أحدث الأخبار
  • 08:34 . الإمارات: حريصون على أمن واستقرار سوريا ووحدتها وسيادتها... المزيد
  • 08:32 . أكسيوس: مبعوث ترامب بحث مع ولي العهد السعودي حرب غزة وإمكانية التطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 07:27 . الحريري يعلق على سقوط الأسد: هذا هو اليوم الذي انتظرته... المزيد
  • 07:27 . دعم عربي لعملية انتقالية سلمية في سوريا ومطالب بانسحاب الاحتلال من المنطقة العازلة... المزيد
  • 01:10 . بقيمة سبعة ملايين درهم.. إطلاق أول جائزة في العالم بـ"تصفير البيروقراطية"... المزيد
  • 12:46 . "وام": ثلاث قوافل مساعدات إماراتية تصل غزة خلال أسبوع... المزيد
  • 11:37 . فيدان: أجرينا مفاوضات مع روسيا وإيران بعدم مساعدة الأسد قبل سقوطه وقد تفهموا... المزيد
  • 11:35 . الحكومة السورية تطالب مجلس الأمن بالتدخل لوقف الهجمات الإسرائيلية... المزيد
  • 11:31 . دول عربية وممثلون دوليون يجتمعون في الأردن لبحث مستقبل سوريا... المزيد
  • 11:18 . توقعات بنقص كبير في الأيدي العاملة بألمانيا بسبب مغادرة السوريين... المزيد
  • 11:16 . شهداء وجرحى في غارات للاحتلال الإسرائيلي على جباليا وغزة... المزيد
  • 10:56 . اتهامات لأبوظبي بدعم تمرد جديد في سقطرى اليمنية... المزيد
  • 10:43 . صور أقمار صناعية تكشف عن تحركات روسية في القواعد العسكرية بسوريا... المزيد
  • 10:25 . لماذا رفضت أبوظبي استقبال حليفها المخلوع بشار الأسد؟... المزيد
  • 10:04 . “القسام” تعلن الاستيلاء على ثلاث مسيرات إسرائيلية خلال مهمة استخباراتية برفح... المزيد
  • 10:04 . عقب سقوط الأسد.. مصانع الكبتاجون في سوريا تكشف تورط شركات إماراتية بتصدريها لدول الخليج... المزيد

العلمنة وتغيير الهوية .. كيف تعمل أبوظبي على اختراق المنطقة وزعزعة ثوابتها؟

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 16-04-2022

ما كانت يوماً مجرد تصريحات لسفير أبوظبي في الولايات المتحدة، أصبحت الآن حقيقة واقعة؛ إذ تتقدم الإمارات لتكون دولة "علمانية"، وهي علمانية لا تشبه "علمانية الغرب" -وإن كان ذلك هدفها- بل علمانية هدفها الهوية الوطنية الإماراتية والمنطقة بالكامل، واستخدامها لصالح تحسين السمعة أمام الغرب و"اقتصاد السوق"، متخلية عن الدِين والعادات والتقاليد والقيّم.

أصدرت السلطات الاتحادية في أبوظبي خلال العامين (2020-2021) مجموعة من القوانين التي وكما يقول المسؤولون أنها جاءت ضمن "مساعِ الدولة إلى أن تصبح دولة علمانية وأكثر ليبرالية اجتماعيًا من أجل الحفاظ على مكانتها كمركز للاستثمار والسياحة".

وقد كانت الدولة خلال العقود السابقة مركزاً للاستثمار والسياحة مع حفاظها على هويتها الإسلامية المنصوصة في المادة السابعة من الدستور "الاسلام هو الدين الرسمي للاتحاد والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه"، لكن قوانين (2020-2021) جاءت بجملة من التشريعات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية نذكر منها على سبيل المثال:

  • إلغاء عقوبة شرب وبيع الخمر، وتقنين العقوبة على متعاطي مخدرات الحشيش.
  • السماح "بأكل المسلم للحم الخنزير والمجاهرة بتناول الأطعمة والأشربة في نهار رمضان"،
  • السماح بالمساكنة المشتركة بين غير المتزوجين، وأجاز "الزنا" والحمل خارج إطار الزواج.
  • تعديل عطلة نهاية الأسبوع لتناسب إجازة غير المسلمين وأصبح يوم الجمعة يوم عمل في تعدٍ واضح على عادات المجتمع التي تعطي ليوم الجمعة - إجازة المسلمين- مكانة خاصة.
  • إصدار قانون للأحوال الشخصية في أبوظبي قائم على مبادئ العلمانية، ولا يستند على أيٍ من الديانات (الإسلام والمسيحية واليهودية)، كما يسمح للقضاة غير المسلمين برئاسة قضايا الأحوال الشخصية!
  • آخر هذه الجهود ما قامت به سلطات البلاد بالسماح ببعض أشكال المقامرة، مع اشتراط أن تتخذ كل إمارة قرارها بهذا الخصوص، وتحدد بشكل مستقل كيفية تنظيم الأمر، ما يشير إلى رفض بعض الإمارات السبع لهذا القرار.

