01:10 . بقيمة سبعة ملايين درهم.. إطلاق أول جائزة في العالم بـ"تصفير البيروقراطية"... المزيد |
12:46 . "وام": ثلاث قوافل مساعدات إماراتية تصل غزة خلال أسبوع... المزيد |
11:37 . فيدان: أجرينا مفاوضات مع روسيا وإيران بعدم مساعدة الأسد قبل سقوطه وقد تفهموا... المزيد |
11:35 . الحكومة السورية تطالب مجلس الأمن بالتدخل لوقف الهجمات الإسرائيلية... المزيد |
11:31 . دول عربية وممثلون دوليون يجتمعون في الأردن لبحث مستقبل سوريا... المزيد |
11:18 . توقعات بنقص كبير في الأيدي العاملة بألمانيا بسبب مغادرة السوريين... المزيد |
11:16 . شهداء وجرحى في غارات للاحتلال الإسرائيلي على جباليا وغزة... المزيد |
10:56 . اتهامات لأبوظبي بدعم تمرد جديد في سقطرى اليمنية... المزيد |
10:43 . صور أقمار صناعية تكشف عن تحركات روسية في القواعد العسكرية بسوريا... المزيد |
10:25 . لماذا رفضت أبوظبي استقبال حليفها المخلوع بشار الأسد؟... المزيد |
10:04 . “القسام” تعلن الاستيلاء على ثلاث مسيرات إسرائيلية خلال مهمة استخباراتية برفح... المزيد |
10:04 . عقب سقوط الأسد.. مصانع الكبتاجون في سوريا تكشف تورط شركات إماراتية بتصدريها لدول الخليج... المزيد |
10:02 . أردوغان يعرض الوساطة بين السودان وأبوظبي.. والبرهان يرحب... المزيد |
09:35 . الحوثيون يعلنون قصف أهداف إسرائيلية بثلاث عمليات عسكرية... المزيد |
09:34 . سوريا.. الملايين يحتفلون “بانتصار الثورة” وسقوط نظام الأسد... المزيد |
09:32 . بلينكن: اتفاق واسع بين أمريكا وتركيا بشأن مستقبل سوريا... المزيد |
أصبحت قضية ابتعاد الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد أكثر سطوعاً، مع غياب أصواتهم في صلاة التراويح، ودروس الوعظ والقاء الكلمات فيها، التي كانوا يداومون عليها طيلة شهر رمضان، رغم زيادة عدد المساجد في الدولة، الذي يشهد في الوقت ذاته تراجعا في أعداد الأئمة المواطنون إلى مستويات غير مسبوقة.
ولا تقدم الحكومة تحديثات إحصائية بشكل سنوي للعاملين في إمامة المساجد وإدارتها، وتشير إحصائيات 2020 إلى أن هناك (4,102) إمام مسجد و(1,402) مؤذن. ولم تقدم السلطات معلومات عن نسبة المواطنين فيهم؛ إلا أن إحصائيات 2014 (وهي آخر إحصائيات منشورة) تقول إن هناك 121 إماماً مؤذناً مواطناً فقط، يمثلون 5 بالمئة فقط من إجمالي الأئمة حينها (2393 إماماً).
وتوقفت السلطات عن تقديم الاحصائيات المتعلقة بالأئمة المواطنين مع زيادة عدد المساجد، حيث وصلت إلى أكثر من 10 آلاف مسجد في 2023م.
وفي حقيقة الأمر لا يبدو أن سبباً واحداً وراء هذه الظاهرة؛ بل هي نتاج تفاعل مجموعة من العوامل التي تهدد بمزيد من العزوف عن هذه الوظيفة السامية؛ فمعظم هذه العوامل تقع على عاتق الحكومة والجهات المسؤولة التي دائماً ما تعد بتوطين هذه الوظائف لكن يبدو أن جهات أعلى ترى في عزوف المواطنين عن إمامة المساجد منحة لا محنة وطنية.
تغيرات كبيرة
يأتي ذلك على الرغم من أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف قد قلصت الشروط لإمامة المساجد بهدف جذب المواطنين، حيث يكتفى بحفظ جزء واحد من القرآن، وشهادة ثانوية، وشهادة حسن سيرة وسلوك، وهي إشكالية كبيرة تمنح وظيفة متعلقة بـ"ورثة الرسل" لغير المؤهلين.
