سلط تقرير نشره موقع «هافنغتون بوست» على شخصية السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، عارضا سيرته الذاتية على صعيده الشخصي والعائلي، إلى جانب أعماله كسفير للدولة في الولايات المتحدة بدءا من عمله في مكتب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد حتى صداقته "الحميمة" مع السفير الإسرائيلي في واشنطن، الذي وصفه التقرير بأنه" سفير السيسي" و عدو "الإسلام السياسي" بعد الكشف عن الكثير من الأسرار الدبلوماسية والنفوذ للعتيبة لدى المؤسسات المخابراتية والدفاعية الأمريكية.. إنه "داهية" حسب وصف الموقع، ولكنه أيضا مارس أدوارا "تجاوزت المصالح الوطنية"، حسب وصف مراقبين.
نشأته وحياته الشخصية
استعرض التقرير جوانب من الحياة الشخصية للسفير الإماراتي في واشنطن، مشيرا إلى أن أسلوب حياته جعلته «يكتسب الطباع الأمريكية». ووفق «الموقع»، فقد كان والد «العتيبة» أول وزير للنفط في الإمارات، وقد تزوج الوالد من أربع نساء إحداهن مصرية، هي والدة «العتيبة».
ودرس «العتيبة» في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وتعرف هناك في وقت مبكر على سفير أمريكا في القاهرة، «فرانك ويسنر». ثم درس العلاقات العامة في جامعة جورجتاون الأمريكية، قبل أن يتحول إلى جامعة الدفاع الوطني في واشنطن.
و أكدت برقية دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس مؤرخة في 2008 إلى "السلوك الأمريكي" للعتيبة، وأشارت إلى أنه "في تناغم كبير مع الثقافة والسياسة الأمريكية".
عمله في مكتب محمد بن زايد
يقول التقرير، في عام 2000، أصبح العتيبة مدير الشؤون الدولية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي. ويتولى الشيخ محمد بن زايد، الذي يرمز إليه في واشنطن اختصارا MBZ، قضايا الدفاع في دولة الإمارات، بما في ذلك العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة ويتصرف في ميزانية بمليارات الدولار الموجهة لشراء الأسلحة، والتي تجعلها واحدة من أبرز مستهلكي الأسلحة الأمريكية. ويعقب معدو التقرير، باعتباره اليد اليمنى للشيخ محمد بن زايد، أصبح العتيبة نقطة الاتصال مع دوائر الجيش والمخابرات الأمريكية.
العتيبة سفيرا
ويكشف التقرير أن «العتيبة» اختار، بمجرد تعيينه سفيرا بواشنطن في مارس 2008، سيدة اسمها «إيمي ليتل ثوماس» لشغل منصب مسؤولة البروتوكول في السفارة، مشيرا إلى أن «ثوماس كانت سابقا من أنشط العاملين في مكتب البروتوكول التابع لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وأكثرهم انفتاحاً على دوائر صناعة القرار، ففتحت له كل الأبواب المغلقة».
كما يؤكد التقرير أن «العتيبة» قريب أيضا من اليمين الأمريكي، ومنسجم مع الجمهوريين، وتتزايد انتقاداته لإدارة «بارك أوباما».
الأداء الدبلوماسي للعتيبة
ينقل التقرير عن مصدر أمريكي "مخضرم" قوله: «ثمة قلق من أن العتيبة يسعى بشكل أساسي إلى خلق نسخة عربية علمانية من إيباك. إنه يتحرك بسرعة كبيرة، وبقوة فائقة، وبكم هائل من المال».
وفي هذا السياق يقول التقرير إن الإمارات تغدق ملايين الدولارات سنويا على عقودها مع شركات العلاقات العامة في واشنطن، إضافة إلى الملايين التي يتم إنفاقها على الحفلات والولائم التي يقيمها السفير «العتيبة» لأصدقائه في واشنطن، بما في ذلك الرحلات التي ينظمها لهم لزيارة أبوظبي مستخدما طائرات خاصة عملاقة لهذا الغرض.
وبحسب التقرير، فقد أنفقت الإمارات 14.2 مليون دولار خلال العام 2013 وحده على عدد من شركات العلاقات العامة في واشنطن بهدف تحسين صورة أبوظبي في الخارج، هذا بالإضافة إلى مئات الملايين في العطاء الخيري، وكذلك استثمارات بمليارات الدولارات في الشركات الأمريكية.
