أحدث الأخبار
  • 08:34 . الإمارات: حريصون على أمن واستقرار سوريا ووحدتها وسيادتها... المزيد
  • 08:32 . أكسيوس: مبعوث ترامب بحث مع ولي العهد السعودي حرب غزة وإمكانية التطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 07:27 . الحريري يعلق على سقوط الأسد: هذا هو اليوم الذي انتظرته... المزيد
  • 07:27 . دعم عربي لعملية انتقالية سلمية في سوريا ومطالب بانسحاب الاحتلال من المنطقة العازلة... المزيد
  • 01:10 . بقيمة سبعة ملايين درهم.. إطلاق أول جائزة في العالم بـ"تصفير البيروقراطية"... المزيد
  • 12:46 . "وام": ثلاث قوافل مساعدات إماراتية تصل غزة خلال أسبوع... المزيد
  • 11:37 . فيدان: أجرينا مفاوضات مع روسيا وإيران بعدم مساعدة الأسد قبل سقوطه وقد تفهموا... المزيد
  • 11:35 . الحكومة السورية تطالب مجلس الأمن بالتدخل لوقف الهجمات الإسرائيلية... المزيد
  • 11:31 . دول عربية وممثلون دوليون يجتمعون في الأردن لبحث مستقبل سوريا... المزيد
  • 11:18 . توقعات بنقص كبير في الأيدي العاملة بألمانيا بسبب مغادرة السوريين... المزيد
  • 11:16 . شهداء وجرحى في غارات للاحتلال الإسرائيلي على جباليا وغزة... المزيد
  • 10:56 . اتهامات لأبوظبي بدعم تمرد جديد في سقطرى اليمنية... المزيد
  • 10:43 . صور أقمار صناعية تكشف عن تحركات روسية في القواعد العسكرية بسوريا... المزيد
  • 10:25 . لماذا رفضت أبوظبي استقبال حليفها المخلوع بشار الأسد؟... المزيد
  • 10:04 . “القسام” تعلن الاستيلاء على ثلاث مسيرات إسرائيلية خلال مهمة استخباراتية برفح... المزيد
  • 10:04 . عقب سقوط الأسد.. مصانع الكبتاجون في سوريا تكشف تورط شركات إماراتية بتصدريها لدول الخليج... المزيد

علياء عبد النور..  شهيدة انتهاكات حقوقية وشاهدة على مزاعم "تمكين المرأة" في الإمارات!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 04-05-2020

منذ أن دخلت الحالة الحقوقية في دولة الإمارات مرحلة النكبة بعد عام 2011، بات الإماراتيون جميعهم، بلا استثناء، عرضة لانتهاكات حقوقية، من جانب جهاز الأمن، الذي يحرص على التغطية على ممارساته بادعاءات عريضة. تمثل بعضها بالانضمام، مثلا، إلى اتفاقية حظر الاختفاء القسري قبل شهور قليلة من ارتكاب هذا الانتهاك إزاء عشرات الناشطين السلميين. على ذات الطريقة، رُفعت شعارات "تمكين المرأة"، ومزاعم "التسامح"، في الوقت الذي كانت فيه المرأة الإماراتية تتعرض للاعتقال والتنكيل والتعذيب والحبس الإنفرادي حتى ارتقائها شهيدة نتيجة الإهمال الطبي. علياء عبد النور إحدى نساء الإمارات اللواتي اضطهدن بوحشية في زنازين الأمن، ولقيت ربها في الرابع من مايو 2019، بعد أن حُرمت، ليس فقط حقها بالعلاج، وإنما أيضا حقها في الألم من مرض لا يرحم!

من هي علياء وما هي "جريمتها"؟

علياء عبدالنور محمد عبدالنور المدني، إماراتية من إمارة عجمان، ناشطة اجتماعية. اعتقلها جهاز الأمن في 28 يوليو 2015 من منزل والدها في الإمارة. علياء، كانت جمعت من محيطها تبرعات متواضعة لصالح العائلات السورية من أرامل وأيتام ومشردين إثر القمع الدموي الذي واجه به سفاح دمشق ثورة شعبية في مارس 2011.

