أُجبر ما يقرب من 700 ألف شخص على الفرار من "التطهير العرقي" في منطقة دارفور بالسودان منذ اندلاع الحرب الأهلية، مما يجعل أزمة اللاجئين الحالية أسوأ بكثير من تلك التي استحوذت على الاهتمام الدولي قبل 20 عاماً، وفقاً لرئيس المجلس النرويجي للاجئين "جان إيجلاند".
وتواجه أبوظبي اتهامات بالتسبب في حملات التطهير العرقي بدعمها قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) المتهم بارتكاب هذه المذابح.
العاصمة الأمريكية واشنطن شهدت أولى تظاهرات السودانيين في العام الجديد أمام السفارة الإماراتية حيث تجمع حشد يضم أكثر من 200 شخص من السودانيين في الشتات وأنصارهم يوم 18 فبراير. وهتفوا "ثورة، ثورة، ثورة" لتطغى على شعاراتهم الأخرى، كما كتبوا لافتة كبيرة على مدخل السفارة "قوات الدعم السريع تقتل، الإمارات تدفع".
وعاد إيجلاند مؤخراً من زيارة المخيمات في تشاد المجاورة حيث تجمع النازحون. وقال إنه "من المؤلم أن نسمع عن أفظع الفظائع، ومعظمها من العنف الجنسي ضد المرأة…. . . وقتل الشباب بشكل جماعي". ووصف ذلك بأنه "تطهير عرقي" من قبل ميليشيات الدعم السريع.
مذابح حقيقية
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل ما لا يقل عن 13 ألف شخص، لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وقدر تقرير مسرب للأمم المتحدة أن عدد الوفيات في مدينة الجنينة بدارفور وحدها يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف شخص.
وتشير العديد من الصرخات المطالبة بالعدالة لهؤلاء الضحايا إلى قيام أبوظبي بإرسال تعزيزات من الأسلحة لقوات الدعم السريع تحت ستار المساعدات الإنسانية للاجئين السودانيين في تشاد، وأكد ذلك تقرير للأمم المتحدة. كما استولى حميدتي، زعيم قوات الدعم السريع، على مناجم الذهب في شمال دارفور. ويتم تداول الذهب الذي يتدفق من المناجم في الإمارات حيث يتمركز شقيق حميدتي الأصغر.
وقال إيجلاند إنه لا يستطيع تأكيد الاتهامات الموجهة للإمارات بأنها تساعد في إعادة تسليح قوات حميدتي، جزئيًا عبر تشاد. كما لا يستطيع نفيها.
وقال: "لا أستطيع التأكد من أن هذه الدولة الخليجية أو تلك تغذي النار بالسلاح والموارد".
لكن السودانيين والأمم المتحدة لهم رأي مختلف رغم نفي أبوظبي هذه التقارير.
وقال تقرير للأمم المتحدة قُدم إلى مجلس الأمن في يناير الماضي إنه جرى نقل الأسلحة والذخائر جواً من أبوظبي إلى شرق تشاد، ثم تم تحميلها على قوافل من الشاحنات، وتم نقلها عبر الحدود إلى دارفور وتوزيعها على قوات الدعم السريع. حيث ارتكب "التطهير العرقي".
ووجد التقرير أن القوة النارية الجديدة التي اكتسبتها قوات الدعم السريع “كان لها تأثير هائل على توازن القوى، سواء في دارفور أو مناطق أخرى في السودان".
وكتب عشرة أعضاء ديمقراطيين في الكونجرس مؤخرًا مباشرة إلى وزير الخارجية الإماراتي لتحذيره من أن دعم البلاد لقوات الدعم السريع يشكل "خطرًا كبيرًا على سمعة الإمارات".
"حميدتي يقتل وأبوظبي تدفع"
بالعودة إلى التظاهرة أمام سفارة الإمارات في واشنطن، قالت صفاء الطيب أحد المنظمين للاحتشاد من قبيلة النوبة في جنوب كردفان إن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يتم تمويلها من دول مثل الإمارات والولايات المتحدة وروسيا.
وأضافت: "هذه البلدان المتعطشة للطاقة مسؤولة عن استخدام شعوبنا وأرضنا ومواردنا لتعزيز اقتصاداتها. أجندتهم واضحة: تجفيف السودان ونبذ شعبه".
وقالت الطيب: "لا يمكن أن تستمر الفظائع".
واتسمت الوقفة الاحتجاجية بالهتافات المتواصلة، بما في ذلك "السودان ليس للبيع" و"قوات الدعم السريع تقتل، الإمارات تدفع".
وقرعت الطبول السودانية أمام السفارة الإماراتية، جنباً إلى جنب مع الهتافات. وقالت دانيا عبدالله وهي فنانة تشكيلية شاركت في تنظيم الاحتجاج: إن الطبول جزء من نسيج الهوية السودانية التي شاركت في النضالات ضد الانقلابات والمطالبة بحكم ديمقراطي.
دبلوماسية دفتر الشيكات
وقال عبد الله هالاخي، كبير المدافعين عن شرق وجنوب أفريقيا في منظمة المدافعون الدوليون عن اللاجئين: لقد عملت الإمارات أكثر من أي دولة أخرى لخنق ظهور الديمقراطية في المنطقة.
وأضاف: "لقد قاموا بتمويل الأنظمة في تونس والجزائر ومصر وليبيا ويدعمون الآن قوات الدعم السريع في السودان. إن دبلوماسية دفتر الشيكات مفيدة لهم".
ويشير سلوك أبوظبي في السودان إلى أنها لا تستفيد من دروس التسليح في ليبيا والتدخل في اليمن والصومال والتي تتطلب أن يتوقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتركيز على سياسة خارجية ودبلوماسية تقوم على المصالح بدلاً من زراعة الوكلاء.