أحدث الأخبار
  • 07:40 . اندلاع حريق هائل في جزيرة الريم بأبوظبي... المزيد
  • 07:18 . التليغراف: علاقات أبوظبي مع الغرب مهددة بسبب المذابح في السودان... المزيد
  • 05:43 . مقتل ستة جنود باكستانيين في هجوم مسلح قرب حدود أفغانستان... المزيد
  • 11:13 . الموارد البشرية: نحو 18 ألف عامل حصلوا على دعم مالي منذ تطبيق التأمين ضد التعطل... المزيد
  • 11:10 . "التعليم العالي" تسحب الاعتراف بمؤهلات جامعة ميدأوشن بعد مخالفات جسيمة... المزيد
  • 11:06 . من الرياض.. "العليمي" يتهم الانتقالي بتقويض الدولة وتهديد الاستقرار في الشرق اليمني... المزيد
  • 11:02 . عروض عسكرية واسعة في سوريا بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد... المزيد
  • 10:58 . خبراء يمنيون: المشهد اليمني ينزلق إلى صراع نفوذ مفتوح بين الرياض وأبوظبي... المزيد
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد
  • 05:52 . هرتسوغ يهاجم زهران ممداني لانتقاده حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد

تجديد الفكر العربي في الساحات والشوارع

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 07-12-2019


تجديد الفكر العربي في الساحات والشوارع | القدس العربي

عبر عشرات العقود من السنين كُتبت الألوف من الكتب، وعُقدت الألوف من المؤتمرات، من أجل تجديد الفكر العربي، محتوى ومنهجا في التفكير الجديد، لكن تلك الجهود ظلت محصورة في دوائر النخب العربية المثقفة واهتماماتها، لقد فشلت تلك النخب في جعل ذلك التجديد تيارا عاما يتبناه المواطنون العاديون وينشرونه في ما بينهم على نطاق واسع.
الآن، وكجزء من حراكات وثورات الربيع العربي، ينحت شباب وشابات الأمة العربية، بملايينهم الصاخبة الغاضبة، ينحتون في الواقع العربي أفكار التجديد وقبولها من قبل تلك الملايين، وبالتالي يوصلونها إلى المواطن العادي.
ما عادت مسألة الخروج على الفكر السائد، والثورة على ممارساته، تقبع في أبراج عاجية، تلوكها ألسنة البورجوازية المتنعمة، وإنما أصبحت شعارات ترددها ملايين الحناجر في ساحات وشوارع مدن عربية كبرى مثل، بيروت وبغداد وعاصمة الجزائر والخرطوم. فشعار اللاطائفية، ومعه التحرر الفكري والنفسي من هيمنة علاقات القوة من قبل رجالات طائفية الدين والمذهب، يصرخ به عاليا الأب والجد والشاب والطفل، وتزغرد به نغما حلوا حناجر الجدة والأم والابنة. وشعار إلغاء المحاصصة السياسية والمالية، بين متنفذي القبائل والعشائر والعائلات والأحزاب والعساكر، ترفعه تلك الحناجر في وجه من كانوا يستغلونهم وينهبون أموالهم، من خلال خطابات الكذب والتملق المنافق واللعب بالعواطف.

والرفض التام للإصلاحات الجزئية المظهرية، القابلة للانتكاسة بعد هدوء الصخب الجماهيري، هو ممارسة لعقلية الشك، ولتجنب اللدغ من الجحر نفسه مرات ومرات، فالناس ما عادوا يأمنون باستقالة هذا الرئيس أو ذاك الوزير، فكرهم الجديد يؤمن بأن التغيير الجذري الشامل هو وحده الصادق والقادر على تغيير الحاضر وبناء المستقبل.

 إنه فكر مستقبلي ثائر على الفكر الماضوي المتثائب، وعلى فكر الحاضر الملثُم بألف قناع انتهازي شيطاني. وبالطبع فإن شعارات توفير الخدمات الاجتماعية، من صحة وتعليم وعمل ومسكن لائق وغذاء بأسعار معقولة، وكحق من حقوق المواطنة، بدلا من اعتبارها منح عطف من هذا القائد أو ذاك، أو كممارسات أبوية للرعية والأبناء، دليل انقلاب فكري تجديدي بالنسبة لمفاهيم العدالة الاجتماعية والمساواة، والتوزيع العادل للثروة.

 ورفع شعار وجود قانون انتخابي عادل، ممثل لكل مكونات المجتمع، كمواطنين متساوين في اختيار السلطة التشريعية، هو قفزة فكرية للانتقال إلى ديمقراطية شعبية قابلة للمساءلة والمحاسبة. ما عاد فكر الملايين يقبل بالبرلمانات المظهرية الخاضعة للسلطة التنفيذية أو للقيادة السياسية الحاكمة.
ما يهمنا هو الوصول إلى نتيجة مفادها أن تلك الشعارات، وغيرها كثير، ليست فقط شعارات مطلبية معيشية، وإنما هي أيضا ممارسة لعقلانية تحليلية نقدية، تعلمت من أخطاء وخطايا الماضي، بحيث أصبحت تطرح أفكارا جديدة، وتنتهج أساليب جديدة في ممارسة تفعيل تلك الأفكار. ما يهمنا أيضا الانتشار الهائل والقبول الجماهيري الكبير، بعفوية وصدق وحماس، لتلك الشعارات، بحيث يمكن اعتبار ما يجري إرهاصا لتجديد فكري، بدأ، وسيستمر في المستقبل البعيد. 

إنها مشاركة حقيقية إضافية لمحاولات جادة طويلة الأمد، قام بها مفكرون ومثقفون عرب عبر مئات السنين.. إنها أيضا إنهاء لاعتقاد سابق بأن تجديد الفكر ممكن أن يأتي من خلال فقهاء السلاطين أو عساكر الانقلابات أو مثقفي العرب في حجرات مغلقة ليناقشوا أفكار التجديد، إذ عليهم أن يندمجوا في صفوف ملايين الساحات والشوارع، ليستمعوا ويتفاعلوا ويتعاونوا معهم، من أجل بلورة فكر جديد مرتبط بواقع أولئك الملايين وأحلامهم وآمالهم المستقبلية. عند ذاك سننجح في بناء تجديد فكري عربي ذاتي يركز على أولويات الواقع العربي ويبتعد عن عبثيات الآخرين الفكرية، وما أكثرها.