أحدث الأخبار
  • 12:11 . إيران تصادر ناقلة نفط في خليج عمان... المزيد
  • 12:11 . ارتفاع حصيلة انفجار "غامض" بحفل زفاف في درعا إلى 33 مصابا... المزيد
  • 11:56 . ترامب يعلن بدء ضربات أميركية ضد عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية... المزيد
  • 11:52 . محكمة تونسية تقضي بسجن المعارِضة عبير موسي 12 عاما... المزيد
  • 11:31 . وثيقة تكشف استيلاء أمريكا على ناقلة نفط قرب فنزويلا قبل انتهاء صلاحية مذكرة مصادرة... المزيد
  • 11:30 . وفد سعودي–إماراتي يصل عدن لاحتواء التوتر في المحافظات الشرقية ودفع الانتقالي للانسحاب... المزيد
  • 01:09 . تحليل: صعود نفوذ الإمارات جنوب اليمن يضع السعودية أمام معادلة أكثر تعقيداً... المزيد
  • 12:45 . "الأبيض" يحلق إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب الجزائر... المزيد
  • 10:27 . وزيرا خارجية عمان وتركيا يبحثان تعزيز الشراكة وتطورات المنطقة... المزيد
  • 10:27 . بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة قوات الدعم السريع بينهم شقيق دقلو... المزيد
  • 10:26 . حكومة الإمارات تصدر تعديلات جديدة على قانون الجرائم والعقوبات وسط انتقادات حقوقية مستمرة... المزيد
  • 05:36 . قمة كروية مرتقبة في ملعب البيت.. "الأبيض" يواجه الجزائر في ربع نهائي كأس العرب... المزيد
  • 01:59 . وفاة سبعة فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي... المزيد
  • 01:58 . الإمارات والاتحاد الأوروبي يطلقان مفاوضات لإبرام شراكة استراتيجية شاملة... المزيد
  • 01:57 . أمريكا " تضغط" للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف النار وإلزام الاحتلال بإزالة الأنقاض وإعمار غزة... المزيد
  • 01:54 . السعودية تُصعّد إعلامياً ضد المجلس الانتقالي.. رسالة غير مباشرة إلى الإمارات؟... المزيد

