أحدث الأخبار
  • 02:49 . من هو محمد الحمادي.. أول إماراتي وعربي وآسيوي يرأس مركز "أطلنطا" للمشغلين النوويين؟... المزيد
  • 02:48 . شركات سعودية كبرى توقّع اتفاقيات استراتيجية لتطوير حقول النفط والغاز في سوريا... المزيد
  • 02:45 . مطالبات حقوقية بالكشف عن مكان الناشط الإماراتي جاسم الشامسي وإنهاء الإخفاء القسري... المزيد
  • 11:25 . "الأبيض" يبلغ ربع نهائي كأس العرب بعد خسارة مصر أمام الأردن... المزيد
  • 11:21 . الأعلى في تاريخ الإمارات.. "الوطني" يوافق على الميزانية العامة للاتحاد 2026... المزيد
  • 10:58 . الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين بالضفة ومستوطنون يقتحمون الأقصى... المزيد
  • 07:40 . اندلاع حريق هائل في جزيرة الريم بأبوظبي... المزيد
  • 07:18 . التليغراف: علاقات أبوظبي مع الغرب مهددة بسبب المذابح في السودان... المزيد
  • 05:43 . مقتل ستة جنود باكستانيين في هجوم مسلح قرب حدود أفغانستان... المزيد
  • 11:13 . الموارد البشرية: نحو 18 ألف عامل حصلوا على دعم مالي منذ تطبيق التأمين ضد التعطل... المزيد
  • 11:10 . "التعليم العالي" تسحب الاعتراف بمؤهلات جامعة ميدأوشن بعد مخالفات جسيمة... المزيد
  • 11:06 . من الرياض.. "العليمي" يتهم الانتقالي بتقويض الدولة وتهديد الاستقرار في الشرق اليمني... المزيد
  • 11:02 . عروض عسكرية واسعة في سوريا بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد... المزيد
  • 10:58 . خبراء يمنيون: المشهد اليمني ينزلق إلى صراع نفوذ مفتوح بين الرياض وأبوظبي... المزيد
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد

الفكر الجهادي وصراع المصالح

الكـاتب : فاطمة الصايغ
تاريخ الخبر: 14-12-2014


ما يشهده العالم الإسلامي من تطورات على الساحة السياسية ومن ظهور لتيارات فكرية متشددة تقدم للعالم تفسيراً خاطئاً لتعاليم الإسلام كما تحول الانتباه عن مواقف الإسلام الحقيقية من مفاهيم حياتية حث عليها كتشجيع العلم والإبداع والابتكار وغيرها من المفاهيم التي لولا تأكيد الإسلام عليها لما انتشر في كل بقاع الأرض ولما حازت الحضارة العربية الإسلامية على كل تلك المرتبة الرفيعة.

ظهور بعض الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتشددة والأفكار التي تحاول نشرها تؤثر سلباً على صورة الإسلام خاصة فيما يختص بمفاهيم إسلامية كمفهوم الجهاد مثلاً.

ففكرة هؤلاء عن الجهاد فكرة مشوشة: فالجهاد الذي يعْرفونه خطأ هو القتل والسلب والتدمير والاغتصاب وهي جميعها أفكار إنما جاء الإسلام ليغيّرها ويبدلها بفكر إنساني قائم على تقبل الآخر ودفع الناس باتجاه العلم والابتكار بعيداً عن الصراعات الضيقة والمصالح السياسية التي تزج بالمدنيين في ساحات القتال. فالإسلام حين شرع الجهاد وضع له ضوابط ولوائح مقننة لا يجوز الحياد عنها.

فهناك أوامر للجيوش المسلمة بعدم قتل المرأة والطفل والمسن والرجل المتعبد في صومعته وعدم حرق الأرض والحرث والشجر أو قتل الأسرى أو التنكيل بهم. هذه هي رسالة الإسلام السمحة والتي هي في واقع الأمر استراتيجية للقيادات العسكرية وللجيوش المحاربة.

التاريخ الإسلامي يقدم لنا صورة رائعة عن كيفية تعامل الإسلام مع الأسرى. فمثلاً، أسرى غزوة بدر، أولى غزوات المسلمين، لم يقتلوا ولم يقايضوا لنيل مكاسب سياسية أو مادية، بل كان الحل هو أن يقوم كل أسير بتعليم 10 من المسلمين القراءة والكتابة نظير الإفراج عنهم.

