- سوف العظمة في ذكرى ميسلون: البحث في ظلام الذاكرة.- حوار الطرشان بين الصحفيين السوريين ومؤسساتهم.
- نحن ننفرد بنشر سيناريو الحلقة الممنوعة من برنامج ملفات حارة.
- ممدوح عدوان يكتب سيرة الممنوع.
- ملف محاكمات زيزون: 147 عاماً أحكاماً، و74 مليار ليرة غرامات أقرباء المسؤولين أبرياء وغيرهم مدان.
- عشرة أسباب تدل على أن السوريين شعب سعيد.
- الحسابات الشخصية ضيعت الرياضة السورية.
هذا فقط تذكير عابر بحُكم حضور/ وجود «الدومري» في الذاكرة، لكن الإسقاط هنا: هل نحن بحاجة إلى «دومري» في هذا العصر، كي يحرسنا ليلاً ويشعل ويطفي القناديل في أحيائنا اختصاراً وتوفيراً للمال والاستهلاك الضائع في كل شيء؟
تبدو فكرة «الدومري» تصلح لرواية أو مسرحية، وقد يكون أحدهم قد فعل ذلك من قبل، لكن واقع البلاد العربية غير المستقرة، يحتاج إلى «دومري» متوازن، يدركُ أبعاد الأمن في المدينة أو الحي، ويسهر على راحة المواطنين وأمنهم، ويحفظ لهم «زيتهم» وقناديلهم من الاستهلاك غير المُبرر أو التخريب المقصود!
فمن يا تُرى يستحق أن يكون «الدومري» في الأحياء العربية؟ تلك الأحياء المشحونة بتراث الماضي وبالنقائض المُجلجلة، وبرائحة دم «الكربلائيات» المتعاقبة في التاريخ العربي، والخضوع إلى «الوثن» المصنوع داخل كل مواطن عربي، وعدم قدرة هذا المواطن على تحطيم رأس ذلك «الوثن»، الذي يتغوّل على حقوق المواطن ويُقنن له رغباته وكلماته ونظراته ولياليه الحمراء والسوداء!
تلك الأحياء التي ما زالت تُعشش فيها أسرابُ الخرافة، وسطوة النص، و«هوام» البحار المجهولة، وأسانيد تحريف العقل عن المقاصد السامية التي خلق اللهُ عليها الإنسان. فمن يا تُرى يصلح لأن يكون «دومري» الأحياء العربية، بعد أن نُكب العربُ في أكثر من موقع وتسلق أطفالهم أعمدة القناديل وكسروها ثم سكبوا زيتها على الأرض وأشعلوا النيران فيها، كما حدث في الكويت إبان الغزو العراقي وفي ليبيا بعد الربيع العربي!
فمن يا تُرى يصلح لأن يكون «دومري» الأحياء العربية، وقد تحولت هذه الأحياءُ إلى ساحات حرب إما عن طريق الرصاصة وإما عن طريق الشاشات المتشنجة وإما عن طريق (الطائر الأزرق)!. وكيف يمكن أن يستمر الضوء في تلك الأحياء بعد أن زادت عمليات العنف ومحاولات الاستيلاء على القناديل وسكب زيتها على الأرض؟ بل وكيف يمكن أن يتواصل ضوء تلك القناديل بعد أن تم قتل 22 (دومري) مخلص، وإنهاء الحقبة «الدومرية» من الثقافة العربية!
وبالتالي صلبهم أمام بوابة المدينة التي حموها عهوداً طويلة، بحيث لم يعد هنالك من يحرسها أو يغلقها مساء ويفتحها صباحاً؟! وصار الرجال يرتجفون ليلاً على أسرتهم خوفاً من الآتي!
لقد ضاع حقُّ «الدومري» وضاع دمهُ بين القبائل، وصار «البوليس» سيد الموقف، وهو الذي يتحكم في مواعيد نوم الرجال، ومواعيد إغلاق النوافذ ومواعيد إغلاق العقول. وهو الذي يقررُ متى تلد النساء ذكوراً ومتى تلد إناثاً؟ وهو الذي يحُدد من هو الأولى بالرعاية «الأولى» ومن هو من بقية الرعية. وهو الذي يقررُ متى يفتح المواطن عينه ومتى يغلقها؟ ومتى تقام السجون الجديدة ومتى تُنصب المشانق الجديدة، وهو الذي يقرر متى تذهب البلاد (في ألف داهية)، ومتى تعقدُ صُلحاً مع الشيطان؟ ومتى ينجح التلاميذ بتقدير جيد، ومتى يرسبون بتقدير«خائن»!.
هذا هو حال المدينة أو الأحياء العربية بعد أن قتلوا (الدومري)!.
لقد فاض الحزن من عيون النساء، وأَنهك القهرُ أجسادَ الرجال، وعانى الأطفال مرارات اليُتم وسوءات الانحراف، بعد أن تم اتخاذ قرار بقتل كل «الدومريين» في العالم العربي.
لذلك، لا نعجب إن شهدنا حالاتِ تصادم ليلاً بين أفراد الحي، لأن «البوليس» أهملَ في وظيفته، وما عاد يُشعل القناديل في موعدها، كما أنه تسبب في حرائق عدة في النهار لأنه نسي أو أهمل أن يطفئ تلك القناديل.
لقد هجر أطفالُ الحي العربي الكتابة بعد أن شَحَّ الزيت الذي سرقوه من أجل أن يشووا عليه – بهدوء – لحمَ الوطن.
فكيف بالله عليكم ستبدأ المدارسُ والجامعاتُ؟ وكيف سيذهب الرجال إلى أعمالهم بعد أن نسيَ «البوليس» فتحَ بوابة الأحياء العربية صباحاً ورموا مفاتيحها في فم المجهول؟