أحدث الأخبار
  • 07:29 . صحيفة بريطانية: واشنطن تفرض عقوبات على الكولومبيين المتورطين في حرب السودان وتتحاشى أبوظبي... المزيد
  • 02:49 . من هو محمد الحمادي.. أول إماراتي وعربي وآسيوي يرأس مركز "أطلنطا" للمشغلين النوويين؟... المزيد
  • 02:48 . شركات سعودية كبرى توقّع اتفاقيات استراتيجية لتطوير حقول النفط والغاز في سوريا... المزيد
  • 02:45 . مطالبات حقوقية بالكشف عن مكان الناشط الإماراتي جاسم الشامسي وإنهاء الإخفاء القسري... المزيد
  • 11:25 . "الأبيض" يبلغ ربع نهائي كأس العرب بعد خسارة مصر أمام الأردن... المزيد
  • 11:21 . الأعلى في تاريخ الإمارات.. "الوطني" يوافق على الميزانية العامة للاتحاد 2026... المزيد
  • 10:58 . الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين بالضفة ومستوطنون يقتحمون الأقصى... المزيد
  • 07:40 . اندلاع حريق هائل في جزيرة الريم بأبوظبي... المزيد
  • 07:18 . التليغراف: علاقات أبوظبي مع الغرب مهددة بسبب المذابح في السودان... المزيد
  • 05:43 . مقتل ستة جنود باكستانيين في هجوم مسلح قرب حدود أفغانستان... المزيد
  • 11:13 . الموارد البشرية: نحو 18 ألف عامل حصلوا على دعم مالي منذ تطبيق التأمين ضد التعطل... المزيد
  • 11:10 . "التعليم العالي" تسحب الاعتراف بمؤهلات جامعة ميدأوشن بعد مخالفات جسيمة... المزيد
  • 11:06 . من الرياض.. "العليمي" يتهم الانتقالي بتقويض الدولة وتهديد الاستقرار في الشرق اليمني... المزيد
  • 11:02 . عروض عسكرية واسعة في سوريا بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد... المزيد
  • 10:58 . خبراء يمنيون: المشهد اليمني ينزلق إلى صراع نفوذ مفتوح بين الرياض وأبوظبي... المزيد
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد

مجمع العربية.. ضرورة خليجية

الكـاتب : صالح عبد الرحمن المانع
تاريخ الخبر: 07-02-2015

قبل مئة عام تقريباً اجتمعت كوكبة من أدباء مصر يتقدمهم الأديب الشهير أحمد لطفي السيد والشيخ محمد عبده والشيخ السكندري وعدد من الأدباء والمثقفين المصريين لغرض إنشاء مجلس جديد يُعنى باللغة العربية وآدابها، ويقوي من اللغة الفصحى ويولّد كلمات ومصطلحات جديدة لبعض المصطلحات الأجنبية في هذه اللغة. وكانت اللغة العربية حينها قد تراجعت عما كانت عليه أيام ازدهار اللغة العربية في مصر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، إبان الفترة الذهبية لحكم الدولة المملوكية في مصر. وقد كان الهاجس الرئيس لهؤلاء الأدباء وأساتذة اللغة هو طغيان اللهجة العامية الدارجة بين معظم طبقات الشعب، وحتى بين المثقفين والكتاب منهم. وتؤكد الباحثة الدكتورة «نيلي حنا» في بحثها المهم عن علاقة القوة باللغة، أن اللغة العربية عانت مرحلة انحطاط استمرت زهاء أربعة قرون منذ انتهاء سلطة دولة المماليك في مصر في القرن الخامس عشر، وعلوّ شأن الدولة العثمانية، وتركيز اهتمامها على تطوير اللغة العثمانية المشتقة من اللغات التركية والعربية والفارسية. وهذه العلاقة بين اللغة والقوة حينها، دفعت المثقفين والعلماء المصريين إلى تبني إنشاء مجمع اللغة العربية الذي كان وما زال إلى يومنا هذا حريصاً على خدمة اللغة ونشرها وتعميق جذورها في المجتمعات العربية.

