بالتأكيد هناك مزايا لكل درجة وظيفية، ترتفع وتزيد كلما ارتفعت الدرجة الوظيفية، وهذا أمر جيد لا خلاف عليه، معمول به في جميع الأنظمة الإدارية في كل دول العالم، لكن ينبغي ألا تكون صحة الموظف، وصحة أبنائه وأفراد عائلته، والاهتمام بهم، وتوفير الرعاية الصحية لهم، مربوطة بدرجته الوظيفية، فيحصل أبناء المدير، مثلاً، على خدمات ورعاية وعلاج أفضل من أبناء غيره، لأنه يقبع في درجة وظيفية أعلى، أو أن نحرم موظفاً من أشعة مهمة، نظير أن يحصل مدير على «تقويم» لأسنانه مجاناً، فذلك أمر مستهجن، وله دلالات وانعكاسات ليست إيجابية!
في المقابل، أيضاً لا يمكن فتح كل شيء، ومنح كل المنافع الطبية بشكل يسهّل عملية التلاعب والاستغلال، وهو أمر يمكن ضبطه بالرقابة والإشراف، وتحديد المنافع، لكن ليس بالتمييز في الرعاية الطبية، فلا مانع مثلاً من أن يحظى المدير بأولوية في الحصول على معاملة خاصة، وغرف خاصة أفضل من غيره، تتناسب مع منصبه، لكن في العلاج، ونوعيته، والمستشفيات المقبولة، والأمراض التي تجب تغطيتها، ونسبة التحمل من الفاتورة العلاجية، والمنافع الطبية، لا يوجد مبرر للتفريق بين المدير والموظف، فكلاهما يؤدي خدمة للمؤسسة، وكلاهما يجب أن تهتم المؤسسة بصحته!
في دبي مثلاً، تنقسم فئات التأمين الصحي الحالي لموظفي الحكومة إلى خمس فئات، هي: الفئة الخاصة (vip) و(أ) و(ب) و(ج) و(د)، ولكل فئة منافعها ومزاياها الخاصة بها، لكنْ هناك فرق كبير جداً بين منافع ومزايا كل فئة لا يمكن تخيله، وتتناقص هذه المزايا أيضاً بشكل لا يمكن تخيله كلما انخفضت الدرجة، وفي المقابل يتحمل صغار الموظفين نسبة عالية جداً من الفاتورة العلاجية، في حين يتحمل المديرون ما يعادل (صفر درهم) من هذه الفاتورة!
بالتأكيد لن تستطيع الحكومة توفير مواصفات الفئات الخمس للجميع، لأن فاتورة ذلك وكلفته ستكونان عاليتين جداً، لا خلاف على ذلك أبداً، لكن وفقاً لمؤشرات ومزايا ومنافع تأمين الفئات فإن 60% من ميزانية التأمين الصحي السنوي لموظفي حكومة دبي تذهب إلى مصروفات الفئة الخاصة، هكذا أعتقد، فلماذا لا نخفضها ونرفع مزايا بقية الفئات؟
أمل بن عدي، رئيس لجنة التأمين الصحي لموظفي حكومة دبي، التي تسعى إلى تحديث وتطوير ورفع مستوى منافع التأمين الصحي حالياً، وتغيير النظام السابق، قالت في تصريحها، أمس، إن «دائرة الموارد البشرية تلقت كثيراً من ملاحظات ومقترحات موظفي حكومة دبي الهادفة إلى تطوير نظام التأمين الصحي، وهذه الملاحظات ستكون من ضمن المدخلات التي ستؤثر في دراسة المنافع الصحية المقدمة، إلى جانب تطبيق أفضل الممارسات في مجال أنظمة التأمين الصحي للموظفين»، وهنا أدعوها أيضاً إلى دراسة مساواة جميع الموظفين ــ بغض النظر عن درجاتهم الوظيفية ــ في التأمين الصحي، فلربما لها مزايا إيجابية تفوق سلبياتها، أو على أقل تقدير التفكير في نظام مقارب، يشعر فيه جميع الموظفين بالراحة والطمأنينة.