أحدث الأخبار
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:24 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد

انتخابات مصر: عصا الشعب تلقف ما يأفكون

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 28-10-2015


ربما تقدّم الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر إضافة مثيرة إلى دراسات الحملات الانتخابية والإعلام السياسي. في هذا «العرس الديموقراطي»- كما حاول الجنرال السيسي وآلته الدعائية تسويق الانتخابات قبل بدئها- اختار الشعب التصويت بطريقته: البقاء في البيوت، والتفرج على العرض، وإطلاق نكات ساخرة بنكهة الروح المصرية. إنها انتخابات بالعزوف؛ بالانفصال التام؛ باللامبالاة؛ جولة أخرى من الثورة، ولكنها صامتة، كالمسيرات الهادئة بالشموع. تعطلت لغة الكلام، كأنما تمثّل الناخبون بقول الشاعر: وفي النفس حاجاتٌ وفيك فطانةٌ/سكوتي بيانٌ عندها وخطابُ، أو بتحوير قليل لبيت جورج جرداق: وحديثٌ في (النفس) إن لم نقلْهُ/أوشك الصمتُ حولنا أن يقولَهْ. الصمت أبلغ من الكلام أحياناً. في ظُهر اليوم الأول للاقتراع، بلغت نسبة المشاركة 1 في المئة بحسب المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات. مراسلو رويترز الذين زاروا محطات الاقتراع يوم الأحد قالوا إن نسبة الإقبال لم تتجاوز 10%، وهو ما يختلف بشكل حاد مع الصفوف الطويلة في انتخابات 2012. قرر النظام أن يجعل يوم الإثنين إجازة؛ تحفيزاً للناخبين على التصويت، لكنهم لزموا بيوتهم، وهو ما حذّر منه سلفاً مهرّج قناة «اليوم»، عمرو أديب بقوله: «لو ادّيت المصريين بكرة إجازة محدش رايح، هيقعدوا في البيت، وهيعملوا المحشي والمسقعة». «محدّش راح» و «برضو محدّش راح» وسمان في موقع التدوين متناهي الصغر، تويتر، من بين وسوم عدّة، سخرت من البرلمان الذي وصفه وسم آخر ببرلمان مرجان. حاول الانقلابيون بالترغيب والترهيب دفع الناس إلى التصويت. ادّعىالأمن أنه أبطل عبوات ناسفة؛ ليوحي بالخطر الذي يشكّله، من تصفهم دعاية السيسي بالإرهابيين، على «الديموقراطية التي استعادها الجيش» من خلال الانقلاب، بحسب تعبير وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. فشلت كل محاولات السيسي لإغراء الناخبين. أحدهم، عامل بإحدى المدارس، روى لصحيفة «العربي الجديد» أن «قوات الشرطة أحضرت له كرسياً، وأجلسته عليه، وقام أحدهم بتصويره»، وأنه علم لاحقاً أن الصورة خُصّصت للترويج لادّعاء بأن الشرطة في خدمة الشعب، بعد أن شاهدها بوسائل الإعلام» (19 تشرين الأول/أكتوبر 2015). الشرطة في خدمة الشعب لافتة تثير السخرية في مصر منذ زمن، وفي فيلم شارك فيه الممثل الراحل، سعيد صالح، تهكّم الممثل من الشعار بقوله: «الشعب في خدمة الشرطة!