وتبع إنشاء ذلك المجمع، إنشاء مجامع أخرى مماثلة في كل من بغداد ودمشق، وبغضّ النظر عن قدرة هذه المجامع على حفظ اللغة الفصحى من طغيان اللهجات الدارجة، فإن الأسباب التي دعت إلى إنشاء تلك المجامع لازالت قائمة، خاصة في مجتمعاتنا الخليجية التي تراجعت فيها لغة الآباء والأجداد أمام زحف اللغة الإنجليزية. ولم نعد نخشى تفشي استخدام اللهجات الدارجة، بل أصبحنا نخشى من ضياع حتى هذه اللهجات الدارجة أو العامية، أمام زحف اللغة الإنجليزية.

ومثلما خربت اللغة الفرنسية معظم اللهجات المحلية في الجزائر والمغرب العربي، وأصبح الناس هناك يتحدثون بهجين من لغة فرنسية وعربية، وكلاهما بشكل مكسور، أصبحنا في دول الخليج العربية نخلط اللغة العربية بالكثير من الإنجليزية وبعض من اللغة الهندية، بحيث قد نصبح بعد نحو عقد أو عقود من الزمن لا نتحدث العربية إطلاقاً، أو لا يفهمها أبناؤنا.

وربما برزت هذه الظاهرة بسبب طغيان التعليم باللغة الإنجليزية على مدارسنا وجامعاتنا، فأصبح الأطفال من سن الروضة لا يتحدثون مع بعضهم بعضاً أو حتى مع آبائهم أو أمهاتهم إلا باللغة الإنجليزية، واللغة الإنجليزية لغة جميلة، ولكن العربية أجمل، وأشعر شخصياً بالخجل في بعض الأحيان، من التواصل مع زملائي العرب بـ«الإيميل» باللغة الإنجليزية.

وقد أصبحت الشركات لا توظفّ إلا من تعلّم اللغة الإنجليزية وأجادها، وحين يفد الوافد إلينا ممن تعلّم اللغة العربية في بلاده، فإنه لن يتمكن من تطوير لغته العربية بسبب طغيان اللغة الإنجليزية على محادثاتنا وحياتنا اليومية، ولولا بعض القوانين الحكومية، لأصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة في المدارس والجامعات، وحتى في قوائم الطعام في المطاعم العامة.

وأرجو أن يفهم أن هذا الكاتب ليس ضد تعلّم اللغات الأجنبية الحيّة مثل اللغة الإنجليزية وغيرها، ولكننا إذا نسينا اللغة العربية، حتى الدارجة منها، أو تناسيناها، فإن لغتنا العربية ستكون لغة ميّتة، فاستخدام اللغة بشكل مكثف في الحياة اليومية هو الذي يمّدها بالديمومة والحياة.

وحين تزور اليابان، فإنك تدهش لاستخدام اللغة اليابانية في كل مكان، وكذلك على كل السلع بما في ذلك علب الأدوية. وتود لو أنهم أضافوا بعضاً من الإنجليزية لتلك السلع لتتمكن من معرفة محتوياتها. ومع ذلك فاليابان بلد صناعي، وتصّدر سلعها إلى معظم بلدان العالم.

وحين تزور وسط أفريقيا، فإنك تذهل من وجود نظامين مزدوجين للتعليم، أحدهما باللغة الفرنسية، والآخر باللغات المحلية، ومع ذلك فإن حظوظ من يتعلم باللغة المحلية لا تتعدى المرحلة المتوسطة، وتوازياً مع ذلك فإن أقرانهم ممن يتعلمون على المنهج الفرنسي يستمرون في تعليمهم العالي حتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، وبعد ذلك يمكن أن يستمروا في التعليم العالي، أو الالتحاق بالعمل الحكومي، أو بالعمل في الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.

وربما كان لظهور بعض الحركات الإرهابية وتفاقمها في بعض البلاد الأفريقية، مثل حركة «بوكو حرام» علاقة مباشرة بمثل هذا النوع المزدوج من التعليم وظهور حالات من الإحباط الهائل في صفوف بعض الشباب الذين ينخرطون بالعمل في مثل هذه المنظمات الإرهابية.

والحال أن الاهتمام باللغة الأم، مع عدم إهمال اللغات الحية الأخرى مثل اللغة الإنجليزية، يمكن أن ييسر علينا الحفاظ على هويتنا العربية، والعمل على أن تكون جزءاً من محيط عالمي وسوق كبرى تتخطى حدود دولنا وأقاليمنا، ولمثل هذا فلنضع سياساتنا التعليمية، بحيث لا نعلم أبناءنا اللغة العربية، فحسب، بل نعلم أيضاً الملايين من العمالة الأجنبية الوافدة، مثل هذه اللغة الجميلة.