أحدث الأخبار
  • 10:06 . "إكس" تحظر حساب خامنئي الجديد بالعبرية... المزيد
  • 09:06 . السعودية تعتزم رفع استثماراتها في أفريقيا إلى 25 مليار دولار... المزيد
  • 08:22 . جيش الاحتلال يواصل الإبادة شمال غزة يكثف نسف المنازل... المزيد
  • 07:35 . الأسير مروان البرغوثي يتعرض لإصابات بليغة في اعتداءات وحشية بمعتقله... المزيد
  • 07:01 . مستهلكون يشكون التذبذب المتواصل في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بالإمارات... المزيد
  • 06:04 . قرار بإنشاء مجلس مستقل للطاقة في إمارة الشارقة... المزيد
  • 05:50 . مانشستر يونايتد يقيل تن هاغ ويعين فان نيستلروي بديلاً مؤقتاً... المزيد
  • 12:50 . العراق يحتج أمام مجلس الأمن على استخدام "إسرائيل" لأجوائه في الهجوم على إيران... المزيد
  • 12:22 . توقعات إسرائيلية بإقرار قانونين لوقف عمل الأونروا وسط قلق دولي... المزيد
  • 11:29 . قديروف يكشف عن لقاء غير رسمي جمعه مع رئيس الدولة في أبوظبي... المزيد
  • 11:13 . نتنياهو يرفض المبادرة المصرية للهدنة في غزة... المزيد
  • 10:48 . الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب مؤشرات من المركزي الأمريكي... المزيد
  • 07:26 . الاحتلال يقر بمقتل ضابطين وثلاثة جنود بالمعارك مع حزب الله... المزيد
  • 01:07 . أرسنال يفرط في الفوز أمام ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز... المزيد
  • 12:50 . مقترح لهدنة في غزة بالتزامن مع مباحثات الدوحة... المزيد
  • 09:21 . الرياض.. انعقاد الملتقى الاقتصادي السعودي الإماراتي الثالث... المزيد

أوباما أمام عاصفة أميركية!

الكـاتب : خالد الدخيل
تاريخ الخبر: 19-07-2015


بعد لحظات من توقيع الاتفاق النووي بين الدول 5+1 وإيران يوم الثلثاء الماضي انفجر جدل واسع، حاد أحياناً، داخل الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض. وبات من الواضح أن إدارة أوباما كانت تتوقع أن الاتفاق، بالصيغة التي انتهى إليها، سيكون موضوعاً لجدل حاد سينقسم الرأي العام إزاءه في شكل قد يؤثر سلباً في مآله في الكونغرس. لذلك، سارع الرئيس باراك أوباما إلى استباق الحدث بأن أعطى أولاً حديثاً مطولاً لصحيفة الـ «نيويورك تايمز» المؤيدة في اليوم نفسه، وبعد ساعات من إعلان الاتفاق. ثم في اليوم التالي، عقد مؤتمراً صحافياً طويلاً لتقديم مرافعة مفصلة عن الاتفاق كإنجاز كبير لمصلحة الأمن القومي الأميركي. وكان من الواضح في حملة الرئيس الإعلامية أن جانب الإنجاز الذي يشير إليه يتمحور حول مسألة واحدة، وهي أن الاتفاق يمنع إيران من إمكان امتلاك سلاح نووي.



لم يفاجأ الرئيس ولا إدارته بكمّ الانتقادات التي وجهت للاتفاق، ولا للاستراتيجية التفاوضية التي اعتمدها، وبالتالي لأداء فريقه التفاوضي، منذ اللحظات الأولى التي أعقبت إعلان الاتفاق. لكن يبدو أن الرئيس فوجئ بحدة المعارضة أحياناً لما يعتبره هو إنجازاً ديبلوماسياً. وبرز ذلك في المواجهة التي حصلت في المؤتمر الصحافي بينه وبين مندوب محطة CBS الشهيرة ميجور غاريت، إذ اتهم غاريت الرئيس بأنه يحتفل بالاتفاق هنا في واشنطن غير آبه بمصير أربعة صحافيين أميركيين في السجون الإيرانية، إلى جانب أنه أذعن لتمرير الاتفاق بتقديم آخر التنازلات برفع الحظر، ولو بعد سنوات، عن إيران في موضوع الأسلحة التقليدية، والصواريخ الباليستية، في موقف مخالف لرئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي، الذي رأى في شهادة له أمام الكونغرس أنه لا ينبغي رفع هذا الحظر تحت أي ظرف من الظروف. ومع أن إجابة أوباما اتسمت في بدايتها بحدة واضحة تجاه غاريت، إلا أنه حاول تبرير موقفه من المسألتين، لكن من دون نجاح في وضع حد لجدل من الواضح أنه سيتصاعد، خصوصاً مع بداية مناقشة الاتفاق في الكونغرس.