تجاهلت السلطات الحدود الدينية فألغت عقوبة "شرب وبيع الخمر" لجذب المزيد من المستثمرين


علمانية ضد الإسلام

بهذه القوانين التي استصدرتها أبوظبي خلال العقد الماضي أثبتت أنها تتبع "نهجاً جيفروسونياً" (نسبة إلى توماس جيفرسون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة) في العلاقة بين الدين المؤسسي والسياسة. و يعتبر المنظرون الأمريكيون وجود دولة عربية تروج للعلمانية في الشرق الأوسط "هدية للمتطرفين والليبراليين الجدد الغربيين الذين يروجون إلى أن الإسلام في الشرق الأوسط سبب المشكلات جميعها".

وسبق أن قام سفير أبوظبي في واشنطن "يوسف العتيبة" بتأكيد أن الرؤية هي دولة علمانية تفصل المسجد عن الدولة، ففي مقابلة في يوليو 2017 قال "إن الإمارات -ودول أخرى عدا قطر- تدعم حكومات علمانية قوية خلال السنوات العشر القادمة "، وفي ابريل2021 قال العتيبة في لقاء مع معهد هوفر الأميركي "إن الطريق إلى المستقبل يتضمن فصل الدين عن الدولة، وهذا ما نفعله في الإمارات، وما نؤمن به". والملاحظ تغيّر طبيعة التغطية الإعلامية في 2017 حيث حاولت الصحافة الرسمية إعادة تفسير كلمات العتيبة بعد غضب الإماراتيين والخليجيين بمن فيهم أمراء سعوديون، إذ قالت إن "العتيبة" لا يعني فصل الدين عن الدولة، لكن في تغطية 2021 كان هناك مديح لهذا الانتقال واعتباره مشروعاً فكرياً لمكافحة التطرف في إشارة إلى الإسلاميين.

كما أن نهج السلطات خلال العقد الماضي يتكشف بشن حرب ضروس ضد أي جماعات أو منظمات إسلامية سواء في الوطن العربي أو في الغرب، لأنها ترفض الانقياد وراء نهج أبوظبي العلماني، ولاحظت  دراسة عن تشاتام هاوس أن الإمارات تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي، والرجل القوي في الإمارات) أصبحت تنظر إلى "الإسلاميين" كتهديد "وجودي لنهجها العلماني على نطاق واسع في الحكومة وكذلك لاستقرار في المنطقة". كما أشارت مجلة نيويورك تايمز أن الشيخ محمد ب"ميول علمانية" يرتكز في جبهة خارجية على التدخل لدعم الدكتاتوريات و الجبهة المحلية، بشن حملة على حرية الرأي والتعبير وأقام دولة مراقبة شديدة الحداثة حيث يتم مراقبة الجميع بحثًا عن أدنى نفحة من الميول الإسلامية.

وفيما تقول السلطات -حسب العتيبة- إن التحديث والانفتاح على الديانات والقوميات الأخرى جزء من العلمانية، إلا أنها تقوم بفرض سيطرة على الإسلام حيث تمتد بشكل أعمق إلى الحياة اليومية للمسلمين في الإمارات. وبموجب قانون رسمي، فإن السلطات هي المسؤولة عن تسمية المساجد وتوفير احتياجاتها وأماكن الصلاة (بما في ذلك صلاة العيد) والإشراف عليها. كما تقوم باختيار وفحص جميع الأئمة وفرض خطب صلاة الجمعة موحدة ومكتوبة من السلطات ذاتها حتى المساعي غير الرسمية لتعليم الإسلام يجب أن توافق عليها السلطات. كما يلزم الحصول على تصريح لعقد حلقة أو محاضرة لتحفيظ [القرآن]، أو جمع التبرعات أو توزيع الكتب أو المواد الصوتية في المساجدكما يحظر القانون على موظفي المساجد إلقاء الخطب وتعليم الدروس الدينية خارج المساجد.

تكشف هذه الإجراءات ضد المسلمين في الدولة، جذور البارانويا (جنون الإرتياب) لدى أبوظبي تجاه الإسلام، حيث أن مخاوفها تنبع من جاذبية القوة الناعمة للنشاط الإسلامي وما تعرف بحركات "الإسلام السياسي" باعتبارها المعارضة التقليدية للوضع الاستبدادي الراهن في المنطقة.