وكذلك تقديم علاوة مالية علاوة شهرية بنسبة 50% من الراتب الأساسي لجميع العاملين في المساجد من الأئمة والمؤذنين على مستوى الدولة التابعين للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
إلا أن التغيرات الاجتماعية والثقافية التي رعتها الحكومة خلال العقد الماضي أدت إلى تغيّر نمط حياة الشباب وتوجهاتهم؛ فاحتضنت الدولة وشجعت الثقافات الغربية، في المقابل، وضع الحواجز أمام الهوية الوطنية الإسلامية للدولة، وأصبحت أكثر توتراً تجاه المساجد ما تسبب في تنفيرهم.
كما أن سياسات الدولة المعنية بالمساجد تسببت في عزوف الشباب عنها. ومن أبرز تلك السياسات:
الرواتب والحوافز
تعتبر مستحقات أئمة المساجد ضمن الحد الأدنى من الأجور في الدولة، في حين ترفعه الحوافز. ويحصل إمام المسجد الإماراتي على حوالي 6000 درهم، وهو راتب ضئيل لا يقارن بالوظائف الأخرى الحكومية؛ حيث يبلغ متوسط رواتب موظفي الحكومة الاتحادية في الدولة حوالي 16000 درهم شهرياً، حسب مرجع القانون الإماراتي؛ وهو ما يحط من قدر هذه الوظيفة الجليلة ويدفع المواطنين للبحث عن وظائف أخرى.
وفي 2014 قدمت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف برنامجاً لاستقطاب المواطنين في إمامة المساجد "برنامج المكافأة" وتمكنت من استقطاب 56 مواطناً من أصل (121) الذين ظهروا في الاحصائيات وأعلنت تقديم رواتب جيدة ومغرية، لكن هذا البرنامج توقف لاحقاً، إما للفشل أو لتراجع الحكومة عن توجهها.
وتمنع السلطات المواطنين الذين بنوا المساجد من دفع رواتب للأئمة والمؤذنين العاملين في المساجد التي أصبحت تحت مظلة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
2- القيود المفروضة على المساجد:
يواجه بعض الشباب الإماراتي صعوبة في الحصول على ترخيص إمامة المسجد، وذلك لوجود شروط وضوابط معظمها مرتبطة بجهاز "أمن الدولة"، والتي يبدو أنها مخصصة لتيار فكري معين تفرض على إمام المسجد أن يكون تابعاً له.
وخلال العقد الماضي منحت الإمارات تيار الصوفية المدخلية -التي معظمها من شمال أفريقيا- حق الوصول والسيطرة على مساجد الدولة وحتى الافتاء وفي مقدمتها: مؤسسة "طابة" و"مجلس حكماء المسلمين".
كما أن إمامة المسجد والأذان تفتح فرص اجتماع الشباب في الأنشطة المسجدية الدينية، والتي تتضمن الكثير من الفعاليات واللقاءات والاجتماعات، إلا أن الحكومة لا تسمح باللقاءات خارج أوقات الصلوات في المسجد، وتملك كاميرات مراقبة في كل المساجد مرتبطة بمراقبة أمنية طوال الصلوات. وتحظر أي أنشطة للمساجد بما في ذلك أنها لا تسمح "بأي شكل من الأشكال لأي شخص ما بإلقاء دروس أو خطب في المساجد سوى المأذون لهم بهذه المهمة".
وبسبب القوانين الإماراتية المتعلقة بالمساجد، والرأي والتعبير، والتجمع، وما تحتويه على مواد فضفاضة ورقابة أمنية هائلة على المساجد يخشى المواطنون أن يكونوا عرضة لانتقام جهاز الأمن، وجرّهم للمحاكم بتهم زائفة تربطهم بالمعتقلين السياسيين الذين مضى على اعتقالهم 12 عاماً.
3- عوامل تعليمية:
تعاني الدولة من نقص في البرامج التعليمية المتخصصة في إعداد الأئمة، مما يؤدي إلى قلة عدد الشباب المؤهلين لإمامة المساجد.