ومنذ وصول العتيبة، تبرعت الإمارات بأموال كبيرة لمجموعة واسعة من مراكز البحوث ومراكز السياسات، بما في ذلك مركز التقدم الأمريكي، معهد آسبن، معهد الشرق والغرب ومركز الدراسات الإستراتيجية والسياسات الدولية، وهي المؤسسات المقربة والمؤثرة في المسؤولين الحكوميين الذين يتولون صياغة السياسة الخارجية.
وأشار التقرير إلى أن كل هذه المؤسسات يرأسها مسؤولون أمريكيون سابقون أو يتوقع دخولهم إلى الحكومة الأمريكية.
العداء للإسلام الوسطي
في سنواته الأولى في العاصمة، سرعان ما أصبح واضحا أن العتيبة، مثل سيده محمد بن زايد- على حد وصف الموقع- كان مدفوعا باهتمامين أساسين: الكراهية العميقة للإسلام السياسي، وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين. وبفضل معرفته بالولايات المتحدة، فقد كان بارعا في شرح السياسة الأميركية وإبلاغها للقادة العرب الآخرين.
بعد وصول جماعة الإخوان إلى السلطة في انتخابات ديمقراطية، ملأ السفير "العتيبة" صندوق بريد "فيل غوردون"، كبير مستشاري الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بالخطابات "المشيطنة" للإخوان ومؤيديهم في قطر.
العتيبة سفير للسيسي أيضا
وفيما يتعلق بالدور الإماراتي لدعم الثورات المضادة، كشف تقرير «هافنغتون بوست» أن «العتيبة عدّ صعود الإخوان المسلمين في مصر خطرا يتهدد وجود الإمارات»، وحاول إقناع الولايات المتحدة بالوقوف مع الرئيس المصرع المخلوع، «حسني مبارك» فور اندلاع ثورة 25 يناير 2011، لكن دون جدوى.
وأضاف التقرير: «اشتهر العتيبة في الدوائر الأمريكية بأنه سفير (السيسي)، وخاصة بسبب جهوده المحمومة لإقناع الإدارة الأمريكية برفع الحظر عن تصدير السلاح إلى مصر بعد الانقلاب، وكان هذا في الوقت ذاته مطلب إيباك (اللوبي الصهيوني) في أمريكا».
وقال التقرير إن جهود العتيبة تتضمن إقناع من يتواصل معهم في أمريكا أن الإمارات هي أقوى حليف لها في الشرق الأوسط، خاصة في الحرب على الإرهاب وعلى داعش، كما أنه في 2010 سئل إن كان يتوجب على أمريكا ضرب إيران لوقف برنامجها النووي، فقال: "بكل تأكيد".
علاقته مع السفير الإسرائيلي
يقول "التقرير" وجهات نظر السفير الإماراتي في واشنطن، «يوسف العتيبة»، تتفق في كل شيء تقريبا مع السفير الإسرائيلي هناك، «رون درمر»، باستثناء ما يتعلق بالفلسطينيين، فيما نفى الأول أية صداقة بينه وبين الثاني.
وأكد مسؤول رفيع المستوى في السفارة الإسرائيلية قيمة هذا التحالف الاستراتيجي قائلا: إن «وقوف إسرائيل والعرب معا هو المكسب الأكبر الذي يصبو إليه المرء؛ فهذا الأمر يخرجنا من السياسة ومن الأيديولوجيا. عندما تقف إسرائيل والدول العربية معا، فإن ذلك مصدر قوة لنا».
لكن التقرير أشار إلى أن «العتيبة» نفى – عبر متحدث باسمه – أن يكون صديقا شخصيا للسفير الإسرائيلي في واشنطن.
ولفتت «هافنغتون بوست» إلى أن «درمر» دعا «العتيبة» لحضور خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو» حول إيران في الكونغرس، الذي ألقاه في وقت سابق من العام الحالي، إلا أن «العتيبة» اعتذر؛ بسبب الحساسيات السياسية في بلده.
دور العتيبة في توطيد العلاقات مع واشنطن
يقول التقرير، في خضم هذه التحولات التاريخية، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة العتيبة في واشنطن، هي الحليف الرئيس لأمريكا، ولها تأثير عدواني، على نحو متزايد، في السياسة الخارجية الأمريكية.
ويضيف، وفي الوقت نفسه، فإن دعم الإمارات العدواني للعمليات العسكرية ضد داعش في سوريا جعل منها حليفا لا غنى عنه للولايات المتحدة. وكما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في الخريف الماضي، فإنه تم شن المزيد من الضربات الجوية ضد تنظيم "داعش" من قاعدة "الظفرة" الجوية في الإمارات أكثر من أي مكان آخر في المنطقة.