أحدث الأخبار
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد
  • 12:52 . ولي العهد السعودي ووزير خارجية الصين يبحثان العلاقات المشتركة... المزيد
  • 12:25 . مستشار خامنئي: إيران ستدعم “بحزم” حزب الله في لبنان... المزيد
  • 12:16 . "التعليم العالي" تعرّف 46 جامعة بمزايا المنصة الوطنية للتدريب العملي... المزيد
  • 11:46 . وفاة 21 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب... المزيد
  • 11:10 . كيف تمددت "الشركة العالمية القابضة" في مفاصل اقتصاد أبوظبي؟... المزيد
  • 10:56 . الجزائر تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية في الساحل... المزيد
  • 10:55 . زوجة جاسم الشامسي توجه رسالة إلى الرئيس السوري الشرع... المزيد

متى أوان الاستراتيجية الثقافية العربية؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 20-07-2019

متى أوان الاستراتيجية الثقافية العربية؟ | القدس العربي

منذ أربعة عقود تقريبا وضعت المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (أليكسو) استراتيجية شاملة تقدمية للثقافة العربية الواحدة. كان وراء ذلك الحماس الملتزم بالهوية العروبية المشتركة وكل تجلياتها الثقافية، العديد من وزراء التربية وكبار موظفي الجامعة العربية وأليكسو المثقفين العضويين الملتزمين بوحدة أمتهم العربية ووطنهم العربي الكبير.
لكن حكومات تلك الفترة، المنشغلة بخلافات وصراعات السياسة وأيديولوجياتها، وببناء قبضات الأمن الحديدية، لم تعر تلك الاستراتيجية اهتمامها المطلوب، فكان أن دخلت الأدراج وطواها النسيان، كما طوى غيرها من الاستراتيجيات الكثيرة الأخرى في شتى الحقول.
مرت ثلاثون سنة تقريبا قبل أن ينتبه رؤساء الدول العربية لأهمية الموضوع ويقرروا في اجتماع إحدى قممهم سنة 2010 ضرورة عقد قمة ثقافية عربية لصوغ رؤية ثقافية مستقبلية للدول العربية، وبطلب من أليكسو ودائرة الثقافة في الجامعة العربية، بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي ومجموعة منتقاة من المثقفين العرب، وضع استراتيجية ثقافية لتقدم إلى اجتماع القمة الثقافية في المستقبل القريب.
لكن ما أن بدأت الاجتماعات لوضع ذلك الطلب موضع التنفيذ، حتى انفجرت حراكات وثورات الجماهير العربية في العديد من الأقطار العربية سنة 2011، فتوقف تنفيذ المشروع، بفعل دخول الأنظمة والمجتمعات العربية في خلافات وصراعات، وجنون الجحيم الذي نكتوي جميعا بنيرانه إلى يومنا هذا. تراجعت أهمية الثقافة أمام الصعود المذهل للسياسة العبثية اللامسؤولة، وللأمن العنفي غير المنضبط، وللإرهاب الجهادي التكفيري المدعي صفة الإسلام زورا وبهتانا وتطاولا، ولاستباحة وطن العرب من قبل الاستعمار والصهيونية واستخباراتهما، وللخلافات الطائفية والعنصرية والقبلية الطفولية.

ومع تراجع الثقافة انزوى المثقفون، إما في منافي الهجرة، وإما في زبونية السياسة وانتهازياتها، وإما في عزلة اليأس والقنوط وتدمير الذات. ولم يبق إلا القليل ممن مازالوا يقبضون على الجمر بصبر وإصرار ومسؤولية. أمام مشهد محبط كهذا يجب أن يطرح سؤالان مفصليان:
الأول: هل آن الأوان، كجزء من لملمة الحياة العربية المنهكة، للرجوع إلى محاولة وضع تصور لاستراتيجية ثقافية عربية وتقديمها إلى اجتماع قمة للرؤساء العرب في القريب العاجل، فلعل ذلك يقنعهم بأن الثقافة يمكن أن تكون أحد مداخل إرجاع العافية للجسد العربي؟
والثاني: هل حقا يرجى من أناس ساهم منهم، بقصد أو بدون قصد، في الدمار المادي والمعنوي الذي حلّ بأرض العرب وبشر العرب، أن ينقذوا الثقافة، بعد أن فرطوا في السياسة والاقتصاد والاجتماع؟
بصراحة ليست لديّ شخصيا إجابات شافية مقنعة لهذين السؤالين المتحديين للعقل وللضمير وللالتزام القومي، غير أن المسؤولية القومية تحتم على (أليكسو) أن تطرح على نفسها السؤال الأول على الأقل، وأن لا تسمح لنفسها أن تقف عاجزة أمام ما حل من علل وتشوهات بالثقافة العربية الجمعية، من جراء جرائم ومجرمي الخارج والداخل. أما الجواب على السؤال الثاني فليتركوه لمؤسسات المجتمعات العربية المدنية المناضلة، فهي كفيلة وقادرة على أن تتعامل مع الملابسات التي تحيط به، طال الزمن أم قصر، من خلال نضالها السياسي السلمي التراكمي. وتاريخ وتضحيات هذه الأمة عبر العصور شاهدا على ذلك.

نحن الآن أمام ثقافة جمعية يريد لها البعض أن تدخل في صراع عبثي مع الثقافات الفرعية، تمهيدا لإيجاد تمزقات وتشظيات اجتماعية تقود إلى إضعاف الهوية العروبية الجامعة الممتدة في أعماق الزمن، وعلى امتداد الجغرافيا العربية، أمام ثقافة يراد لها أن تكون في تضادد بليد مع ثقافة العصر وثقافات الآخرين، لتصبح منغلقة على ذاتها وغارقة في سلفيتها، أمام ثقافة مليئة بالثنائيات المتصارعة، بسبب الخوف من كل تجديد، أمام ثقافة يراد لها أن تكون بعيدة عن المعرفة العلمية والعقلية، ولكن قريبة من سطحية وشعاراتية وهذرية الإعلام المظهري النفعي المفقر للعقل والروح، أمام ثقافة غير نقدية ولا تجاوزية تجتر ذاتها سنة بعد سنة من قبل مؤسسات تعليم فاشلة مرعوبة. ولذلك تقف حائرة أمام الثقافة العولمية المليئة بالعلل والأخطار بدون قدرة على الصد أو الحماية الندية.
من هنا، وخوفا على التكوينات العقلية الفكرية والشعورية والروحية لشباب وشابات المستقبل العربي، نحتاج للرجوع إلى موضوع الثقافة العربية من جديد، بعد أن فعلت السنون والأحداث بهذه الثقافة الأمل والنهوض ما فعلت، ولنبدأ من حيث أجبرتنا الأحداث الكارثية على التوقف.