العلم والثقافة من أولويات العمل الإسلامي ويكفي أن أول آية في القرآن الكريم ركزت على قضيتين مرتبطتين بالعلم وليس القتل وهما: القراءة "اقرأ" والقلم "علم بالقلم" كدلالة على مدى الاهتمام الذي أعطاه الإسلام للعلم وتقدم الإنسانية في مقابل القتل والتدمير الذي ترفع رايته تلك التيارات المتشددة.

مقارنة بسيطة بين كيفية تعاطي المسلمين الأوائل مع قضية الجهاد وبين تعاطي المتشددين اليوم لفكرة الجهاد تقدم لنا أنموذجاً واضحاً عن مدى اللبس في مفهوم هذه الفكرة. فجهاديو اليوم يجهلون أبسط القواعد الفكرية التي قام عليها الإسلام وهم يعتقدون أن نظرتهم الأحادية لتفسير القرآن هي الوحيدة المفهومة.

هؤلاء أظهروا الإسلام وكأنه دين دموي إرهابي. مصالح هؤلاء الشخصية اندمجت مع أهوائهم وأيديولوجياتهم العقدية والسياسية ومصالح القوى التي تقف خلفهم وتمولهم لتمتزج كلها في أفكار مشوشة عن مفاهيم الإسلام الأساسية.

تيار متشدد كداعش شرد ما لا يقل عن 20 مليون شخص وخطف أكثر من 1500 طفل وساهم في الاتجار بأكثر من 3 ملايين امرأة وأثر سلباً على حياة أكثر من 30 ألف شاب هم من استطاع تجنيدهم ودفعهم نحو ساحات القتال تحت مسمى الجهاد.

حياة كل هؤلاء المدنيين زجت في "جهاد" وهمي لصالح قوى سياسية وليس لأغراض دينية. غياب الوعي الحقيقي وغلبة المصالح الضيقة هي من قادت تلك التيارات إلى العبث بأرواح المدنيين واللعب بمقدراتهم. التاريخ يقدم لنا نماذج جميلة يجب توظيفها لنشر الوعي بحقيقة الإسلام وتعريف الأجيال الجديدة التي قد تنجذب إلى تقليد ما تراه أو تحاول أن تفسره على أنه من تعاليم الإسلام الجهادية بينما الواقع هو عكس ذلك.

الثقافة والحضارة الإسلامية تقدم لنا نماذج متميزة ورائعة أخرى عن الكيفية التي هذب الإسلام نفوس من دخل فيه.

فهؤلاء المغول التتار الذين أحرقوا مكتبة "بيت الحكمة" في بغداد في القرن الثالث عشر ميلادي ورموا المخطوطات ونفائس المكتبة في نهر دجلة حتى اسود لونه قد تركوا لنا أعظم صروح المسلمين في تاريخنا الحديث ألا وهو تاج محل الذي هو رمز للحب الخالد والوفاء وقيم إسلامية خالدة.

في هذه المرحلة يأتي دور علماء الدين المعتدلين والإعلام الهادف الذي يجب أن يقدم المعلومة الصحيحة والهادفة وينشر الوعي بحقيقة الإسلام وتعاليمه الحقة.

فعلى علماء الدين يقع دور مهم ألا وهو نشر الوسطية والتأكيد عليها فهي السبيل إلى تعزيز روح المسؤولية والانتماء بين الناس على مختلف شرائعهم وخلفياتهم وحماية الشباب من الوقوع في براثن الغلو والتطرف. أما الإعلام فعليه الدور الأكبر.

إعلامنا يجب أن يقوم بدور الراعي للوسطية والناشر للوعي بحقيقة الإسلام وتعاليمه الحياتية البعيدة عن التشدد والغلو. فالإسلام ليس فقط عبادات بل أسلوب حياة اجتماعية ومدنية وقوانين حياتية رائعة وتعاون مع الآخرين لبناء مجتمع يسوده الحب والعمل الصالح لخير البشرية جمعاء.

هذه القضايا يجب أن تكون من ضمن أجندة إعلامنا الجدي حتى يتم التعامل مع هذه القضية بكل جدية. فقضية التطرف والغلو بين الشباب يجب أن تخضع للاحتواء لأنها قضية لا تمس فقط أمننا القومي ولكنها تمس لب ثقافتنا الاجتماعية المستقبلية.