في أغسطس 2020 كتب "العتيبة" مقالاً على "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يهاجم الإسلام صراحة

 

استهدف للمجتمع لا تأسيس للعلمانية

الشريعة الإسلامية هي أساس المجتمع الإماراتي. علاوة على ذلك، فإن الحفاظ عليها ضروري للحفاظ على الاستقرار والتماسك الاجتماعي. إذ أن الإمارات، التي يتناقض حجمها الجغرافي الصغير مع تنوعها القبلي، تعتمد على الدين لتوحيد سكانها. ويوضح النشيد الوطني الإماراتي ارتباط الشعب الذي لا ينفصم بالإسلام في جملة "عشت لشعب دينه الاسلام هديه القرآن". إن إدخال عناصر علمانية في النظام السياسي للدولة يؤدي إلى المخاطرة بإخلال التوازن في مجتمع الدولة؛ إذ نادراً ما يستطيع حكام الإمارات التشدق بالعلمانية دون تعريض شرعيتهم للخطر.

بصدور التعديلات الجديدة في القانون الاتحادي فإنه يمنع اللجوء إلى قوانين العقوبات المحلية لتجريم "الزنا" أو ما يسميه القانون "المواقعة بالرضا" بعد أن أصبح قانون العقوبات الاتحادي يغطي هذا الفعل، ما يلغي الخصوصية القانونية لكل إمارة على الرغم من أن عدد الأجانب فيها أقل من أبوظبي ودبي.

وتشير السلطات إلى أن التشريعات الأخيرة موجهة للأغلبية الأجنبية المقيمة في البلاد حيث يمثل المواطنون أقل من 11%، لكن هذه القوانين تشمل المواطنين والمسلمين في الدولة، حيث يؤكد من شاركوا في كتابة تلك القوانين أنه -على سبيل المثال- هناك إمكانية أن تسجل المرأة الإماراتية بشكل رسمي طفلها الذي ولدته خارج الزواج "الزنا". ولا يعرف عن أي اسم ستربطه به هل اسم والدها أو "والد الطفل" -حتى لو أنكر ذلك. فعلى عكس الديانات الأخرى يملك الإماراتيون -العرب عموماً- حساسية تجاه انسابهم.

يقول منظرو العلمانية إنها تمضي يداً بيد مع الديمقراطية، إذ أن حصول الحكومات على الموافقة الشعبية له طريقة لتحويل رعايا الدولة إلى مواطنين يعرفون واجباتهم ومسؤولياتهم وحقوقهمبالنسبة للنظام الإماراتي، يعتبر الوعي السياسي لعنة، لذلك يتم محاربة من يطالبون بالإصلاحات في البلاد، فإلى جانب الإسلاميين استهدفت السلطات العلمانيين واللبراليين.  وتتهم تقارير دولية -بما فيها الصادرة عن الأمم المتحدة- السلطات في البلاد بـ "الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء معاملة المحتجزين".

تهدد إجراءات "العلمنة" تماسك المجتمع الإماراتي وهويته الجامعة

 

العلمانية كسلعة

يبدو أن القوانين الأخيرة، هي واحدة من السلع والحملات التي تنتجها أبوظبي لتحسين السمعة في الغرب بغرض تسويق الإمارات نموذجاً علمانياً في المنطقة تحت شعار الانفتاح الاقتصادي ومركز الاستثمار دون معوقات قانونية، وبالتالي علمنة المنطقة بالكامل.

تتخذ أبوظبي كل تلك الإجراءات حتى لو كان ذلك على حساب التخليّ عن المواطنين واستهداف هويتهم؛ إذ يتم تقديم الدولة كشركة تجارية استثمارية لا دولة فيدرالية ذات هوية وطنية متجذرة.

لذلك فإن "النموذج الإماراتي" الحالي الذي يدمج الانفتاح الاقتصادي، والحوكمة القوية وتقديم الخدمات، ومزاعم وجود البيئة الاجتماعية العلمانية والليبرالية، بنظام سياسي مغلق يستهدف التعبير ويقوم على دولة أمنية راسخة تستهدف دين الدولة وديانة مواطنيها ومعظم المقيمين في الإمارات السبع، ويتجاهل حقيقة أن الإسلام مصدر توحيد الدولة، ومشروعية النشيد الوطني وكل قوانين البلاد؛ سينقلب على النظام وأسسه طالما استمر التجديف بعيداً عن المساقات الوطنية والقومية.