" إنه لشيء رائع إذا سُيِّرت الرياضة لإحداث تغيير إيجابي، كما كانت عليه في مناسبات عديدة، لكن عندما تستخدم لأعمال أخرى، لتبييض الواقع الغامض، لجعل البلاد تبدو جيدة عندها لا تكون أي شيء إلا جريمة "
" الزخم من أجل التغيير ليس في المدن الفاخرة في دبي وأبوظبي و"الحياة المترفة التي يعيشها البعض"، بل بالأقلية ذات الأهمية من المواطنين الذين يطالبون بالإصلاح "
ذكر الكاتب والصحفي البريطاني، أليستير سلوان، في مقال له نشره موقع "ميدل إيست مونيتور"، أن فكرة ابتعاد الأحداث الرياضية عن السياسة ما هي إلا ذريعة يستخدمها الناس "السيئون"، ليفتلوا من قيامهم بأمور لا ينبغي أن يفعلوها للناس الذين يستحقون الأفضل.
وأشار سلوان، أنه بشكل عام، فإن المرة الوحيدة التي سوف تسمع أحدهم يقول "لكن الرياضة يجب أن تكون سياسة" هو عندما يطلبون منك أن تتجاهل بعض الانتهاكات الفظيعة التي تحدث خارج الملعب، " من أجل تحقيق الصالح العام" بحسب وصفه.
وأوضح الكاتب البريطاني أهمية الموضوع، في إشارة منه لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم عرض لاستضافة كأس العالم لدوري الرجبي عام 2021، موضحاً أنه هذ الأمر " ليس من أجل تحقيق الصالح"، لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تحمل " سمعة فظيعة جداً عن انتهاكات حقوق الإنسان "، مماثلة لتلك التي تحملها المملكة العربية السعودية ودولة البحرين.
مضيفاً أن الإمارات، كانت ناجحة أكثر في التستر على الإنتهاكات التي تحصل عندها بعيداً عن الواجهة والبريق الموجودين في أبوظبي ودبي، مشيراً إلى أن هناك حملة شرسة مكثفة ضد المعارضة وأولئك الذين يتحدثون حول أي شيء ضد النظام الإماراتي.
وبين الصحفي سلوان، أن حادثة سجين الرأي، المحامي، محمد الركن قبل شهر، والتي تجاوز فيها يومه الألف باعتباره سجين رأي، إضافة إلى استهداف النساء من قبل الشرطة السرية، لا سيما أخوات الناشط الإمارات المسجون، والذي كان قبل ثلاثة أشهر من المختفين قسراً بعد تغريدة لهم يعبرون عن شوقهم لأخيهم.
وأشار الكاتب إلى أن " المحاكمات الصورية والتعذيب جزء لا يتجزأ من قواعد اللعبة التي تمارسها الإمارات العربية المتحدة ".
وحول ارتباط الرياضة بالسياسة ذكر، أليستير سلوان، أن السياسيون لا يبتعدون عن الرياضة. هم يجلسون في الصف الأمامي، يأخذون صور "سلفي" مع زملائهم ويرمون الفشار على الناس العوام أسفل مقاعدهم. أو يفعلون أسوء من ذلك؛ هم يستضيفون الحدث نفسه، وينسبون الفضل لأنفسهم، مضيفاً أن السياسيين في أثينا القديمة لم يكونوا يعتبروا المشاركة في البطولات الرياضية أمراً سيئاً، بل شاركوا لتعزيز شعورهم القوي بهويتهم كمواطنين، وليظهروا
"لمدينة إسبرطة"، أنهم جادون في ساحة المعركة، مبيناً أن الناس لا يمكن إيقاف انتماءاتهم السياسية فالرياضة هي أخداث تاريخية وعاطفية ومثيرة للخصومة، ولكنها ليست وصفة للهدوء.
وربط أليستر، موضوع حديث البعض أن الرياضة يجب أن تبقى بعيدة عن السياسة، بـ " إعادة تثبيت الدكتاتور الكوري الجنوبي تشون دو هوان، بعد سقوطه من السلطة عشية مظاهرات للألعاب الأولمبية في سيول 1988؟
أو بإعادة إدخال الفصل العنصري لجنوب افريقيا، أو أنه ينبغي أن يرفض ثوار سنة 2011 المصريين، في ميدان التحرير، المساعدة من مشجعي كرة القدم المصرين، من ذوي الخبرة في التعامل مع اعتداءات الشرطة، لأنهم على حد قول الكاتب، بكل بساطة يحبون كرة القدم؟
ربما ينبغي على اتحاد كرة القدم الفلسطيني فقط التخلي عن الحملة ضد عضوية الفيفا الإسرائيلية. الفصل العنصري قد لا يكون عادلاً، ولكن ما الذي يجلب ذلك ليصل لمباراة لكرة القدم؟ الهيئة العامة للإسكان مثلاً! "، على حد قوله.
وأعاد سلوان، التذكير بأن هذه الطريقة تعمل في كلا الاتجاهين، فروسيا والصين استخدمتا دورة الألعاب الأولمبية لترسمان صورة لنفسيهما على الساحة العالمية أنهما عصريتان، بدرجات متفاوتة من النجاح لكل منهما، وأن أدولف هتلر استخدم دورة الالعاب الاولمبية عام 1936 لإظهار تفهمه الخلل الموجود في علم الوراثة البشرية، والعقيد القذافي في ليبيا استخدم كرة القدم وكرة السلة لغرس حب الوطن، عن طريق تهديد اللاعبين بالقتل إذا لم يلعبوها.
وشدد الكاتب سلوان، على أن بناء استادات جديدة لكأس العالم في الشرق الأوسط دون الإلتفات إلى المصالح الأهم في الدولة للمواطن، سيؤدي حتماً كما يحصل عادة إلى عبودية مبطنة باسم القانون في الدولة، أو حتى لموت عمال مهاجرين من جنوب آسيا، مشيراً إلى أن الزخم من أجل التغيير ليس في المدن الفاخرة في دبي وأبوظبي و"الحياة المترفة التي يعيشها البعض"، بل بالأقلية ذات الأهمية من المواطنين الذين يطالبون بالإصلاح، على حد قوله.
وختم الصحفي أليستر سلوان، قوله: " مع ذلك، ينبغي على مشجعين دوري الرجبي والإداريين التفكير بروية في منح دولة الإمارات العربية المتحدة كأس العالم. إنه لشيء رائع إذا سُيِّرت الرياضة لإحداث تغيير إيجابي، كما كانت عليه في مناسبات عديدة، لكن عندما تستخدم لأعمال أخرى، لتبييض الواقع الغامض، لجعل البلاد تبدو جيدة عندها لا تكون أي شيء إلا جريمة. وإذا كانت سلطات كأس العالم للرجبي لا يريدون أن يكونوا شركاء في هذه الجريمة، ينبغي عليهم رفض طلب دولة الإمارات العربية المتحدة ".