أحدث الأخبار
  • 01:06 . رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يصل أبوظبي... المزيد
  • 01:06 . علي النعيمي على رأس وفد من أبوظبي في "إسرائيل" للتعزية بوفاة الحاخام اليهودي... المزيد
  • 09:56 . النرويج: نعمل ضمن تحالف عربي أوروبي لتحقيق حل الدولتين... المزيد
  • 09:55 . أكثر من 60 نائبا بريطانيا يطالبون بفرض عقوبات على الإحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 09:15 . أصابت تسعة إسرائيليين بينهم جنود.. "القسام" تتبنى عملية مستوطنة أرئيل... المزيد
  • 06:53 . "المعارضة السورية" تعلن دخولها أول أحياء مدينة حلب... المزيد
  • 06:52 . ارتفاع أسعار الذهب وهبوط الدولار... المزيد
  • 11:59 . أضرار التدخين السلبي على الأطفال.. تعرف عليها... المزيد
  • 11:59 . تأجيل اجتماع "أوبك بلس" الوزاري إلى خمسة ديسمبر... المزيد
  • 11:58 . بوتين يهدد بضرب كييف بصاروخ فرط صوتي بعد استهداف شبكة الطاقة... المزيد
  • 11:57 . أسعار النفط تتأرجح بين المخاوف الجيوسياسية وتأجيل اجتماع "أوبك+"... المزيد
  • 11:56 . رئيس الدولة في يوم الشهيد: الإمارات ستظل وفيّة للقيم التي جسدتها بطولات شهدائها... المزيد
  • 11:56 . رئيس السنغال: وجود القواعد العسكرية الفرنسية يتعارض مع السيادة الوطنية... المزيد
  • 11:54 . المعارضة السورية تعلن السيطرة على ريف حلب الغربي بالكامل... المزيد
  • 11:53 . تشاد تعلن إنهاء اتفاق دفاعي مع فرنسا... المزيد
  • 11:52 . تقرير سري للطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسع جديد في تخصيب اليورانيوم... المزيد

جهاز الأمن يخفي العرادي الأب قسريا.. ويحرم "مروى" النجلة طفولتها

وكالات – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 08-08-2015


في إحدى القصص الإنسانية الأكثر مأساوية و التي تدور أحداثها في سجون الأجهزة الأمنية في الإمارات وعائلة ليبية اختطف فيها رب الأسرة قسرا منذ نحو عام، تبرز مشاهد إنسانية خارج قضبان السجن لا تقل قسوة عن داخله.. فمروى ابنة السبعة عشر ربيعا، نجلة المختطف سليم العرادي، تعايش محنة إنسانية وحقوقية وسياسية في سن مبكرة، متخلية بالإكراه عن استحقاقات الطفولة وعن رعاية الأب ولم شمل العائلة لتقدم للعالم قصة كفاح من جهة، وقصة انهيار القيم الإنسانية والأخلاقية لأجهزة الأمن من جهة ثانية.
سليم العرادي، مواطن ليبي يحمل الجنسية الكندية، لا يزال محتجزا لدى الأجهزة الأمنية الإماراتية منذ 343 يوما، دون توجيه تهمة محددة، أو تمتعه بحقه في التمثيل القانوني، أو توفير الرعاية الطبية التي يحتاج إليها بشكل ملح، نتيجة ظروفه الصحية الذاتية ونتيجة ظروف السجن التي يعبر عن قسوتها ووحشيتها "الاختفاء القسري" الذي يختزل صنوفا كثيرة من العذاب المادي والنفسي للمعتقل ولأسرته، ولضمير واسع لا يزال ينبض في البشرية.
 