كان الشباب أكبر المضربين. لم يشارك جيل ثورة 25 يناير في انتخابات عرف سلفاً أنها أشبه بالقضاء «الشامخ» الذي ساق الحائزين على ثقة الشعب (في خمسة استحقاقات انتخابية نزيهة وحرة بعد الثورة) إلى الإعدام. قرر الشباب أن ينتفض بطريقة سلمية، فيهجر فرعون وزبانيته من السحرة الزاعقين في الفضائيات، كأنما خاطب السيسي وبرلمانه بما خاطب موسى السامريَّ وعجله: «قال فاذهب، فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مِساس، وَإِنَّ لك موعداً لن تُخلَفَه، وانظر إلى إلهِك الذي ظلتَ عليه عاكفاً، لنُحرّقنّه، ثمّ لننسفنّه في اليمِّ نسفا». إن الشباب الذي انتفض من خلال عزوفه عن الانتخابات يُثبت أن مصر لم تستسلم، وأن الثورة لم تمت، وأن لهيبها كامن في الرماد، وأن الحاضنة الشعبية للانقلاب خرافة، وأن الإسلاميين ليسوا وحدهم من يقاوم، وأن القمع لم يؤتِ أكُلَه، فإنّك لا تجني من الشوك العنب. الشرعيّة الديموقراطية لا تلفّق، واللص لا يمكن أن يكون صاحب المال «بالعافية». لم يقلها «المجتمع الدولي»، لكن قالها المصريون من قبل مرة وثانية وثالثة...واليوم يرددونها مرة أخرى: «الفائزون بالانتخابات يقبعون في السجن الآن، وبيدهم مفاتح الشرعية، وهم نبض الشعب الذي لا يمكن إسكاته، ولو بالإعدام».»
قريباً سيلتئم البرلمان المصطنع، وسيصفق بحرارة للزعيم الذي «أنقذ مصر»، وسيكون أول قراراته، بحسب النيويورك تايمز، تعديل الدستور للحد من سلطات أعضائه (كان بوسعهم عزل الرئيس بحسب الدستور)، وتوسيع سلطات الرئيس. تذكرت الحملة التي شنّها فاشيون خليجيون على الرئيس مرسي، واتهاماتهم له بالدكتاتورية و «النازية». أحدهم، طارق الحميد في جريدة «الشرق الأوسط»، زعم أن مرسي لا يحترم «فصل السلطات». كاتب رضع من الاستبداد حتى ثمل، يعظ يعظ الناس بفصل السلطات!
لن يسقط الانقلاب حتى تسقط روايته لما حدث في 30 حزيران (يونيو) 2013، وحتى تفقد «أذرعتُه» الدعائية تأثيرها. قبل الانتخابات وأثناءها، لم يستمع أحد إلى توسّلات أبواق الانقلاب إلى الناخبين. أبرز هؤلاء اثنا عشر دعائياً شعروا بصدمة كبيرة، واختلفت ردودهم. إبراهيم عيسى مثلاً اتهم السيسي بفقدان صدقيته مشيراً إلى أن «هذه أفشل انتخابات برلمانية مرت على حياتنا، وأي محاولة لتجميل العزوف الشعبي (عن) الانتخابات تضليل، فالشعب المصري أرسل رسالته إلى الجميع ابتداءً من السيسى حتى أصغر حزب فى مصر». رانيا بدوي، دعائية أخرى، تساءلت (وهي تعرف الجواب) في برنامج «القاهرة اليوم» في قناة «اليوم»: «هل اختفاء الكتلة الإخوانية عن الانتخابات البرلمانية كشف حقيقة أعدادنا وحجمنا من تيارات مدنية وأحزاب سياسية»؟ مضيفة: «غياب الكتلة الإخوانية له تأثير بالفعل...». لميس الحديدي، كائنة انقلابية، حاولت تبرير الفضيحة بنسبتها إلى الإحباط من الأوضاع الاقتصادية...بس. أحمد موسى قال في برنامجه «على مسؤوليتي» في فضائية «صدى البلد»: اللي مش هينزل الانتخابات، لا يسأل ثانية عن وظائف أو زيادة مرتبات أو معاشات؛ لأننا سنكون أمام برلمان قندهار، وكل القوانين التي أصدرها السيسي سيتم تغييرها» (قندهار طبعاً تعريض بما يُسمى حزب النور الذي «خرج من المولد بلا حمّص»)! سُقط في أيدي السيسي وسحَرَته، وألقى شعب مصر عصا صمته المهيب، «فإذا هي تلقف ما
يأفكون، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، فغُلِبوا هنالك وانقلبوا صاغرين».