أحدث الأخبار
  • 01:45 . تقرير: مستهلكون يشكون تجاهل اللغة العربية في كتابة لافتات السلع... المزيد
  • 01:29 . فوز البروفيسور اللبناني بادي هاني بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة الاقتصاد... المزيد
  • 01:06 . تركيا تحذر من الانتهاكات الإسرائيلية وتتحدث عن "تفاهمات مُبشرة" خلال اجتماع ميامي بشأن غزة... المزيد
  • 12:55 . موجة استنكار واسعة بعد إساءة روبنسون للإسلام من دبي ومطالبات باعتقاله... المزيد
  • 11:48 . رياضيون يهاجمون المدرب كوزمين بشدة بعد الأداء في كأس العرب... المزيد
  • 08:53 . بسبب دورها في حرب السودان.. حملة إعلامية في لندن لمقاطعة الإمارات... المزيد
  • 06:48 . الاتحاد الأوروبي يربط تعزيز الشراكة التجارية مع الإمارات بالحقوق المدنية والسياسية... المزيد
  • 06:04 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد

العنف عبر الأخلاق

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 02-05-2016


الأخلاق فُطر عليها البشر، وهي سابقة على الدين، فلم يكن الناس ليعرفوا أن الدين الذين بُعث به الأنبياء قد أوصل رسالة جيدة، لو لم يكن لديهم مستوى أخلاقي يمكنهم من الحكم، وقد أتت الرسالة الدينية لتعلن تتميمها وتكميلها للأخلاق والوعظ والتذكير بها. الوجود السابق للأخلاق، ومسألة التكميل والتتميم لها تدل على تمرحل الأخلاق، وأنها لم تولد ككتلة واحدة، ولم تكن نفسها تماما في كل زمان ومكان، والشرائع السماوية نفسها كان فيها اختلاف وتباين، لأنها أتت عبر سياقات اجتماعية وتاريخية مختلفة.
والجدل الفلسفي حول الأخلاق كان من أهم ما ناقشه الفلاسفة والعلماء كالغزالي وسبينوزا والفارابي وأوغسطين وديكارت وغيرهم. ومن أهم القضايا المرتبطة بموضوع الأخلاق، كانت المسألة الأولى مصدرها: هل هو العقل أم العرف أم الدين أم اللذة أم المصلحة؟ والمسألة الثانية هي نسبيتها وتنوعها واختلافها بحسب الزمان والمكان.
هنالك مستوى من الأخلاق أساسي وواضح وبديهي تتعارف عليه الناس وتسلم به، ومن الضروري معرفته وتبينه عقلا وبداهة، لأنه ليس من العدل أن يتعرض الإنسان فيه للمسؤولية لو لم يكن يدركه. وهناك مستوى آخر أعقد، وقد تتباين فيه الرؤى، لاختلاف طبيعة المعرفة، واختلاف ظروف الناس وتجاربهم. أي بحسب تعبير تراثي في حال إطلاق الحكم القيمي، هناك معرفة تعود إلى ما هو ضرورة، وأخرى تعود إلى ما هو مكتسب، وهذا النوع الأخير تحصل معه المعذرة حال الاختلاف، ففي داخل المجتمع الواحد هناك قضايا كثيرة يختلف حولها الناس، ولا يفترض بهذا الاختلاف أن يدفع إلى الإقصاء عبر ممارسة العنف الرمزي، وسرد الاتهامات الدينية والاجتماعية.
الأخلاق ليست حكرا على منبر واحد؛ إن ضيقت مصدر الأخلاق، واحتكرت ضبطها، فأنت هنا الخارج عنها لا غيرك. يعود جمود الأخلاق، وحبسها في إطار ضيق، إلى إغلاق باب التفكير والتفلسف حولها. الجمود الأخلاقي مسألة خطرة، لأنها تعاظمت حتى وجدنا أنفسنا أمام مؤسسة حكومية، تمارس دور الضبط الأخلاقي، وتجرم الاختلاف فيه على نطاق واسع، تُجاوز به الأمر الصريح من الدين أو القانون، بل وأصبح الاختلاف حول دور المؤسسة المفترض، وهو اختلاف طبيعي للإنسان حرية الرأي فيه، بابا يتم من خلاله اتهام وتحقير فئات واسعة من المجتمع.
هذا أمر تسرب من العقلية الفقهية القديمة، وقياسها التقليدي، فكل الأمور لديها تنقسم حسب منظار الحلال والحرام، ومن مارس الاختلاف معها، ترى أنه يفعل ذلك لشهوته؛ لأن هذه النظرة لم تكن تريد أن تُعطي للآخر المختلف وجاهة منطق، أو محاجّة عقلية تستمع إليها أصلاً. كان المعري أول من مثّل صدمة لمنطق الفقهاء هذا، فهو سليط اللسان على أخطائهم وممارساتهم، ومع ذلك كان زاهدا، وغير شهواني، يأكل فقط من بسيط ما تنبت الأرض، فاحتار الفقهاء معه، ونحن ورثنا حيرته، معهم.