أحدث الأخبار
  • 08:53 . بسبب دورها في حرب السودان.. حملة إعلامية في لندن لمقاطعة الإمارات... المزيد
  • 06:48 . الاتحاد الأوروبي يربط تعزيز الشراكة التجارية مع الإمارات بالحقوق المدنية والسياسية... المزيد
  • 06:04 . منخفض جوي وأمطار غزيرة تضرب الدولة.. والجهات الحكومية ترفع الجاهزية... المزيد
  • 12:45 . تقرير إيراني يتحدث عن تعاون عسكري "إماراتي–إسرائيلي" خلال حرب غزة... المزيد
  • 12:32 . أبوظبي تُشدّد الرقابة على الممارسات البيطرية بقرار تنظيمي جديد... المزيد
  • 12:25 . الغارديان: حشود عسكرية مدعومة سعوديًا على حدود اليمن تُنذر بصدام مع الانفصاليين... المزيد
  • 12:19 . إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح "إسرائيل"... المزيد
  • 10:59 . أمريكا تنفذ ضربات واسعة النطاق على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا... المزيد
  • 09:21 . الاتحاد العالمي لمتضرري الإمارات... المزيد
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد

ترمب: لماذا نجحت الدعاية السلطويّة؟

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 08-02-2017

هيمنت الدعاية على خطاب الرئيس الأميركي ترمب قبل انتخابه وبعد تنصيبه رئيساً، ويكشف أداء ترمب عن أنماط دعائية كلاسيكية حقّقت نجاحاً مثيراً للدهشة. من أبرز تلك الأنماط التي استخدمها وهو يحث الخطى إلى البيت الأبيض، التخويف. في إحدى خطاباته حذّر من المسلمين قائلاً: «ثمّة كراهية عظيمة تجاه الأميركيين تحملها قطاعات عريضة من المسلمين. 25% يوافقون على أن العنف ضد الأميركيين هنا في أميركا مُبرّر. الشريعة تُجيز قتل غير المسلمين، وقطع الرؤوس...سوف تشاهدون أبراج تجارة أكثر. سوف يسوء الأمر أكثر يا جماعة».
التخويف تكتيك عاطفي شديد التأثير يدفع الناس إلى التركيز فقط على ما يثير خوفهم، ويشكّل حاجزاً بينهم وبين التفكير النقدي، ويقودهم فقط إلى البحث عمّا يحميهم من الخطر. النّاس الذين يتملّكهم الخوف لا يستطيعون وضع المزاعم المقدَّمة لهم موضع المساءلة. ماذا عن اللاجئين السوريين؟ ترمب حذّر مراراً خلال الحملة من استقبالهم في أميركا بحجة أنّهم «دواعش» محتملون، ووعد بأنه في حال فوزه سيطردهم من البلاد. الأمر نفسه ينطبق على المكسيك التي لا ترسل «أحسن ما عندها» بحسب ترمب، بل ترسل المجرمين ومهرّبي المخدرات الذين يسلبون الأميركيين فرص العمل. الحل؟ بناء «جدار» على الحدود يمنع تدفّق المهاجرين منهم. تخويف مستمر يُقابل بحلول سحريّة يميل الناس إلى تقبّلها بدافع التخلّص من الخطر والرغبة في الأمان.
جاسون ستانلي، أستاذ الفلسفة بجامعة ييل، جادل في مقال له في النيويورك تايمز عنوانه: «ما وراء الكذب: الحقيقة السلطويّة لدونَلد ترمب»، أنّ ظاهرة ترمب الاتصاليّة مختلفة عن غيرها، قائلاً إنّه «انهمك في تكتيكات خطابيّة غير مسبوقة في التاريخ الانتخابي الأميركي الحديث». ترمب، في نظر ستانلي، ممارس للدعاية السلطويّة، وهي نمط من الاتصال يختلق فيه زعيم ما رواية من نسج الخيال، يقدّم من خلالها تفسيراً للناس الذين يعانون مشكلات ما، مؤدّاه أنّ لهذه المشكلات أسباباً سهلة، وحلولاً أسهل. تلك المشكلات ناجمة، بحسب رواية الزعيم، عن تواطؤ جماعة أو جماعات مع نخبة فاسدة. الحل طبعاً أسهل، وهو انتخاب مؤلف هذه الرواية الذي سيقضي على النخب والجماعات في آن. تكرار الرواية ضروريّ بالطبع لصناعة القبول. إذا وقع الناس في حبّ القصص الخياليّة التي تزعم أنّ معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية ناتجة عن النخب الفاسدة المتآمرة مع المهاجرين والمسلمين والأميركيين الأفارقة، فستختفي إمكانية أي نقاش عقلاني، أو تقييم منطقي للحقائق.
في عالم الدعاية السلطويّة، كتبت الباحثة السياسية الراحلة حنة آرنت في كتابها «جذور الشموليّة»: «لا تؤمن الجماهير المعاصرة بأي شيء مرئي، بل تؤمن بواقع تجربتها». إذا اعتنق الناس الرواية الخياليّة، فإنهم سيستمعون فقط إلى ما يعزّز مضمون هذه الرواية، وسيطردون عن أذهانهم ما يعارضها من غير تفكير، تماماً كما صنع ترمب نفسه خلال المناظرات بعبارته التي كرّرها كثيراً: «خطأ»! تبدو تشخيصات ترمب، قبل الحملة وبعد الفوز، متّسقة، وقابلة للفهم: «إنهم المهاجرون»، والعلاج يبدو أكثر إثارة للضحك: «ابن جداراً»! يقول ستانلي إنّ هدف الدعاية الشموليّة هو «تصميم نظام متناسق يسهل استيعابه، نظام يشكّل ويقدّم في الوقت عينه تفسيراً للشكاوى من جماعات أجنبيّة عدّة»، ولهذا لا بدّ أن يلجأ هذا النظام إلى تشويه الواقع.
العالم الذي يرسمه ترمب عالم من الأكاذيب: الجريمة بلغت أعلى معدّلاتها، الاقتصاد في انحدار، الجيش ينهار، وثمّة مؤامرة عالميّة خلف ذلك كلّه، كما لو كنت تستمع إلى أحد سفّاحي المشرق، وتبدو هذه المزاعم في حصانة من الدحض بالحقائق، لكنّها تغري بالمتابعة، وتستميل المشاعر، وتجعل تعقيدات العالم أقرب إلى الأفهام. الجماهير، بحسب آرنت، مهووسة بالرغبة في الهروب من الواقع» و «الدعاية السلطوية تزدهر في هذا الهروب». إنها دعاية تحظى بقبول الجماهير لأنها تزعم «كشف المستور»، فهي تدّعي وصلاً بالتحرّكات السياسية الغائبة عن الأنظار: دهاليز واشنطن، مكائد وول ستريت، ومداولات الشرطة الاتحادية- موضوعات ممتازة لتلفيق المؤامرات المتخيّلة، ولا ريب أنّ البطل الجدير بالانتخاب هو ذلك الذي يكشف تلك الحقائق المغيّبة.
دعاية ترمب مستمرة بعد انتخابه في تبرير سياساته وقراراته. لكنّ اللافت أنّها لا تمر من دون مقاومة شعبيّة من أطياف مجتمعيّة شتّى. الديموقراطية تحتاج دائماً إلى حراسة.;