إيران بعد الثورة إلى التحول إلى قوة مهيمنة، وكان مفهوم الأمة الإسلامية من المفاهيم التي احتلت حيزاً هاماً في الخطاب السياسي للثورة الإسلامية الإيرانية، وتبنت إستراتيجية "المجال الحيوي"، التي تمنحها حق ممارسة دور أكبر في منطقة الخليج العربي، عبر الاستئثار بدور إقليمي؛ لإقامة حكومة شعبية إسلامية، بدلًا من الحكومة الملكية الوراثية، وتفعيل القدرة للتخلص من سيطرة الدول الاستعمارية، والاهتمام بأمنها الإقليمي.

إلا أن تلك الرؤية قد أثرت على دور ومكانة إيران إقليمياً ودولياً، فالعداء للغرب، وإعلانها مواقف عدائية جذرية من الكيان الصهيوني، ومن الصراع العربي- الإسرائيلي، وضعها في موقف صعب مع الولايات المتحدة والعالم الغربي. هذا الموقف الصعب تحول إلى عداء غربي مفرط لإيران مع تقدم المشروع النووي الإيراني، وعجز الغرب عن احتوائه، كما أثّر اتباعها نهج سياسة تصدير الثورة في سنواتها الأولي، ودعوتها للتغيير في الدول المجاورة المحافظة، والتورط في دعم بعض أنشطة معارضة في عدد من دول المنطقة، خاصة في إقليم الخليج، والإصرار على الاستمرار في احتلال الجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات، كل هذا أدى إلى قلب خريطة التحالفات الإقليمية رأساً على عقب. وتبدلت مكانة إيران، فأصبحت عدو ومصدر تهديد لمن كانت صديق وحليف لهم، وهو ما عرضها لعزلة دولية وإقليمية.

 

الخليج في قلب إستراتيجية القوة الإيرانية

سعت إيران إلى بناء قدراتها الذاتية، كقوة إقليمية كبرى، من خلال استراتيجية لامتلاك كل أدوات القوة، الصلبة والناعمة والسياسية، وكان للخليج موقع مهم في تلك الاستراتيجية. فعلى المستوى السياسي، استخدمت إيران القضايا الرئيسية محل الخلاف والنزاع بينها وبين دول الخليج كأوراق ضغط في استراتيجيتها لمواجهة الولايات المتحدة، وشكلت التهديدات التي فرضها النظام الإيراني في محاولاته لتوجيه التفاعلات الدولية في منطقة الخليج، مصادر خطر بالنسبة للولايات المتحدة ومصالحها، فيما كانت الأخيرة بدورها تسعى إلى احتواء الدور والقدرات الإيرانية، والتعامل مع إيران كمصدر للتهديد، باعتبارها قوة طامحة للهيمنة الإقليمية.

كما أن إيران استمرت في التأكيد على أن سياستها تجاه الخليج ترتكز على التزامات دورها كقوة إقليمية مقاومة لكافة أشكال الهيمنة العالمية على منطقة الخليج.

وفي الفترة التي تراجعت فيها أهمية الخطاب الأيديولوجي، داخلياً وخارجياً، بما يعني تراجع سياسة تصدير الثورة، استمرت إيران في استخدام العامل الديني كقوة ناعمة، لخلق بيئات حاضنة تتقبل وتؤيد طرحها ومشروعها في العالم العربي، وانعكس ذلك في شكل دعمها للشيعة في دول الخليج العربي.

 وعلى صعيد القوة الصلبة، ومن أجل امتلك الأدوات التي تمكنها من أن تصبح لاعباً أساسياً في المنطقة، طورت من قدراتها العسكرية، وبرنامجها النووي، الذي أضحى من الحقوق الإيرانية الثابتة في الرؤية الرسمية والشعبية، كما أنه وثيق بالرؤية الإستراتيجية لدور إيران الإقليمي، وسعيها للقيام بأدوار متعددة تبدأ بالمشاركة في ترتيبات أمن الخليج، وتعزيز الموقف الإيراني في القضايا المتعلقة بهذا الأمن.

 إلا أنه وبعد الربيع العربي اندفعت إيران إلي الحديث عن ولادة شرق أوسط جديد في المنطقة علي أنقاض الأنظمة التي سقطت، واستدعت في هذه اللحظة مشروعها لإقامة شرق أوسط إسلامي، الذي تبنته في مواجهة المشروعات التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية، عقب احتلال العراق في العام 2003، مثل مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، و"الشرق الأوسط الجديد". ويعتمد ذلك المشروع الإيراني على محورين، الأول: أيديولوجي، يتمثل في إيمان النظام الإيراني بحتمية قيام الحكومة العالمية للإسلام، وبضرورة اضطلاع إيران بدور قوي في التمهيد لذلك. والثاني: استراتيجي يتصل بمحاولات إيران تكوين حزام أمني، يكون بمثابة حائط صد لكل المحاولات التي يبذلها خصومها لاختراقها من الداخل، أو إحكام محاصرتها عبر دول الجوار.

     لكن تطور الأوضاع، وتأزمها، تحديداً في سوريا، التي أصبحت أحد مجالات الصراع بين إيران ودول الخليج، وانعكاساته، ثم عودة مصر للانضمام إلى المعسكر الذي يضم الخليج، والتغييرات الداخلية في إيران المتعلقة بتأثير الحصار المفروض عليها اقتصادياً، ومسار التفاوض بشأن ملفها النووي، وفي الأخير وصول قيادة معتدلة إلى سدة الرئاسة، كل ذلك دفعها إلى إعادة ترتيب أولوياتها، وتغيير أدوات تنفيذها لمشروعها الإقليمي الريادي في المنطقة.