صمت دهرا الأستاذ محسن العيني رئيس وزراء اليمن الأسبق ونطق بقول غير موفق، لم يكن بودي أن أسمع أو أرى الأستاذ العيني في مثل هذه المواقف، معروفا عنه، أنه أحد حكماء اليمن وأنه إذا قال سُمع لقوله، لكنه انزلق هذه المرة بعيدا عن حكمته السياسية، ولا أدري هل عدد السنين التي يحملها على كتفيه غيبت عنه الحكمة، ولو حكمة الصمت!.

(2) 

يقترح العيني للخروج من المأزق اليمني تشكيل مجلس رئاسي يضم كلا من الرئيس الحالي عبد ربه منصور، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، ورئيس الجنوب السابق علي سالم البيض وممثل عن الحوثيين، تكون مهمة هذا المجلس قيادة اليمن لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر بالتناوب. ويرأس الحكومة علي ناصر محمد القيادي الجنوبي المعروف وله نائبان هما حيدر العطاس جنوبي وعبد الكريم الارياني شمالي، وتشكل الحكومة من الأحزاب المختلفة، قوى متناقضة متحاربة مختلفة الأهداف والمبادئ، كيف يقودون اليمن؟ إنه مقترح غريب بكل معنى الكلمة.
والحق إنني أشك في أن يكون هذا رأي الأستاذ محسن العيني لعدة أسباب منها، أنه رد اليمن إلى ما قبل عام 2011 فكيف يسلّم اليمن مرة أخرى لقيادي قاد اليمن أكثر من ثلاثين عاما لم يستطع أن يبني دولة بل بنى شركات مالية خاصة استخدم عوائدها في زعزعة اليمن كما نراه اليوم، ولعلمي فإن أهل الجنوب اليمني لن يقبلوا بالقيادات التي حكمتهم ردحا من الزمان وسلمتهم لقمة لعلي عبدالله صالح عام 1990 سهل ابتلاعها عام 1994، ثم إنه أعطى الحوثيين مكانة في قيادة اليمن بعد أن عبثوا بأمنه وسلامته ووحدته منذ سبتمبر الماضي، وربطوا مستقبله بإيران.
الأمر الأخطر في أفكار محسن العيني أنه جعل لإيران كلمة في الشأن اليمني، ونسي العيني أو تناسى أن كلمة واحدة أعطيت لإيران في الشأن العراقي فابتلعت العراق كله بكل مكوناته، والكلمة العليا في العراق اليوم هي لإيران، وماذا عن سوريا يا أستاذ محسن العيني، هل تستطيع سوريا أن تتخلص من النفوذ الإيراني اليوم؟ وما هو حال لبنان في ظل النفوذ الإيراني؟ إن لبنان لم يستطع انتخاب رئيس جمهورية لأن الكلمة يجب أن تقال من طهران لا من بيروت، إيران أعلنت رسميا الثلاثاء الماضي أنها ملتزمة بدفع ملياري دولار للعمل العسكري للحوثيين كما التزموا بدعم لوجستي فكيف يطمئن العيني على نوايا إيران في اليمن؟ 

(3) 

محسن العيني بأفكاره تلك حرم شباب اليمن الذين ضحوا من أجل مستقبل أفضل لليمن عندما قاموا بثورتهم ضد نظام علي عبد الله صالح الذي حكم عليهم بالتخلف والتبعية، أعني ثورة الشعب اليمني في 11 فبراير 2011، لم يعط العيني قيمة للشباب الذين ملأت دماهم شوارع اليمن من أجل الحرية والكرامة واليوم يبيعهم العيني بأرخص الإثمان لعصابة حكم عليها الشعب اليمني العظيم بعدم أهليتهم للقيادة.
الشعب اليمني يا أستاذ محسن العيني خلع تلك القيادات التي سميتها منذ زمن، هل تدعو إلى ردهم لتسلم القيادة؟ وماذا عساهم فاعلين بالشعب الذي خرج عليهم وأزاحهم من قصورهم؟! إنهم إن عادوا فسوف ينتقمون من كل الشعب الذي أجبرهم على ترك مناصبهم.

(4) 

المصيبة الثانية يرتكبها المبعوث الدولي جمال بن عمر في حق اليمن كله بتقريره الذي قدمه بالأمس إلى مجلس الأمن عن الشأن اليمني، إنه أشبه بتقرير صحفي مبتدئ وليس برجل عاش أكثر من 4 أعوام في حوارات مع مختلف القوى اليمنية، جملة ما قال إنه لا حل للمشكلة إلا بالحوار وهو يعلم حق العلم أنه فشل في كل حواراته في اليمن ولم يتقدم خطوة واحدة، إن الحوار بين الأطراف المتصارعة إن لم تسنده قوة فإنه غير مجد، الفلسطينيون يتحاورون مع الإسرائيليين منذ عام 1993 وحتى اليوم بلا جدوى، اللبنانيون يتحاورون من أجل انتخاب رئيس منذ قرابة سنة دون جدوى.
السيد جمال بن عمر يعلم أنه لا يمكن إجراء حوار بين اليمنيين في مدينة صنعاء لأنها لم تعد آمنة لكل الأطراف وأنها مدينة محتلة من قبل طائفة بقوة السلاح يسندها رئيس سابق بقوة المال والسلاح مرفوض شعبيا.
ابن عمر لا يريد أن يفقد منصبه كممثل للأمين العام للأمم المتحدة وعلى ذلك فهو يعارض نقل الحوار إلى خارج اليمن. جمال بن عمر قال في 14 / 8 / 2012 إن هناك محاولات لإفشال العملية السياسية في اليمن وإن الأمم المتحدة ستتخذ عقوبات ضد معوقي التسوية السياسية هناك، وإنه يعلم أن المعوقين لجهوده هم الحوثيون ومن تحالف معهم فلماذا لا يجهر بالقول ويطالب مجلس الأمن بردع هذه القوى التي تعبث بالأمن والسلم الأهلي في اليمن؟.

(5) 

مجلس التعاون بطيء الحركة في كل الشؤون التي تحيط بدول المجلس، إيران مندفعة بكل ثقلها في اليمن ومجلس التعاون ما برح يعقد اجتماعات تشاورية، إن تأييد الرئيس هادي بالكلام غير مجد وعلى المجلس وخبرائه أن يدرسوا التجربة الروسية في أوكرانيا عام 2014 من أجل مناصرة السلطة الشرعية في عدن أو التجربة الأمريكية في غرنادا عام 1983.
آخر القول: نحن في سباق مع الزمن قبل أن يستفحل الأمر وتتمكن إيران في اليمن واحتلال لحج بعد تعز ومنها إلى عدن وبعدها نكون في موقف لا نحسد عليه.