أحدث الأخبار
  • 02:49 . من هو محمد الحمادي.. أول إماراتي وعربي وآسيوي يرأس مركز "أطلنطا" للمشغلين النوويين؟... المزيد
  • 02:48 . شركات سعودية كبرى توقّع اتفاقيات استراتيجية لتطوير حقول النفط والغاز في سوريا... المزيد
  • 02:45 . مطالبات حقوقية بالكشف عن مكان الناشط الإماراتي جاسم الشامسي وإنهاء الإخفاء القسري... المزيد
  • 11:25 . "الأبيض" يبلغ ربع نهائي كأس العرب بعد خسارة مصر أمام الأردن... المزيد
  • 11:21 . الأعلى في تاريخ الإمارات.. "الوطني" يوافق على الميزانية العامة للاتحاد 2026... المزيد
  • 10:58 . الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين بالضفة ومستوطنون يقتحمون الأقصى... المزيد
  • 07:40 . اندلاع حريق هائل في جزيرة الريم بأبوظبي... المزيد
  • 07:18 . التليغراف: علاقات أبوظبي مع الغرب مهددة بسبب المذابح في السودان... المزيد
  • 05:43 . مقتل ستة جنود باكستانيين في هجوم مسلح قرب حدود أفغانستان... المزيد
  • 11:13 . الموارد البشرية: نحو 18 ألف عامل حصلوا على دعم مالي منذ تطبيق التأمين ضد التعطل... المزيد
  • 11:10 . "التعليم العالي" تسحب الاعتراف بمؤهلات جامعة ميدأوشن بعد مخالفات جسيمة... المزيد
  • 11:06 . من الرياض.. "العليمي" يتهم الانتقالي بتقويض الدولة وتهديد الاستقرار في الشرق اليمني... المزيد
  • 11:02 . عروض عسكرية واسعة في سوريا بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد... المزيد
  • 10:58 . خبراء يمنيون: المشهد اليمني ينزلق إلى صراع نفوذ مفتوح بين الرياض وأبوظبي... المزيد
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد

النخب الفكرية ومصادرة العقول

الكـاتب : سالم سالمين النعيمي
تاريخ الخبر: 30-10-2018

صحيفة الاتحاد - النخب الفكرية ومصادرة العقول

يبدو لي أن النخّب الفكرية متخلّفة بسنوات ضوئية بعيداً عن الشعوب في كل دول العالم، وما يعنينا هنا النخّب الثقافية والفكرية والسياسية والدينية على حد سواء. فالنخّب في الدول العربية تتحدث بلغة ومنطق بينه وبين الشارع غربة وأقنعة لا تتساقط بالتقادم، وليس لها أي دور مباشر في تحسين حياة الفرد المتوسط في المجتمع. فالنخّب العربية هي نخّب ناقلة للفكر وليست منتجة له، أي أن هناك غيابا للمثقف النخبوي العضوي الذي يمثّل طرحه هموم بيئته، فالتعددية الثقافية العربية تحت المراقبة وهو منعطف تاريخي ترسّخ من خلال غياب التوافقية المبدئية بين المثقّف والشارع، فالمثقّف يتصرّف وكأن التحولات الديموغرافية والثقافية على مستوى العالم وتأثر المواطن العربي بها لا تعنيه، وهو لا يرى غير نمط واحد لما هو إيجابي وحضاري من منظوره الضيق. وأخص بالذكر هنا العديد من حملة الشهادات العليا الذين عطّلوا العقل الناقد الفاحص بذاته، وجعلوا عقولهم مصانع تجميع لقطع الغيار الفكري والمعرفي، ومجرد مراكز لإعادة توزيع المفاهيم للآخر وشرح عقول السابقين.
فالنخّبة الفكرية يجب أن لا تكون محسوبة على طائفة أو حزب أو النخب الفكرية ومصادرة العقول أيديولوجية أو دين أو مدرسة فكرية محددّة، بل يجب أن تكون إنسانية التوجّه في جذورها المغروسة في التربة الجامعة للنوع البشريّ، وأن لا تضلل المجتمع بمفردات الثوابت والبديهيات وغيرها من عوائق تعطيل التفكير النقدي بين العلمنة والأصالة، ولا فرق في ذلك بين رجل الدين أو السياسي أو المثقف التنويري في مجتمعنا.
فمن الحماية الخارجية إلى الدولة الوطنية التي تخضع لحماية داخلية لم يغادر العقل العربي النخبوي مكانه، وإنْ كانت هناك محاولات جادة من بعض الأنظمة العربية للخروج بنموذج جديد يُخرج الوطن العربي من الجمود المعرفي والصناعي والثقافي...الخ. ولعل التحدي يكمن في دوائر صنع القرار التي تحيط بتلك النخّب السياسية التي تضع أطراً محددةً للهوية الوطنية والمواطَنة، وحتى كيف يفكر الإنسان! وما هو الأنسب له دون أن يكون له أي دور في ذلك! فالقمع في بعض بلدان العالم العربي ليس سياسياً أو دينياً، وإنما قمعاً نخبوياً، وضع مقاييس وقواعد ترفض الصراع بين القيم، ونسب ما يصدر عن هذه النخب من التكهنّات والظنيّات إلى السببية العلمية التي تمر بخطوط عرض المتغيرات الثابتة في عقول النخّب، وهم لا يريدون أن يعترفوا أن الفاعل الاجتماعي الأكثر تأثيراً اليوم لا يخضع لأي معيارية.
فالمثقّف النخبوي اليوم أصبح بوقاً للمدرسة التي ينتمي إليها، أما المثقّف الواعي فهو الذي وصل لدرجة وعي جعلته يدرك أنه لم يُعيّن وصياً على الشعوب من أحد، وبأنه لا يملك الحقيقة وحده ورأيه ليس بالضرورة هو الصواب فقط. ناهيك عن أن النخّب الفكرية التي لا تعدّ جزءاً من النظام السياسي وهي مكبّلة بقيود واستحقاقات دستورية وتشريعية ونصوص دينية وأعراف اجتماعية تقيد حرية الفكر لديها، ولذلك أصبح الكثير مما تنتجه جميلاً في المظهر ومشوّهاً في المضمون، أو يتم اختيار العزلة في زمن تعجّ فيه العزلة بالازدحام.
ومن المفاهيم الخطيرة التي تلاقي صدىً واسعاً في صفوف النخبة الثقافية بالذات أن المثقّف والسلطة في خصومة أزلية، ولا يلتقيان في تقاطع مصالح مشترك يهدف إلى تقدّم المجتمع، وربط التقدّم والازدهار بأساليب إدارة الدول لمشاريعها وخدماتها والشأن العام والخاص فيها، وليس بنوعيّة المخرجات من العمل التي تقوم به دوائر اتخاذ القرار على جميع مستوياتها في السلطة، وكأن مفهوم النخّب الفكرية والثقافية ليس صراعاً طبقياً يفرض فيه 5% من السكان مفاهيمهم على ال95% الأخرى من السكان.
فجّل الصراعات اليوم بين الأمم والثقافات والحضارات سببها توجهات بعض النخّب في جميع مناحي الحياة، فهناك إقصاء وإرهاب نخبوي يغتال العقل المخالف والمختلف ويقزّمه في سياق تكريس أصيل لثقافة عليّة القوم، ويودعون بأن العمومية هي إنقاص للعقل، ولا بد من ضوابط تحدّ من مرونة الخروج عن السائد والمتعارف عليه لديهم، وأتساءل: ما هي الإضافة التي أعطتها النخّب بتمجيد الثقافات واللغات الأجنبية! وتحديد من هو الرجعي ومن هو المتحضّر! ومن هو الحداثي ومن هو ليس كذلك! وأوصاف وضعتها قلّة قليلة من السكان وجعلتها ثقافة عامة، ولذلك حتى نكونَ مجتمعَ بناءٍ ونهضةٍ شعبية لابدّ من وضع حد لسطوة النخّب على رهان الحاضر والمستقبل في مجتمعاتنا للخلاص من هذا الانحباس التكريسي للقيّم الاعتبارية.