أحدث الأخبار
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد
  • 05:52 . هرتسوغ يهاجم زهران ممداني لانتقاده حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد
  • 10:46 . بينما يحتفي المطورون العقاريون بـ2025.. "نزوح صامت" نحو الإمارات الشمالية ومخاوف من "طوفان المعروض"... المزيد
  • 12:10 . تقرير: دبي دفعت 23 مليون دولار لمتشددين في مالي مقابل إفراجهم عن شيخ من آل مكتوم... المزيد
  • 08:54 . قطر تؤكد رفض تحمل تكلفة إعمار غزة نيابة عن "إسرائيل"... المزيد
  • 08:39 . إلقاء القبض على زعيم عصابة أوروبية كبيرة في دبي... المزيد
  • 07:15 . نتنياهو: المرحلة الثانية من خطة غزة اقتربت... المزيد
  • 01:02 . صحيفة إسرائيلية: ترامب يضغط بشدة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة... المزيد
  • 12:32 . الكويت تقرر سحب الجنسية من الداعية طارق السويدان... المزيد
  • 10:43 . "الأبيض" يحصد أول نقطة في كأس العرب بالتعادل أمام مصر... المزيد

العربي في عالم متغير

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 20-08-2014

تائه هذا الإنسان، ضائع بين ما يؤمن به وما يجبر عليه، وما يرهبه مادياً ومعنوياً على القيام به، وقيم وفضائل سمعها في ترانيم أمه صغيراً ورسخها في ذهنه سلوك أبيه وأعمامه وأخواله وذويه وأقربائه مراهقاً، وفي تعاليم معلميه في المدرسة وإمام مسجده . فهو بين قرصي الرحى، غير قادر على الخروج إلى النور، الظلام بالنسبة له لباس تقيه عيون الناس، بعد أن نزعت عنه كل ملابسه، حتى ورقة التوت التي كانت تداري سوءَتِهِ هب عليها طوفان التغيير فذهبت أدراج الرياح . وبين أقراص الرحى لا تسلم حبات القمح من الطحن إلى أن تضيع معالم شخصية الحبوب وتمتزج، فتتحول إلى ذرات بيضاء اختلطت بفعل فاعل، فضاعت هوية الحبة الواحدة، بل اختلت هويات كل الحبوب فصارت كلها طحيناً أبيض ومزيجاً له هوية واحدة قابلة للعجن والخبز والأكل والهضم و . . . .
الإنسان العربي في عالم متغير، ورؤى متناقضة، وتعاليم متعددة، وشخصيات شديدة الازدواجية، يكاد أن يفقد هويته، فهو إما إرهابي أو معتدل، ولكنه لم يعرف بعد معنى الإرهاب الذي يتهم به ولا يعرف الاعتدال الذي يرجى منه، وليس ذلك بغريب على عالم تناقضت فيه المفاهيم والأعراف، وتراكمت أقراص الرحى على حبات الدقيق بغية تحقيق جودة الإنتاج وسرعة الأداء من أجل الحصول على منتج في أقصر فترة زمنية وبأقل تكلفة وفق معايير "جديدة" وضعها مبرمج غربي، وجربت في المعامل والمختبرات والمصانع هناك، وكانت نتائجها هذه الثورة الصناعية التي يمتلكها الغرب الرأسمالي، حيث لم يعد بإمكان الإنسان العربي إلا تلقفها وترديدها والسير وفق مناهجها ورؤاها .
بعض ما يصدره الغرب إلى العرب خطوط إنتاج تحويل القمح إلى طحين وفق معايير الصناعة في أوروبا وأمريكا، وفي الوقت نفسه، يصدرون لنا فكراً خاصاً بإعادة تشكيل السلوك وفق مقتضيات المصالح الخاصة بهم . ولم يكن ذلك لينجح لولا أن ذلك سبقه مسح لهوية الانسان العربي، ذلك الإنسان الذي قَبِلَ أن يُطَبَع بعد أن أُغرِيَ بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، وليس أدل على ذلك من وعود الغرب للعرب أثناء وبعد الحربين العالميتين، وما نتج عن تلك الوعود من تقسيم وتطبيع وتهويد . والغرب هو نفسه الغرب مع تغير مسميات الدول فيه والعرب هم العرب مع تزايد كبير في دولهم وتنظيماتهم وأنظمتهم، والهدف هو نفسه الهدف القديم الجديد، حيث صراع القيم قائم مع تبدل كبير في موازين القوى لصالح الغرب . إلا أن معضلة تطويع وتطبيع أو تهويد العرب تكمن في أنهم صاروا شعوباً شتى وقبائل لم تفرغ بعد من قتالها وقتلها لبعضهم . ويكمن كذلك في البقية الباقية من تعاليم الدين وجوهره الكامن في بعض العبادات، وممارسات فئة قليلة باقية، نعتقد أن الله استبقاها نموذجاً، وربما، مثالاً لسدنة العقيدة الصحيحة التي تحفظ للعرب هويتهم، وميزاناً يزن عليه أحفادهم أو من يأتي من أصلابهم سلوكهم، وفي ذلك أمل في أن يبعث الله في الأرض من يصلحها وفق ما يريد ويشاء .
لا خير يرجى من مواطن عربي يقع جغرافياً في مجتمعه بين السنادين والمطارق، فهو اليوم إما إرهابي تعد له المقاصل والمذابح والمشانق وإما معتدل نبذ الفتنة وأدار وجهه عنها، فَوضَعَ وفق المعايير الجديدة في دائرة الإقصاء، حيث الإقصاء أشبه بالنفي والإخراج من دائرة الحياة الكريمة - أو معتدلة الكرامة -، أما إذا ما رغب في رغد العيش فإنه لا سبيل له إلا السير في ركب المعتدلين من الصم البكم العمي الذين لا يفقهون، والذين يؤمرون فيأتمرون .
وفق هذا المعيار - المعتدل - فإن الانسان العربي فقد الأمل في الحصول على المواطنة الحقيقية في وطنه، ولهذا استمرأ النظام العربي عملية تأهيل أفراده لينتقلوا من دائرة الرعية إلى دائرة العبودية . وتلك دائرة لا يقرها العربي الأصيل سواء جاع أو شبع، ولهذا فإن اشتداد الأزمة يعني انفراجها، والأنظمة الساعية إلى استعباد شعوبها ستفاجأ في يوم من الأيام أنها غير قادرة على حكمها بالمطلق . وقد تعلمنا من التاريخ أن الافراط في توسيع دوائر الإقصاء والاستبعاد والإبعاد لا يخدم الأمن بقدر ما يضيع التنظيمات السرية المعادية للأوطان، ونعتقد أن في تاريخ العراق في القرنين السابق والحالي مثالاً ساطعاً .