كما لا يرغب بعض الشباب الإماراتي في الالتحاق بالمعاهد الدينية، وذلك لأسباب مختلفة، مثل: طول مدة الدراسة أو صعوبة المناهج الدراسية، وعدم الرغبة في العيش مع الحد الأدنى للأجور مع مخاوف من السجن والاعتقال.
أما خريجو كليات الشريعة والقانون في الجامعات فإنهم يتوجهون إلى العمل في المجالات القانونية.
الإمارات سابقاً
يتذكر المواطنون نشاط المساجد في رمضان وطوال العام، خاصة في عهد المؤسس الراحل الشيخ زايد، حيث كانوا يديرون المساجد بنشاط ويبنون الأجيال الجديدة على حب المساجد والتعلق بها. كما كانت التيارات الفكرية الإسلامية منتشرة في الدولة وحتى في السنوات اللاحقة في عهد الشيخ خليفة طيب الله ثراهما. ولم يتغير الوضع نحو الصوفية والتقييد على المواطنين في المساجد إلا في السنوات الأخيرة.
كما أن الحكومات كانت راعية للتوازن بين التيارات الفكرية الإسلامية بما في ذلك أبوظبي ودبي بما فيها المذهب المالكي والمذهب الحنبلي والتيارات السلفية والمتصوفة القريبة من طريقة الحضارم في اليمن، وكانت المساجد تستضيف كل التيارات؛ فكنت تجد أن كثيراً من المساجد محسوبة لكل تيار تتبعه وتقام فيها حلق العلم والدروس والمحاضرات ومن غير تضييق على أحد.
وهو الأمر ذاته الموجود في دول الخليج المجاورة، مثل الكويت، وسلطنة عمان، وقطر.
من يتحمل المسؤولية؟!
أدت هذه الأسباب مجتمعة إلى عوامل نفسية للشباب الإماراتي الذي بات يخشى تحمل مسؤولية إمامة المساجد، وافتقارهم إلى عدم الثقة بالنفس في حمل هذه الوظيفة السامية، خاصة وأنهم يرون من سبقوهم من معلمين ومربين وأئمة مساجد إما في السجن أو تحت التدقيق والمراقبة اللصيقة من جهاز أمن الدولة.
إن الشروط الجديدة والتغييرات الكبيرة بشأن السماح لمن يحفظ جزءاً واحداً وشهادة ثانوية بإمامة المساجد تمثل إشكالية كبيرة توضح مدى استهتار الهيئات الرسمية بوظيفة إمامة المساجد لتعيين إمام لا يستطيع تقديم دروس ولا يقدم أي نصائح أو ارشادات دينية للناس عند سؤاله. وهو ما يدعو للتساؤل عن أي دور تريده السلطات للمساجد؟
خلال العقد الماضي كانت مؤسسات الدولة نشطة في شيطنة الأنشطة المسجدية، وأئمة المساجد فتسببت في نظرة سيئة تجاه شباب المساجد بشكل عام وإمامتها بشكل خاص. فمن الصعب الطلب من المجتمع المساعدة في تشجيع الشباب على إمامة المساجد في وقت تفرض السلطات كل العقبات والمخاوف تجاههم.
كما كانت سياسات الحكومة في تغريب المجتمع -والتي أدت إلى تغيّر نمط حياة الشباب الإماراتي وتوجهاتهم وإبداء الاعجاب بها، إلى جانب تنصيب السلطات وأدواتها كجهة "دينية" تقوم بتفسير الإسلام للمواطنين (السيئ منه والصالح) بما يخدمها ويخدم سياساتها الداخلية والخارجية- وراء تنفير الشباب من المساجد.
إن ظاهرة ابتعاد الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد ظاهرة مقلقة للأمة والدولة تتطلب تضافر الجهود من جميع الجهات المعنية لحلها من خلال حل المشكلات الأمنية المرتبطة بها، والتي معظمها في القوانين. وتتطلب العمل على تعزيز الوعي والوازع الديني بين الشباب، وتطوير البرامج التعليمية المتخصصة في إعداد الأئمة، وتوفير حوافز مالية كافية، وفتح المجال للأنشطة المسجدية وتدريب الشباب على مهارات الخطابة والثقة بالنفس، وتسهيل الحصول على ترخيص إمامة المسجد، وإتاحة فرص أكبر للشباب للبقاء في المساجد وإدارتها.