من هنا ليس من المبالغة القول إن ردود الفعل الأولى تكشف أن هناك تياراً قوياً وواسعاً داخل الولايات المتحدة يعارض الاتفاق النووي بالصيغة التي انتهى إليها. مايكل جيرسون، مثلاً، وصف الاتفاق في الـ «واشنطن بوست» بأنه متهور. أما الكاتب اليميني المعروف تشارلز كروثهامر فاعتبر الاتفاق في الصحيفة نفسها الأسوأ في تاريخ الديبلوماسية. مجلة «آتلانتيك» نشرت نقاشاً مطولاً بين ثلاثة كتّاب تباينت وجهات نظرهم في شكل لم يحسم الجدل بوضوح. اللافت في غمرة الجدل حتى الآن أن صحيفة «واشنطن بوست» تعارض الاتفاق، في مقابل صحيفة «نيويورك تايمز» التي تؤيده لأنه يمنع وقوع الحرب. لكن اللافت أيضاً أن ردود فعل المؤيدين للاتفاق، أو الذين يغلبون تأييده على معارضته، تميزت بأنها أكثر تردداً وحذراً في التعبير عن مواقفهم في مقابل المعارضين الذين كانوا أكثر وضوحاً وحسماً. من هنا خلت مداخلات المؤيدين من عناوين ومواقف حادة ومباشرة. ولعل أكثر ما ميز مواقف هؤلاء أنها أكثر ميلاً للتبرير منه للتحليل، إذ ينطلق هؤلاء من أن الاتفاق حقق الهدف الذي كان ينتظر منه، وهو وضع حد للطموحات النووية لإيران من دون اللجوء لخيار الحرب. هم يعترفون بأن هذا الحد الذي تم إنجازه موقت، أو محصور بفترة زمنية تتراوح بين عشر وخمس عشرة سنة، هي عمر صلاحية الاتفاق. كما يعترفون بأن الاتفاق همش السلوك السياسي لإيران، وجعله خارج المفاوضات تماماً. لكنهم يتفقون مع الرئيس أوباما على أن هذا هو ما كان ممكناً تحقيقه في ظل المعطيات الإقليمية والدولية، والتوازنات التي تخضع لها في الظروف الحالية.



في المقابل من الواضح أيضاً أنه ليست هناك معارضة للهدف الذي يفترض أن الاتفاق كان يسعى إلى تحقيقه. وإنما تتركز المعارضة حالياً على نقطة واحدة، وهي أن الاتفاق أقرب من الناحية التقنية للفشل في تحقيق الهدف المنشود منه. فهو من ناحية يبقي على المنشآت النووية الإيرانية كما هي. ولأن القيود التي يضعها على النشاطات النووية، من ناحية ثانية، موقتة لا تتجاوز في غالبيتها خمس عشرة سنة، فإن هذا يعني أنه من حق إيران التحلل من تلك القيود، واستئناف وتطوير نشاطاتها النووية بعد هذه المدة. وبالتالي فالاتفاق اعتراف مقدم بإيران كدولة على عتبة امتلاك السلاح النووي. وما يأخذه المعارضون على إدارة أوباما من هذه الزاوية أنها بدايةً، قبلت بمبدأ التفاوض على اتفاق من هذا النوع، وبالتالي لم يعد أمامها غير القبول بالصيغة التي انتهى إليها، وكل ذلك من دون أي ثمن سياسي مقابل. وهذا هو المعنى الذي ركز عليه أوباما في حملته الإعلامية بأنه لم يكن هناك إمكان لاتفاق أفضل، وأن على المعترضين تقديم البديل الذي يرون أنه الأفضل في هذه الحال. لكنّ معارضي الرئيس يرون أنه هو الذي حصر خياراته في التفاوض على الجانب التقني للاتفاق، متجاهلاً البعد السياسي تماماً، ومن ثم فإن حديثه عن البديل هنا غير ذي معنى، إلا في حال إقراره أولاً بعلاقة وأهمية هذا البعد السياسي للموضوع. ويرى المعارضون أن تجاهل الرئيس للبعد السياسي نابع أولاً من ميله الطاغي لعدم المواجهة، ومن رغبته القوية في تحقيق أي إنجاز يبدو له أنه مهم لإرثه في السياسة الخارجية، وبأي ثمن. وفي سبيل ذلك يرى هؤلاء المعترضون أن الرئيس قدم تنازلات سياسية مسبقة قبل دخوله إلى المفاوضات: سلم بالنفوذ الإيراني في العراق، وفي سورية. وقبل ذلك تنازل عن خطه الأحمر في ما يتعلق باستخدام النظام السوري السلاح الكيماوي. فعل كل ذلك حتى لا يصطدم سياسياً بإيران، ويعرقل التفاوض النووي معها. بمثل هذا الموقف أظهر أوباما أن أميركا في عهده أضعف سياسياً مما هي عليه في حقيقة الأمر، أو هكذا يبدو. وهذا تحديداً ما يجعل أقوى نقاط المعترضين على الاتفاق تتعلق بالناحية السياسية، بمعنى أن الاتفاق كما تم التفاوض عليه، وبالصيغة التي انتهى إليها يوفر غطاء دولياً يبقي على السياسات الإيرانية في الشرق الأوسط كما هي، وهي سياسات تزعزع الاستقرار، وتنشر الإرهاب والفوضى في المنطقة، ومن ثم تشكل تحدياً للولايات المتحدة نفسها. يتساءل المعترضون: هل الاتفاق، وهو موقت في كل الأحوال، وبكل ما يعتريه من نقاط ضعف تقنية، يستحق مثل هذا الثمن السياسي الكبير؟ وهو سؤال فشل الرئيس حتى الآن في التعامل معه.



هذا ما يتعلق بالجانب الأميركي للجدل وردود الفعل على الاتفاق. ماذا عنا نحن في العالم العربي، وفي السعودية تحديداً باعتبارها شريكاً مهماً لأميركا؟ ما هو موقفنا مما حصل؟ وكيف ينبغي أن نتعامل معه؟ هذا ما سيكون موضوعنا في الأسبوع المقبل.