وإلى جانب سيرتها الإنسانية، فقد كان لعلياء سجل طبي منذ عام 2008، عندما أصابها مرض السرطان الذي تلقت له العلاج في ألمانيا وشفيت منه تماما آنذاك. ولكن بعد الاعتقال، وأثناء محاكمتها وسنوات سجنها، تجددت إصابتها بذات المرض، فأوصت مستشفى المفرق الحكومية بوجوب تلقيها علاج كيماوي، ثم إجراء عملية جراحية، بسبب وجود تليف بالكبد، وتضخم بالغدد الليمفاوية وهشاشة بالعظام.

كيف اعتقلت علياء وما هي الانتهاكات التي رافقت الاعتقال؟

اعتقلت قوة من جهاز أمن الدولة، كانت ترتدي زيا رسميا ومدنيا، علياء من منزل أسرتها في عجمان. وقد جاء ضبط علياء بطرقة خشنة للغاية في مخالفة واضحة للقوانين والأعراف وبما لا يتناسب مع التعامل مع أسرة وسيدة وبيت له حرمته بموجب الدستور.

فقد دخل عناصر الأمن منزل أسرة علياء اقتحاما دون طرق للأبواب، أو استئذان أو حتى بأدنى إشعار أو إخطار، عبر كسر الباب اثناء غياب والدها في صلاة العشاء، فداهموا علياء والنساء في البيت دون تمكينهم من ارتداء الحجاب.

لم تكتف القوة الأمنية برفض إبراز مذكرة تفتيش أو قبض عند اقتحام المنزل، وإنما عمدت إلى ترويع والدة علياء بالكلاب البوليسية، وتهديدها بالأسلحة النارية وتصويبها على رأسها.  وتمادت القوة بتكسير أثاث المنزل أثناء التفتيش، واعتدت على علياء بالضرب حتى  سقطت على الأرض مع مواصلة ركلها بأقدام بعض العناصر. وقيدت قوة الاعتقال يدي علياء خلف ظهرها، وكبلوا قدميها وعصبوا عينيها، وألقوا رميا في سيارة الاعتقال بوضعية غير مريحة طوال الطريق حتى وصلت مقر أمن الدولة.  .

ومثلها مثل سائر الناشطين ومعتقلي الرأي، تعرضت علياء للإخفاء القسري لمدة تقارب 4  شهور. حُجبت في الشهور الثلاث الأولى عن الفضاء الخارجي بشكل تام، في حين سُمح لها بالتواصل هاتفيا مع أسرتها في الشهر الرابع.

هل اكتفى جهاز الأمن بهذا التنكيل، أم واصل جرائمه الحقوقية قبل المحاكمة الصورية؟

تعرضت علياء قبل عرضها على النيابة وطوال شهور الاختفاء القسري الأربعة إلى معاملة سيئة ومهينة حاطة بكرامة الإنسان. فقد مُنعت من التواصل مع محامي أو الإتصال بأسرتها، مع تعمد تحطميها معنويا وإرهابها وإذلالها، إلى جانب وضعها في ظروف تفاقم حالتها الصحية بشكل متعمد، من قبيل احتجازها في زنزانة إنفرادية ضيقة شديدة الإضاءة، لايوجد بها فراش أو غطاء.

وظلت علياء معصوبة العينين، مقيدة اليدين والقدمين طوال فترة الاخفاء القسري. وخضعت علياء للتحقيق وهي معصوبة ومقيدة  لساعات طويلة تصل إلى 17 ساعة متواصلة.  ورفض الجهاز السماح لها بأداء الصلاة أثناء الاستجواب. وكان المحققون يتفاخرون مهددين: "نحن الدولة الوحيدة بعد الولايات المتحدة، التي تمتلك كراسي تعذيب بالكهرباء وأجهزة كشف الكذب. وطالت الانتهاكات ذوي علياء،  إذ تعرض والديها وشقيقتها للتهديد بالقتل. فضلا عن إجبار على التوقيع على اعترافات لم تُدل بها، ودون أن تعرف ما هي. وبالفعل تعرضت شقيقة علياء، أسماء للاعتقال والاخفاء القسري وعرضها على المحكمة قبل الإفراج عنها.

