أحدث الأخبار
  • 06:35 . سلطات غزة تعلن حصيلة الأضرار الكارثية لمنخفض "بيرون"... المزيد
  • 12:11 . إيران تصادر ناقلة نفط في خليج عمان... المزيد
  • 12:11 . ارتفاع حصيلة انفجار "غامض" بحفل زفاف في درعا إلى 33 مصابا... المزيد
  • 11:56 . ترامب يعلن بدء ضربات أميركية ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية... المزيد
  • 11:52 . محكمة تونسية تقضي بسجن المعارِضة عبير موسي 12 عاما... المزيد
  • 11:31 . وثيقة تكشف استيلاء أمريكا على ناقلة نفط قرب فنزويلا قبل انتهاء صلاحية مذكرة مصادرة... المزيد
  • 11:30 . وفد إماراتي–سعودي يصل عدن لاحتواء التوتر في المحافظات الشرقية ودفع الانتقالي للانسحاب... المزيد
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد

أمة في دائرة الخطر

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

خليفة راشد الشعالي
يتداول بعض المستغربين من مثقفينا عباراتٍ يعتقدون أنها مسيئةٌ ومستَفِزَة لمشاعر عرب الجزيرة، حيث يتهمونهم بالبداوة، وأنهم ليسوا أكثر من رُعاة إبلٍ وخيلٍ وماشية، وعلى العكس مما يعتقدون، فتلك تُهمَةٌ لا يبرأ منها العربي الأصيل، بل هي صفة يُفاخِرُ بها العرب ويفخرون أنهم من ساسَة الخيل والإبل والماشية، فهذه المهنة جزءٌ أصيلٌ من تراثهم، وهي مكونٌ أساسٌ من مكونات هويتهم.

ويتفاخرون بكونهم من أول الجماعات البشرية التي رَوّضَت هذه الكائنات وسخرتها لخدمة الإنسان ولعمارة الأرض، وعبر هذه الرحلة الطويلة والممتدة إلى أزمان غابرة، لم تبخل عليهم هذه الكائنات الجميلة بما لديها، فأعطتهم الكثير وتعلموا منها بقدر ما علموها ودربوها، وبلغة هذا الزمان؛ تبادلوا معها المعرفة، وتعززت في نفوسهم بسبب هذه العلاقة الحميمة قيم فطرية، من سلوك هذه الكائنات، حيث رأوا في بعضها الأنفة والصبر والوفاء والعطف وعدم نكران الجميل . ولهذا، عطفوا عليها وصارت الرأفة بها شيمة من شيمهم، فخلد الأولون منهم حبها شعراً ونثراً، فقال طرفة في الإبل: وَإِني لأُمْضِي الهَم عِنْدَ احْتِضَارِهِ بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي * يَشُق حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا كَمَا قَسَمَ الترْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ . واعتنى بها المحدثون، رداً للجميل واعترافاً لها بمساهماتها في استمرار الحياة وبقاء الإنسان على هذه الأرض التي كانت هذه الكائنات من عماد الحياة فيها.

العرب لا تحب هذه الكائنات تصنعاً ولا تزلفاً، ولا تجاملها مجاملةً، فهي في أعرافهم تتعرف إلى من يحبها وتقترب منه وتبادله الحب، وتجفل ممن يضمر لها العداوة ويبغضها وتبتعد عنه، وعلى النسق نفسه تسير علاقتهم مع الإنسان الآخر فيما يتعلق بقراءة لغة الجسد والتعرف إلى مشاعر الآخر . . . فالعين تعرف من عيني محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها.

والعرب - مثلهم مثل باقي الشعوب والأمم - يخطئون ويصيبون، وهم إلى الصواب أقرب في سلوكهم إذا ما اعتمدوا معيار قيمهم التي توارثوها؛ لأنها تعبر بشكل واضح عن هويتهم الأصيلة، وإذا ما أخفقوا وتنكروا لقيمهم فإنهم لن يكونوا إلا مسخاً من المسوخ المتكررة في هذا الكون الفسيح . وفي هذا السياق، يبدو أن عرب هذا الزمان بدأوا بنزع قيمهم شيئاً فشيئاً، أو أنهم يتنازلون عنها ابتغاء مرضاة الآخر، الذي أثبت التاريخ أنه لن يرضى عنهم إلا إذا اتبعوا ملته، وألقوا بورقة التوت الأخيرة من على أجسادهم . والشواهد في بلادالعرب كثيرة، وأبرزها ما عبرت عنه إحدى الصحف الأجنبية الموثوقة قبل أيام، ولمتمثل في مشروع -حضاري- ستقوم به وزارة الأسرة في دولة أوروبية، يتم بمقتضاه تبني خمسة وخمسين ألف طفل سوري - من الذكور والإناث - في هذه الدولة، وقد تناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر دونما تعليق من الجامعة العربية أو المؤسسات الوطنية، العربية والإسلامية ولا حتى السورية، الأمر الذي يمثل صفعةً إلى القيم العربية، بل هي كارثة تحل بهذه الأمة، التي لم تستطع أن تحتضن أبناءها وتأويهم من التشرد والضياع والبرد، وتأمنهم من الجوع والخوف.

وللعلم فإن هؤلاء الأطفال جزء بسيط من ملايين الأطفال في سوريا والعراق والصومال واليمن ومصر وقبل ذلك فلسطين، والمبادرة الألمانية لا تعدو كونها مبادرة رمزية رَوّجَتها وتُشهِرَها هذه المجلة لِتَستَفِزَ مشاعر الأوروبيين والأمريكيين والكنديين والأستراليين من أجل القيام بمبادرات مماثلة . وأمام وضع مثل هذا تكون قِيَمُ الأمة مَحَل نَظَر، بل نجزم أن كل الأمة محل نظر، والقائمون عليها إما أنهم مغيبون في دهاليز السياسة وفي أبراجها العاجية وفي بحور التنافس على قيادتها، أو أنهم لا يدركون خطورة تهالك القيم في مجتمعاتهم وفناء الهوية، وفي كلتا الحالتين هم يرتكبون خطيئةً لا تغتفر، فقديماً قيل: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ.