أحدث الأخبار
  • 08:43 . مكتب نتنياهو يتنصل من تلميح مستشاره للمسؤولية عن انفجارات لبنان... المزيد
  • 07:53 . ما هي أجهزة “البيجر” التي انفجرت في أيادي حامليها من عناصر حزب الله بلبنان؟... المزيد
  • 06:54 . الجيش الأمريكي يكمل انسحابه من النيجر... المزيد
  • 06:53 . بينهم السفير الإيراني.. إصابة المئات من عناصر "حزب الله" اللبناني في هجوم سيبراني إسرائيلي... المزيد
  • 02:14 . عبدالله بن زايد يبحث مع بوريل العلاقات الثنائية وجهود وقف حرب غزة... المزيد
  • 02:12 . رئيس الوزراء العراقي: لم تعد هناك حاجة لوجود القوات الأمريكية... المزيد
  • 11:34 . الذهب قرب أعلى مستوى له على الإطلاق قبل قرار المركزي الأمريكي بشأن الفائدة... المزيد
  • 11:20 . إيران تفرج عن مواطن نمساوي... المزيد
  • 11:19 . لجنة التعاون العسكري بين الإمارات والكويت تعقد اجتماعها لأول مرة... المزيد
  • 10:38 . النفط يرتفع قبيل قرار الفيدرالي... المزيد
  • 10:38 . "تبريد": أربع محطات جديدة تتحول للعمل بالطاقة الحرارية الأرضية المتجددة... المزيد
  • 10:28 . الرئيس الإيراني يعلن دعوته ولي العهد السعودي لزيارة طهران... المزيد
  • 09:02 . الإمارات تدين محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب... المزيد
  • 07:15 . رئيس وزراء قطر ورئيس مجلس العموم البريطاني يبحثان الأوضاع في غزة... المزيد
  • 06:51 . أربعة أعوام على اتفاقيات "أبراهام".. هل حقق التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي أهدافه؟... المزيد
  • 06:06 . باريس.. بدء محاكمة جهادي فرنسي متهم بعلاقته بالقاعدة في اليمن... المزيد

المشهد الأدبي في الإمارات

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 30-11--0001

ياسر حارب

عندما كنتُ طالباً في الجامعة، كنتُ أزور المجمّع الثقافي في أبوظبي بين الفينة والأخرى. حيث لا يمر أسبوع دون أن تتزين أروقته بملصقات تُبشّر بفعالية ثقافية جديدة، كعرض مسرحي، أو موسيقي، أو معرض فني، أو عرض فيلم مميز.

وكان مجرد دخولي إلى مكتبة المجمع يُشعرني بأنني في حضرة الأديب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس الذي اشتُهر بلقب "أعمى بيونيس آيرس". ويُعد بورخيس من أشهر أدباء أمريكا اللاتينية، وكان مُحباً جداً للقراءة والجلوس في المكتبة، وعندما أصابه العمى كانت أمه تقرأ له.

وقال قبل موته عبارته الشهيرة : أظن أن الجنة ستكون شبيهة جداً بالمكتبة. وكنتُ حريصاً على حضور معرض "الكتاب بدرهم" الذي يُباع فيه أي كتاب بدرهم واحد فقط، وكم كانت سعادتي كبيرة وأنا أغادر المعرض وسيارتي تَنُوءُ بِحمْل الكتب.

لقد كان المجمع هو الصرح الثقافي الأبرز في الإمارات، فلقد خرج منه معرض أبو ظبي للكتاب، ومسابقة أفلام من الإمارات التي تُعد بداية الحركة السينمائية في الإمارات، وفكرة الكتاب المسموع.

وبعد أن أُزيل المجمع وظهرت هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، ظننا أنها ستقتات على منجزات المجمع، ولكن لم تمضِ بضع سنوات حتى أحدثت الهيئة نقلة نوعية للحراك الثقافي.

فلقد ظهر مشروع "كلمة" الذي أعتبره شخصياً من أهم المشاريع الثقافية في تاريخ الإمارات والمنطقة، وتوالت الجوائز التشجيعية والتكريمية للأدباء والمثقفين.

ولا أريد الإطالة في سرد منجزات الهيئة، ولكن يكفيها أنها حولت معرض أبو ظبي للكتاب إلى تظاهرة أدبية راقية، بدأت تعيد مكانة الكتاب والكاتب إلى المجتمع العربي.

فمن يزور المعرض يُدرك بأنه ليس سوقاً للكتب، بل تجمعاً لأبرز الأدباء العرب. أما جائزتَا الشيخ زايد للكتاب والبوكر العربية، فقد أعادتا الاعتبار للمثقف والأديب العربي بعد أن لفظه المجتمع، وأنكره الإعلام، منذ الثورات العربية في خمسينات القرن الماضي.

ويكفينا أن نشاهد ترقب القارئ العربي ليلة الإعلان عن الرواية الفائزة بجائزة البوكر لندرك الأثر العميق لهذه الجائزة، وما إن يتم الإعلان عن الفائز، حتى تصبح روايته من أفضل الكتب مبيعاً.

وإذا نظرنا إلى الساحة الأدبية الإماراتية، نجد طفرة في الإصدارات الأدبية، أشعَلَت حطبها النهضة الفكرية، إن صح التعبير، التي بدأت تحبو في المنطقة منذ سنوات.

ومن يقول بأن العرب لا يقرؤون فلينظر إلى الجيل الصاعد في دول الخليج الذي بسببه صارت تجارة الكتب رائجة ومُربحة.

وقد أُفْرِدُ مقالاً خاصاً عن هذا الموضوع، ولكن أعود للساحة الأدبية الإماراتية، حيث ظهر عشرات الكُتّاب والروائيين في السنتين الماضيتين فقط، واستطاعت دار كُتّاب الإماراتية وحدها أن تُبرز أكثر من سبعين كاتباً في فترة قصيرة جداً.

إلا أن هناك من يعترض على هذا الحراك الذي يرفض أن يُسمّيه "أدبياً" مُعللا اعتراضه بهزالة الإصدارات وضعف محتواها

. ولكنني أعترضُ على اعتراض هؤلاء، ففي أي مجتمع شاب، لا بد من تعثر أفراده في خطواتهم الأولى في أي مجال، ولو قارنّا الأعمال الأدبية الإماراتية، أو حتى الخليجية، بأعمال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ فإننا سنظلم الطرفين معاً.

أولاً، لأن بيئة الحكيم ومحفوظ كانت بيئات أدبية عريقة وذات باع طويل في الثقافة والفكر، وما "عمالقة الأدب العربي" كما يحب العرب أن يُسمى أدباء مصر إبّان إشراقة القرن العشرين، إلا نتاج لتلك البيئة والتاريخ الممتد والثقافة المُتراكمة.

ثانياً، لكل زمنٍ خصوصية ثقافية، وما كتبه العقّاد وطه حسين ومن عاصرهما قد لا يصلح كثير منه لزماننا هذا، لغة وأسلوباً وفكراً، وعلينا أن نستوعب بأن لكل عصر لغته الخاصة، وفكره الذي يعكس أنساقه الفكرية والأدبية.

وقبل أن نحكم على الأعمال الإماراتية الشابة، علينا أن ننتظر قليلاً حتى تبدأ حركة النقد الأدبي بالتشكّل، وتبدأ معاييرها بالتبلور، ومن ثم سيستطيع النُقّاد والقُرّاء تصفية الأعمال الجيدة ونبذ السيئة، وسيُضطر الكُتّاب حينها إلى، إما تطوير أنفسهم للارتقاء للذوق الجديد للقارئ، أو ترك الساحة لمن هم أفضل منهم.

عتبي الوحيد على زملائي الكُتّاب الإماراتيين والخليجيين (من الجنسين) أن كثيراً منهم لا يبذلون جهداً لتطوير مهاراتهم ومعارفهم.

فلا يكفي أن تقرأ عشرين رواية حتى تكتب رواية، بل يحتاج الكاتب أن يُلمّ بقواعد اللغة العربية أولاً، ويدرس - أو على الأقل يطّلع على علوم البلاغة، كالمعاني، والبيان والبديع.

إن كثيراً من هؤلاء الزملاء الكرام يُخفقون، وهم يكتبون في تويتر على سبيل التحديد، ليس فقط في تشكيل الكلمات، بل حتى في استخدام علامات الترقيم!

باختصار، المشهد الإماراتي الأدبي يزخر بالكثير من المُحفّزات وتتوفر فيه الأرضية الخصبة للكتابة والإبداع، والجيل الصاعد يثبت كل يوم بأن حبل الفكْر والأدب لم ينقطع، وكل ما نحتاجه الآن هو ظهور حركة نقدية جادة وواعية بسياق الواقع حتى يكون النقّد بَنّاءً، لا مُتحسّراً على الماضي وداعياً إلى العودة إليه.

ويحتاج الأدباء الشباب أن يكونوا أكثر جدية في الاهتمام بتطوير قُدُراتهم، فالكتابة لا تعني التّفلسف فقط، بل تحتاج إلى لغة مضبوطة ومناسبة أيضاً.

 وإذا كانت الفكرة هي الفاكهة التي تُقّدَمُ إلى القارئ، فإن اللغة هي الإناء الذي يحملها.