تغير السلوك في انتظار تغير الظروف

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 08-06-2018

في كل عام يكثر الحديث وتكثر الكتابات عما يحيط بشهر رمضان، من ممارسات وسلوكيات وأفهام خاطئة، لكن الأزمنة والقرون تتوالى من دون أي تغيير أو تعديل أو تجاوز في ممارسات وسلوكيات المجتمعات والبشر. يظل الزمن واقفا، وتستعصي العادات على المنطق وعلى دروس التقدم الحضاري.
يبدأ ذلك المشهد بالاختلاف حول بداية الشهر، أيعتمد على رؤية الهلال أم يستفاد من حسابات العلوم الفلكية المعتمدة على العلم ومنطق الحساب الصارم، ودقة أجهزة المراقبة من الأرض وخارج الأرض؟ ويتسابق الفقهاء في تحديد هذا اليوم أو ذاك وهم الذين أغلبيتهم الساحقة لا تعرف شيئا عن علوم الفلك البالغة التطور.
ثم يأتي فهم الإنسان المسلم العادي لموضوع الصيام برمته، أهو مناسبة هدوء روحي وصفاء نفس؟ أم هو مناسبة صخب فولكلوري في المطاعم والشوارع والمجالس حتى ساعات الصباح الباكرة؟ أهو تذكير للإنسان بما يفعله الجوع بالفقراء والمعوزين والأخوة في الإنسانية؟ أم هو مناسبة للتخمة والابتذال في التبذير وعدم إغلاق الفم طيلة الليل؟ أأمسيات هذا الشهر هي لاقتراب أكثر من خالق الكون، من خلال العبادة الواعية المستوعبة للمقاصد الإلهية من هذا الخلق، ومن خلال بناء الإرادة الواعية لتصحيح الضعف الإنساني وشهوات الجسد والنفس والعقل أم أنها أمسيات لرؤية مسلسلات تلفزيونية بالغة السوء في مستوياتها الثقافية والفنية الرفيعة، وللانبهار بسيل من الإعلانات الصاخبة الكاذبة المتلاعبة بالذوق وبالسلوك وبالذهن؟
ثم ماذا عن انتهازية تلاوة القرآن خلال رمضان بسرعات جنوبية، بدون فهم ولا تمعن، وليس قراءته بهدوء واستيعاب ووعي، ثم إهماله جانبا بقية السنة؟ أضف إلى ذلك الآلاف من الأسئلة التفصيلية العبثية التي يسألها الناس عما يخدش الصيام، بما يظهر إلى أي مدى تنقلب هذه المناسبة إلى مخاوف لا مبرر لها وإلى رعب متزمت متخلف.
وفي المحصلة يشعر الإنسان بأن الوعي الجمعي لمعاني وأهداف هذا الشهر في المجتمعات الإسلامية يبتره عن باقي الشهور. لكأن الشعور ببؤس الآخرين ومساعدة الجياع والقيام بالشعائر الدينية الحقة الصادقة ليس ضروريا للإنسان المسلم، إلا في شهر الصيام، وبعدها يعود الإنسان إلى حياته وممارساته وسلوكياته المعتادة. التعامل مع رمضان، الذي يعيد نفسه سنة بعد سنة وقرنا بعد قرن، هو مماثل للتعامل مع مواضيع السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة في بلاد العرب. إنه مغالبة لتطور الأزمنة وتبدل الظروف واكتشافات المعرفة والعلوم. نحن أمام ظاهرة متجذرة عصية، على الرغم من أن أسبابها الكثيرة قد درست باستفاضة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وعلى الرغم من أن مكامن الخلل، أشير إليها في ألوف الكتب، وعلى الرغم من أن الحلول المعقولة قد اقترحت، بل أنها نجحت في كثير من المجتمعات الأخرى وأصبحت تجارب إنسانية ماثلة أمامنا.
لا يمكن أن يكون الخلل في الدين، فهو دين عقلاني، يرفض أن يبقى الناس على دين آبائهم من دون تفكر ومراجعة وتجديد، ويحث على إعمار الحياة وحمل المسؤولية نحو الأرض ومن عليها، ويثور على الظلم والاستغلال الأناني الجشع. لا يمكن أن يكون الخلل في العقل العربي، فقد أثبتت الدراسات الكثيرة أنه عقل نقدي وجدلي يمارس النظرة الشمولية، وله إرث فكري تاريخي يشهد على ذلك.
إذن فالقضية تكمن في مكان آخر: إنها تكمن في النشأة الأسرية، وفي التعليم المتخلف، وفي الاستبداد المدمر للشخصية السوية، وفي تكالب الإحن والمحن الخارجية على مقدراته وحريته وكرامته الإنسانية، وفي فقهاء الدين المتزمتين المتخلفين في قراءاتهم للنصوص الدينية، وفي الاقتصاد الريعي الذي جعل من الناس رعايا مقلدين بدلا من كونهم مواطنين أحرارا مستقلين وفاعلين. وحتى عندما ينجح الإنسان العربي في أن يثور على كل ذلك وينتقل إلى نظام جديد ليعيد له توازنه وشعوره بالكرامة وقدرته على الاستقلالية في الفكر، تتكالب عليه قوى الشر لتمنعه. وخير مثال هو ما حدث في تونس. فما أن نجح المواطنون في تونس في الخروج من أوضاعهم السيئة السابقة، حتى تكالب على مجتمعهم إرهابيون مرتبطون بالاستخبارات والمصالح الخارجية والداخلية ليدمروا السياحة ويطردوا الاستثمارات، ويمنعوا بالتالي النمو الاقتصادي في ذلك البلد. إنها حلقة في سلسلة من الحقارات والمؤامرات التي لا تريد للإنسان العربي أن يخرج من حالات التخلف الحضاري التي يعيشها.
يسأل الإنسان نفسه: هل هذا الإنسان العربي، الذي ما أن يخرج من محنة إلا ويدخل في محنة أخرى، سيكون لديه الوقت والجهد ليفكر في تعديل مسارات سلوكياته وعاداته، كما هو الحال بالنسبة لشهر رمضان؟ إن المجتمعات البشرية قد تغيرت، إما من خلال ثورات جذرية عاتية، أو من خلال سلام مجتمعي طويل الأمد.
بالنسبة للإنسان العربي لم تمر مجتمعاته في أي من الحالتين، ولذا يبقى واقفا متعبا أمام تحرك الأزمنة.