لم يكف ولم يخف ولم يجف معين هلالنا الأحمر، عن بث نعيم العطاء لأخوة لنا في غزة، باغتهم البطش الإسرائيلي الذي حطَّم وهشَّم وأسقم، شعباً طيب الأعراق، فتحت القصف والتعسف كانت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية تفرد أشرعة السفر إلى حيث يقطن المشردون والمكلومون، والمغبونون، والمظلومون، ورجالها يقفون كتفاً بكتف إلى جانب الأخوة في غزة، يقدمون الدواء والغذاء والكساء، ويشاطرون من تنازعتهم أيدي العدوان الهموم، ولا يظنون عليهم بمال أو حال فكل الإمكانيات سخرت لأجل رفع المعاناة عن أولئك المسحوقين تحت بنادق الظلم والضيم، رافعين عنهم التعب والسغب، يعيشون معهم الظرف العصيب، محققين لهم أهم أشكال العيش الكريم.
هيئة الهلال الأحمر الإماراتية بقوافل الخير، تسير جنباً إلى جنب مع أولئك الذين تخلّت عنهم القوانين الأممية، ونستهم جمعيات حقوق الإنسان، وأشاحت عنهم الأعراف الدولية التي تصدح بها ليل نهار دول كبرى، اعتنقت البراجماتية وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وأطلقت يد القهر والحقد الإسرائيلي، دون حسيب أو رقيب، وما تفعله إسرائيل اليوم في غزّة، هو غزو بربري، همجي لا يراعي ذمّة ولا دين، ولا تقاليد ولا قيم إنسانية، هو حقد مدمر، وما لم تستيقظ ضمائر البشرية من أجل إيقاف هذا العدوان وكسر شوكة الكراهية، فإن العدوان سيستمر، والشطط سيستمر، وسوف يستمر معه، وبه، تساقط القتلى والجرحى، وسيزداد الوضع سوءاً ومأساوية، من هنا فإن الهبَّة الإنسانية التي تقوم بها هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، تعبر عن يقظة ضمير، وقيم عالية وشيم، وأخلاق بلد ترعرعت ونشأت وتفرعت بفعل الإرث العظيم الذي ورثه الأب لأبنائه ليعطوا العالم درساً مضيئاً، بأقمار التفاني والتضحية من أجل الآخر، ومن أجل أن يهنأ البشر بحياة لا ينغصها كدر، ولا يسحقها قهر، ولا يكسرها غدر .
الهلال الأحمر، في الإمارات تبني مبادئها على أسس إنسانية ناصعة ساطعة بوميض الحب الصافي لكل إنسان على خارطة الكون الفسيح، رجالنا هناك يخوضون معركة الحياة ضد الموت، ومعركة الحب ضد الكراهية، ومعركة الأخلاق الرفيعة ضد السفه والتعسف والاستخفاف، ومعركة القيم النبيلة ضد العشوائية والافتراء، ويمارسون حقهم في الدفاع عن الإنسان، أياً كان وفي أي مكان، وإلى أي جذر ينتمي إيماناً بأننا كلنا من آدم وآدم من تراب وتراب آدم، يستدعي منا أن نستنهض الضمير ونفعل العقل ونحني الأشواق الإنسانية من أجل عشق لا يفنى ولا يذهب جفاء .
وهكذا تمضي قوافل الخير من أجل خير البشرية، محملة برسائل قدسية، وهي أن الحياة لا تستقيم إلا بالحب، وبتحكيم العقل وترسيخ الثوابت الأخلاقية، درءاً للأخطار ومنعاً لتفشي العقول الخاوية والأفكار المتهاوية .
هكذا هي الإمارات دوماً وأبداً درعاً وحصناً حصيناً، يمنع الخطر ويرفع القهر ويقشع الفقر، ويواجه السيئات بالحسنات، بقناعة ذاتية أن الإمارات فوق كل الافتراءات وأن الإمارات شجرة سامقة باسقة لا تطالها أحجار الصغار مهما بلغت بهم، شهوة القذف ورمي الآخرين بما لا يليق بمكانتهم وتاريخهم، وتقاليدهم .
هذه هي الإمارات، الجبل الشامخ يمضي بمياه أمطاره إلى سهول وحقول كي يسقي العطشى ويروي الظامئين.