أما الطفلة "الفتاة" مروى العرادي، فهي لا تعيش حياتها مثل بقية أقرانها. فبينما يستمتع الآخرون بالعطلات والترفيه والدفء العائلي، تنصبّ جهود مروى على مهمة من نوع آخر؛ وهي تأمين الإفراج عن والدها من سجون دولة الإمارات.
فمروى البالغة من العمر 17 سنة هي البنت الكبرى بين أربعة أبناء، وهي تعتبر نفسها المسؤولة عن إنهاء المأساة التي تعيشها العائلة. وفي إطار حملتها الهادفة لاستعادة حرية والدها، أنشأت مروى موقعا على شبكة الإنترنت وصفحات تواصل على "فيسبوك" و "تويتر"، وقناة على "يوتيوب"، كما أنها تثابر على كتابة الرسائل للصحفيين، لتطلب منهم التطرق لهذه القضية، وتسليط الضوء على المظلمة التي يتعرض لها سليم العرادي ومعاناة عائلته.
كان العرادي الأب انتقل من مدينة فانكوفر الكندية للإمارات في سنة 2007؛ لتوسيع أعماله في قطاع التجهيزات المنزلية، وعاش حياة هادئة لم تشبها أي مشاكل أو احتكاك بالأجهزة الأمنية، ولكن في (28|8|2014)، بينما كانت العائلة في عطلة، تلقى العرادي اتصالا من موظفي الاستقبال في الفندق لدعوته لإجراء "محادثة" مع عناصر الأمن، وبعد ذلك لم تره عائلته لمدة ستة أشهر".
وبعد شهرين من المساعي الحثيثة للاطلاع على مكان تواجد العرادي، أو التأكد على الأقل من أنه على قيد الحياة، وسط إنكار من الأجهزة الأمنية لوجوده بحوزتها، تلقت العائلة اتصالا هاتفيا منه دام دقيقتين، علمت من خلاله أنه ما يزال حيا، ثم مضى شهر كامل قبل أن يتم السماح لموظفين من السفارة الكندية برؤيته من بعيد، وترجّح عائلة العرادي أن السلطات لم تسمح للكنديين برؤيته من قريب، حتى لا تظهر لهم آثار التعذيب على جسمه.
وأشار التقرير إلى أن احتجاز العرادي تمّ بالتّزامن مع احتجاز عشرة رجال أعمال ليبيين، من بينهم شقيقه وشريكه محمد العرادي. وقد تم إطلاق سراح أربعة منهم، من بينهم محمد، في شهر ديسمبر 2014، دون توضيح مبررات اعتقالهم أو دوافع الإفراج عنهم.
وقد أصدر الأربعة المفرج عنهم بيانا عشية عيد الفطر المنصرم، جاء فيه: "على الرغم من التعذيب الوحشي والاضطهاد والإخفاء القسري في السجون السرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من المضاعفات الصحية والنفسية الخطيرة والخسائر المادية الكبيرة، نواصل تمسكنا بخيار التهدئة، واعتماد القنوات الدبلوماسية لحل المشكلة، وإطلاق سراح بقية الليبيين الذين مازالوا يقبعون في السجن".
العرادي لم توجه له أي اتهامات حتى الآن، في وقت توصف فيه المنظومة القانونية الإماراتية بأنها غامضة وملتوية ما أدى لحرمانه من التمتع بحقه في تعيين من ينوبه، وحتى بعد 343 يوما من الاحتجاز ما يزال العرادي غير قادر على تعيين محام يدافع عنه.
وفي العودة إلى مروى الأبنة، فقد أكدت "أنها لم تتمكن من إيجاد محام يدافع عن والدها؛ إذ يؤكد المحامون الإماراتيون بأنه لا يمكنهم تقديم أي مشورة أو دعم للمحتجز، بحجة أنه لم توجه له أي اتهامات حتى الآن، وليس طرفا في أي قضية عدلية".
وهو أمر أكده دروري دايك من منظمة العفو الدولية، كما حذر من أن "العرادي تعرض للإخفاء القسري داخل السجن، وهو ممنوع من التواصل مع العالم الخارجي، وهذا يعدّ جريمة  في القانون الدولي".
 وأضاف أن "السلطات الإماراتية تمارس التضييق والتهديد وحتى السجن ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، لذلك يصعب العثور على محام مستعد للدفاع عمّن تحتجزهم الأجهزة الأمنية".
 وكمثال على هذه الممارسات، ذكر دايك حالة الناشط الحقوقي الإماراتي الدكتور محمد الركن، الذي تعرض للإيقاف في سنة 2012، وسلّط عليه حكم قاس بالسجن لعشر سنوات، وذلك  في ظل دعوات متواصلة للإفراج الفوري عنه وعن بقية الذين سجنوا لأسباب مشابهة.
 وسياسة الاختفاء القسري سياسة رائجة ومطبقة على نطاق واسع لدى الأجهزة الأمنية في الإمارات لا تستثني منها إماراتيا ولا خليجيا ولا عربيا ولا إنسانا. فإلى جانب الركن عشرات من الزملاء الآخرين الذين غيبوا قسرا لشهور طويلة، وأحدث هذه الجرائم الإنسانية اختطاف "الشقيقات الثلاث" في منتصف فبراير وحتى منتصف مايو، وهي التسمية التي تشير إلى قضية اختطاف شقيقات معتقل الرأي عيسى السويدي الذي يقضي حكما سياسيا بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة الانضمام إلى "تنظيم سري"، وفق مزاعم الأمن والقضاء الذي فشل في إثبات أي منها.  
وحول أسباب الاعتقال، تؤكد عائلة سليم العرادي أنه "لم يرتكب أي جريمة، وهي ترجح أن يكون الأمر متعلقا بأسباب سياسية"، كما أكدت مروى أن "والدها لا علاقة له بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا التي تعدّها الإمارات منظمة إرهابية،  فهو لم ينتم في يوم لهذا التيار ولا لأي تيار سياسي آخر رغم أن أحد أشقائه، عبد الرزاق عرادي، ينشط ضمن حزب إسلامي في ليبيا".
كما نقل التقرير عن خديجة نمار من منظمة الكرامة، وهي مؤسسة سويسرية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها جينيف، ترجيحها أن "يكون الاعتقال لدوافع سياسية"، حيث أشارت إلى أن "الأجهزة الأمنية الإماراتية تمارس الاضطهاد والتضييق ضد كل من تعدّهم خطرا على مصالحها السياسية في المنطقة".
وأضافت نمار أن "الإمارات لعبت دورا محوريا في التشويش على حركات الربيع العربي، كما أن جميع الليبيين الذين تم احتجازهم ينحدرون من المنطقة الشرقية من ليبيا، وهي المنطقة التي تستهدفها الإمارات بغارات جوية منذ أغسطس 2014".
و على الرغم من نجاح مروى العرادي في لفت انتباه جهات حقوقية وإعلامية دولية، وعلى الرغم من تدهور الحالة الصحية لوالدها في السجن، فإن ذلك لم يغير شيئا من المأساة التي يعيشها والدها؛ لأن السلطات الإماراتية بكل بساطة لا تستجيب لأي دعوات من الأمم المتحدة لاحترام حقوق الإنسان ومنع التعذيب، ولا تبدو معنية بتقديم توضيحات لأي جهات حقوقية أو دبلوماسية حول قضية سليم العرادي. فالعرادي الأب لا يزال مختفيا.. ومروى الأبنة لا تزال تعيش فصول المحنة، وتدفع ثمن تنكر أجهزة الأمن للقيم الأخلاقية والنوازع الإنسانية، لأن المعادلة تقول:" فاقد الشيء لا يعطيه".