أحدث الأخبار
  • 12:44 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيرته الهولندية "التطورات الخطيرة" في المنطقة... المزيد
  • 12:43 . واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر... المزيد
  • 11:55 . "شعاع كابيتال" تعلن توصلها لاتفاق مع حملة السندات... المزيد
  • 10:53 . "مصدر" تتجه للاستثمار في ليبيا ضمن برنامج لتصدير 10 جيجاواط... المزيد
  • 10:52 . صواريخ "مجهولة" تستهدف مقرا عسكريا للحشد الشعبي وسط العراق... المزيد
  • 10:51 . أسعار النفط على استقرار في ختام تداولات الأسبوع... المزيد
  • 10:51 . أتلتيك بلباو يفرط في فرصة الاقتراب من المربع الذهبي بالدوري الإسباني... المزيد
  • 10:48 . السوداني: العراق لن يكون منطلقاً للاعتداء على تركيا وزيارة أردوغان ليست عابرة... المزيد
  • 11:00 . بعد الخسارة أمام اليابان.. "الأبيض الأولمبي" يفقد آماله بالوصول إلى أولمبياد باريس... المزيد
  • 09:20 . وزير الخارجية الإيراني: الهجوم الإسرائيلي على أصفهان لم يخلف أي خسائر... المزيد
  • 08:47 . حاكم الشارقة يوجه بحصر وتقييم الأضرار الناجمة عن "التأثيرات الجوية"... المزيد
  • 08:35 . عقوبات أوروبية وأميركية على مستوطنين إسرائيليين متطرفين... المزيد
  • 07:14 . قيادي بحماس: "العدوان الإسرائيلي" على إيران تصعيد ضد المنطقة... المزيد
  • 07:13 . الهجوم على إيران.. الإمارات تدعو لضبط النفس وتجنب التصعيد... المزيد
  • 11:48 . حملة دولية: قانون الجرائم الإلكترونية ومكافحة الإرهاب يقيد حرية التعبير... المزيد
  • 11:46 . "وول ستريت جورنال": إدارة بايدن تسعى لتطبيع "سعودي إسرائيلي" مقابل دولة فلسطينية... المزيد

هل يُلحد الإنسان؟

الكـاتب : محمد الدحيم
تاريخ الخبر: 30-11--0001

لا أريد في البداية أن أُطلق جواباً بنعم أو لا! وإنما أريد أن يتلذذ القارئ مثلي باستكشاف الجواب. إن الذي حدث في أول اتصال للإنسان بربه كان هذا الإنسان يجيب عن سؤال مقدس، حكى لنا القرآن وقائعه: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف:172]، فقد شهد الإنسان كل الإنسان بربوبية الله، وبذلك فهو لم يُلحد، ويعلق الإمام ابن تيمية بكلام جميل حول هذه الآية قائلاً: «جميع بني آدم مقرون بهذا، شاهدون به على أنفسهم، وهذا أمر ضروري لهم، لا ينفك عنه مخلوق، وهو مما خُلقوا عليه وجُبلوا عليه، وجُعل علماً ضرورياً لهم، لا يمكن أحداً جحده...»، ثم قال: «وأما الاعتراف بالخالق فإنه علم ضروري لازم للإنسان لا يغفل عنه أحد، بل لا بد من أن يكون قد عرفه، وإن قُدر أنه نسيه، ولهذا يسمى التعريف بذلك تذكيراً، فإنه تذكير بعلوم فطرية ضرورية قد ينساها العبد».

وقد ذكر الله في القرآن الإلحاد في أسمائه فقال سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف:180]، كما ذكر - جل جلاله - الإلحاد في آياته، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فصلت:40]، وأسماء الله وآياته مما يقع من الإنسان الإلحاد فيهما لجهل أو لقصد ليست هذه المقالة موضع تفصيله.

أما الله - جل وعلا - فلا يمكن للإنسان أن يُلحد به بمعنى ينكر وجوده، كما تدل عليه الآية الكريمة السابقة، وما تم النقل عن ابن تيمية حولها. ولكن على مر التأريخ وإلى الآن يظهر من يُنكرون وجود الله.. فكيف حدث ذلك؟ ليس ذلك إلا مكابرة وتمرداً عقلياً، أو اعتلالاً نفسياً، وقد ظهر ذلك من علماء وفلاسفة عدة، وقد يكون من الجميل أن نمثل لهم بأُنْتُونِي فْلُو الذي كان له رحلة من الإلحاد إلى الإيمان، وعندها ألف كتابه «هناك إله».

وقد ناقش الدكتور عمرو شريف هذه الرحلة في كتابه الماتع «رحلة عقل»، كما أنصح لقراءة رحلة باحثة عن الحقيقة بكتاب «الله والإنسان على امتداد 4000 سنة من إبراهيم الخليل حتى العصر الحاضر» لكارين أرمسترونغ. أو قد يظهر الإلحاد من خلال الشيوعيين كبشر يمارسون الفكر الشيوعي، لأن هناك فرقاً بين طبيعة البشر وطبيعة الأفكار التي يمارسونها.

يحدثني الشيخ الدكتور عبدالوهاب الطريري أنه عندما التقى شيخ الشيوعيين العرب والناقد الأدبي محمود أمين العالم في الأيام التي سبقت وفاته، إذ ما زال محمود أمين متمسكاً بعناد عقله، وعند وداعه رأى الشيخ الطريري صورة سيدةٍ معلقةً على الحائط، فسأله: من هذه؟ قال: «زوجتي - الله يرحمها -»، فالله الذي ينكره عقله هو الله الذي يرحم زوجته. كما يحدثني ناصر - وهو شاب يدرس في أميركا ويسكن مع عائلة - أنه كان يقرأ القرآن ثم وضع المصحف إلى جواره، وإذا ببنت من العائلة ثلاثينية العمر تستأذنه أن تجلس للحوار معه، فسألته: ما هذا؟ فأجابها: إنه القرآن. فقالت: أنا قرأت القرآن. وبالطبع سألها: هل أنتِ مسلمة؟ فقالت: لا، ولكني جرّبت كل الأديان، وكانت ممتعة إلا سنة واحدة جربت فيها الإلحاد، فكانت أتعس سنة في حياتي، حيث يجحد عقلي ويؤمن قلبي. ولما أوشكت تنهي حكايتها باغتها الشاب بسؤاله: وماذا لو متِّ تلك السنة؟ فأجابته إجابة الباحث عن الله: «لو متُّ لذهبت إلى الله، ولقلت له: يا إلهي، كنتُ أبحث عنك، وقد وجدتُّك، فافعل بي ما تشاء».

وهكذا تكون رحلة البحث عن الله لا يضيعها الله، وهو ما يذكّرنا بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن رجلاً كان قبلكم رغسه الله مالاً، فقال لبنيه لما حُضِر: أيُّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيراً قطُّ، فإذا متُ فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذرُّوني في يومٍ عاصف، ففعلوا، فجمعه الله - عز وجل -، فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته). وأمام كل ذلك يتوجب علينا الوعي ونحن نتحدث عن الإلحاد كفكر والملحد كبشر، وهو ما سيفتح لنا آفاقاً للمعالجات الروحية والنفسية والعقلية لممارسات الفكر الإلحادي بأسماء الله وصفاته. وأنا على يقين أن موضوعاً كهذا لا تكون فيه المقالة إلا مفتاحاً لمؤتمرات وحوارات. نأمل أن تكون.