«خطأ صادم.. تاريخي» بهذه الكلمات وصف نتنياهو الاتفاق النووي الإيراني، وأعلن رفض حكومته القاطع للاتفاق الموقع في فيينا بين الدول الست الكبرى وإيران قائلاً، إن طهران «ستحصل على الجائزة الكبرى، جائزة حجمها مئات المليارات من الدولارات ستمكنها من مواصلة متابعة عدوانها وإرهابها في المنطقة وفي العالم.. هذا خطأ سيئ له أبعاد تاريخية» و«إسرائيل ليست ملزمة بهذا الاتفاق»، وحاول الرئيس الأميركي أوباما طمأنة حليفته الاستراتيجية في المنطقة إسرائيل من خلال اتصال هاتفي أجراه مع نتنياهو أكد فيه تمسكه وإدارته بضمان أمن إسرائيل وأن الاتفاق سيرفع عنها «التهديد النووي الإيراني»، مشيراً بهذا الصدد إلى أن «خطة العمل المشتركة» الموقعة في فيينا تمثل «نتيجة تراعي المصالح القومية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل». كما أعلن البيت الأبيض أن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر سيقوم بزيارة إلى إسرائيل ليطمئنها بشأن مدى سلمية السلاح النووي الإيراني، وذلك بعد الانتقادات الشديدة من قبل نتنياهو.
منذ أن أعلن عن التوصل إلى اتفاق الإطار بين الدول الخمس وإيران في الثاني من أبريل الماضي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفضه التام للاتفاق، وتراوحت ردود أفعال التيارات والقوى السياسية في إسرائيل بين الاصطفاف إلى جانب نتنياهو في الرفض التام للاتفاق أو التحفظ عليه دون رفضه، وهو ما ظهر جلياً وبشكل مفاجئ من كبار القادة العسكريين والأمنيين المتقاعدين الذين تتوافق آراؤهم عادة مع مواقف المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية التي لم ترفض الاتفاق على رغم الضجيج حول خطر الاتفاق النووي على أمن إسرائيل، بل نظرت بإيجابية للاتفاق النووي، مما يعني بكل تأكيد أن نظرة القادة العسكريين تستند إلى معطيات موضوعية في التحليل، وليست معدة للاستهلاك الداخلي كما هو الحال مع الساسة في الحكومة أو المعارضة.
ففي مقال لـ«أفرايم هاليفي» الرئيس السابق للموساد الإسرائيلي بعنوان «خيارات الرفض الإسرائيلي للاتفاق النووي مع إيران» رأى فيه أن أوباما كان محقاً عندما وصف وثيقة الاتفاق المبدئي بأنها «تاريخية» لعدد من الأسباب، أبرزها موافقة إيران على عقد مفاوضات تناقش فيها خططها والبنى التحتية النووية التي قامت ببنائها بشكل سري على مر السنين، ثانياً موافقة طهران على على كبح جماح برامجها النووي، وإخضاع منشآتها للتفتيش، منتقداً رد فعل الحكومة الإسرائيلية. وقال رئيس اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية سابقاً عوزي عيلام: «إن الاتفاق مع إيران يكمن في طياته وعد كبير بألا تنتج إيران أسلحة نووية خلال العقد القريب على أقل تقدير».
وعلى رغم ضجيج نتنياهو وحكومته فللصفقة النووية الإيرانية فوائد مباشرة على إسرائيل، إذ ستحصل على مساعدات عسكريّة أميركية بقيمة 45 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وتحدثت تقارير إعلامية أن إسرائيل ستحصل على طائرات (في-22 أوسبري) التي رفضت واشنطن أن تبيعها لأي دولة في العالم، بالإضافة إلى طائرات (أف-35) وتكنولوجيا الصواريخ ومنظومات الدفاع الصاروخي.
وبناءً على ما تقدم فالخاسرون الوحيدون في صفقة الاتفاق النووي الإيراني هم العرب، وما الجعجعة الإسرائيلية إلا خطاب سياسي معد للاستهلاك المحلي وللابتزاز الخارجي.