ما هي مجريات محاكمة علياء والانتهاكات الحقوقية خلالها؟

تحولت علياء من إنسان إماراتية إلى رقم في ملفات محكمة أمن الدولة تحت "رقم القضية 150 لسنة 2015. وزعمت لائحة اتهام نيابة أمن الدولة أن التهمة: "التعاون مع تنظيم إرهابي مقره خارج الدولة"، وأحيلت تإلى المحكمة بتاريخ 27 أكتوبر 2015، وصدر بحقها حكم نهائي بتاريخ 15 مايو 2017، مدته 10 سنوات حبس.

حوكمت علياء بموجب قانون العقوبات الاتحادي، وقانون اتحادي بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والقانون الاتحادي في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

ووثقت منظمات حقوقية أيضا، ما تعرضت له علياء في هذه المحطة من انتهاكات حقوقية. إذ ظل عصب العينين وتكبيل اليدين يرافق علياء حتى أثناء المحاكمة. ورفضت المحكمة التحقيق بأقوال علياء بتعرضها للتعذيب والاعتراف بالإكراه. وحرمت علياء من التمثيل القانوني لها، إذ تم تهديد المحاميين في حال تولوا قضيتها.  واعتبرت المحكمة أن نشاط علياء الإجتماعي، جريمة إرهابية.

ما هي ظروف السجن وكيف كان الرحيل الأخير؟

نقل جهاز الأمن علياء إلى  سجن الوثبة في ديسمبر 2015، لتتعرض لمزيد من المضايقات والانتهاكات الحقوقية، من قبيل حرمان والديها من زيارتها لمدة شهرين بعد نقلها لسجن الوثبة، ثم تكرار حرمانهم من زيارتها بشكل متكرر حتى الآن.  ولم يتورع السجان من إجبار علياء على التعري للتفتيش عند وصولها للسجن. وتعرضت للتعذيب في السجن في مايو 2018، ومنعت من النوم، وإجبار على تناول المهدئات والمسكنات بشكل مستمر، بغرض دفعها  للإدمان. كل هذه المعاملة اللإنسانية فاقمت لدى علياء مرض السرطان.

نقلت علياء إلى مستشفى المفرق الحكومي في أبوظبي أكثر من مرة، حتى وصل بها المستقر الأخير مستشفى توام بالعين، بعد أن أوصلها السجن إلى مرحلة من تفشي السرطان لا يمكن البرء منه.

قضت علياء أسابيعها الأخيرة في المستشفى مقيدة أيضا إلى السرير وتخضع للحراسة المشددة، مع منع الزيارات العائلية عنها. ليس هذا فحسب، بل إن القانون الإماراتي يوجب على السلطات أن تفرج عن كل سجين مريض إذا كان يقضي أيامه الأخيرة، ليكون قريبا من عائلته، إلا أن جهاز الأمن تنكر للقانون ورفض منح علياء حقها في أن تموت بين أسرتها. ورفضت السلطات ودواوين بعض أولياء العهود التماسات بالإفراج عنها قدمها ذووها، فضلا عن رفض السلطات مئات المناشدات الحقوقية الصادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان في أنحاء العالم.

وفي الرابع من مايو الماضي، ترجلت فارسة الإنسانية وصعدت روحها الطاهرة إلى بارئها، متحررة إلى الأبد من الأصفاد ومتخلصة من الظلم والجور، كاشفة دعاية فظة ومزاعم فجة لا تتوقف السلطات عن ترديدها، حول "التسامح" وتمكين المرأة واحترامها ومنحها حقوقها، إلا أن علياء استطاعت بتضحيتها أن تنسف سنوات طويلة من العلاقات العامة والادعاءات المغلوطة وتثبت أنها تلقت معاملة تمييزية، بعيدة تماما عن المساواة أمام القانون والقضاء والدستور.

روح علياء لم تذهب هباء، وإنما بسبب قضيتها وقضية آخرين مثلها، قال "أندرو أندرسون" المدير التنفيذي لمؤسسة "فرونت لاين ديفندرز"،  في تصريحات لوسائل إعلام على صلة بالأزمة الخليجية في 15 أبريل الماضي: "إن شعار التسامح الذي ترفعه أبوظبي لا يمتُّ للواقع بصلة"، على حد وصفه.

علياء عبد النور، في ذكراها السنوية الأولى، الشاهدة والشهيدة، ستظل صفحة من انتهاكات حقوق الانسان لا تطوى، وذاكرة للوطن، برجاله ونسائه، لا تنسى!

اتصال سابق لعلياء من السجن بوالديها