أحدث الأخبار
  • 08:30 . في أكبر عدد منذ 30 عاما.. السعودية تعدم 198 شخصا خلال 2024... المزيد
  • 08:22 . إعلام عبري: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه تل أبيب... المزيد
  • 06:31 . "مصدر" تتطلع إلى تعزيز وجودها في مشروعات الطاقة المتجددة في إسبانيا والبرتغال... المزيد
  • 06:30 . "حماس" و"الجهاد" تدينان اغتيال حسن نصر الله... المزيد
  • 06:29 . إعلام إيراني: مقتل نائب قائد فيلق القدس في لبنان في هجوم ضاحية بيروت... المزيد
  • 04:34 . حزب الله يعلن رسميا مقتل أمينه العام حسن نصر الله... المزيد
  • 12:36 . العاصفة هيلين توقف نحو 24% من إنتاج النفط الأمريكي في خليج المكسيك... المزيد
  • 11:46 . تعادل الوحدة وبني ياس وعجمان يحصد فوزه الأول بدوري أدنوك للمحترفين... المزيد
  • 11:42 . منتخبنا الوطني يخسر أمام كوريا الجنوبية في التصفيات الآسيوية للشباب... المزيد
  • 11:32 . رئيس وزراء الصومال يتهم إثيوبيا بالقيام بتصرفات “تنتهك” سيادة بلاده... المزيد
  • 11:32 . مستشار خامنئي: "إسرائيل" تتجاوز الخطوط الحمراء لطهران... المزيد
  • 11:13 . محللون: حزب الله يفكر في المستقبل بعد استهداف مركز قيادته ببيروت... المزيد
  • 10:44 . موديز تخفض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" درجتين... المزيد
  • 12:52 . ما مصير حسن نصرالله عقب الغارات الإسرائيلية على بيروت؟... المزيد
  • 09:20 . "القسام" تعلن قتل وإصابة جنود إسرائيليين إثر تدمير دبابة بخان يونس... المزيد
  • 09:19 . اشتباكات عنيفة بالخرطوم بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"... المزيد

التوطين مسؤولية جماعية

الكـاتب : عبدالله السويجي
تاريخ الخبر: 21-09-2015


يدخل القطاع المصرفي في أي دولة من دول العالم في إطار الأمن القومي الاستراتيجي، فازدهاره أو فشله أو انهياره سيؤثر في مسيرة التنمية سلباً أو إيجاباً، ولهذا تولي الحكومات أهمية خاصة لهذا القطاع من حيث المتابعة الدقيقة لأدائه وتطوره ونمائه، وتسعى إلى أن يكون بإدارة كوادر وطنية مخلصة، همها الوحيد المحافظة على استقراره وضمان نموّه، لارتباطه الوثيق باستقرار ونمو الوطن.

التوطين في هذا القطاع في دولة الإمارات العربية المتحدة يشكل أولوية لصناع القرار للسبب المذكور سابقاً، ولهذا اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات بحيث تحقق نمواً سنوياً في استقطاب الكوادر المواطنة، وأذكر من بين هذه القرارات زيادة العنصر المواطن في القطاع المصرفي ب5% سنوياً. وقد حققت نجاحاً كبيراً، ووفقاً لتقارير صادرة عن معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، نشرت الأسبوع الماضي، فإن عدد المواطنين والمواطنات العاملين في القطاع المصرفي بلغ في مارس/آذار 2014 (11676) مواطناً ومواطنة، يمثلون (34,28%) من إجمالي العاملين في القطاع المصرفي، ويعمل (631) من المواطنين في مناصب مديري الفروع للبنوك، في حين تشكل المواطنات نسبة (72,45%) من إجمالي الإماراتيين العاملين في القطاع المصرفي. إلا أن هذا العدد كان أكبر في السنوات الماضية، وذلك بسبب الاستقالات، حيث قدّم نحو 1123 مواطناً ومواطنة استقالاتهم خلال السنوات الثلاث الماضية فقط.

وفي كل مرة يتم فيها البحث عن أسباب عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص، تبرز الأسباب ذاتها، مع لفت الانتباه إلى استثناء القطاع المصرفي من حجم الرواتب، فسلم الرواتب فيه جيدة والامتيازات تكاد تكون قريبة مالياً من الامتيازات الحكومية، وخاصة الحكومات المحلية، إلا أن هناك أسباباً أخرى في هذا القطاع غير الرواتب، وتتمثل كما ذكرها جمال الجسمي، المدير العام لمعهد الإمارات للدراسات المصرفية في أكثر من سبب وأهمها «ضغوط العمل، و تفضيل المواطنين القطاع الحكومي المحلي، نظرا للمزايا الكثيرة، ومنها انخفاض عدد ساعات العمل مقارنة بالبنوك، إضافة إلى الفارق في العطلات الرسمية والأسبوعية، وكذلك المعاش التقاعدي الذي يُعد أحد أهم الأسباب التي تجعل كثيراً من الموظفين المواطنين بالبنوك، يفضلون إنهاء حياتهم الوظيفية في جهة حكومية محلية. وهناك أسباب أخرى للاستقالات «تتعلق بتنافس البنوك في جذب المواطنين لزيادة نسبة التوطين».
إن اقتصاد الإمارات هو اقتصاد مفتوح، يترك للموظف المواطن حرية الحركة والانتقال من مكان عمل إلى آخر، ولا يوجد قانون يجبر الموظف على البقاء في عمله مدة معينة، أو يمنعه من الانتقال إلى مكان آخر، أو حتى تغيير مجال عمله بشكل جذري. ويساعد الموظف في ذلك إمكانية ضم سنوات الخبرة حين ينتقل من مؤسسة خاصة أو شبه حكومية إلى القطاع الحكومي. ومن جهة أخرى، فإن للموظف الحق في تطوير ظروفه المادية والعملية، إلا أن حالة الإمارات هي حالة خاصة، شأنها شأن بقية دول مجلس التعاون الخليجي. وبالمناسبة، ذكر تقرير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية بأن نسبة التوطين في القطاع المصرفي في الإمارات هي الأقل مقارنة بدول مجلس التعاون.

الحالة الخاصة في دولة الإمارات تتمثل في قلة عدد السكان مقابل حجم التنمية المنشودة، وبالتالي، فإن توفير الكوادر البشرية في المؤسسات التي تحمل بعداً استراتيجياً يشكل تحدياً للحكومة، التي تعمل بكل الوسائل لتوفير الاستقرار للموظفين العاملين في القطاع المصرفي، بل ألزمت المصارف بضرورة تحقيق نسبة معيّنة من التوطين.
البعض ينظر إلى أسباب الاستقالات (ضغوط العمل، الإجازات، المزايا) بأنها رفاهية يجب أن يضحي المواطن من أجل إنجاح سياسات الحكومة، وحماية هذا القطاع الاستراتيجي المهم، ويستثني البعض المعاش التقاعدي من هذه (التهمة) المسماة (رفاهية). ولو قرأنا سبب (ضغوط العمل) لقفزت إلى الذهن مقولة يرددها كثيرون بأن المواطن (يريد أن يعمل أقل ويتقاضى راتباً أكثر) أو يريد أن يعمل أقل وأن يحصل على إجازات أكثر. ولو قورن نظام العمل من حيث الإجازات والرواتب والضغوط بدول أخرى، لوجدنا أن نظام العمل في الإمارات مريح وسهل.
والأسئلة التي تدور في الذهن الآن: هل يمكن للحكومة التفكير في قضية الإجازات، فتساوي القطاع الخاص بالقطاع العام، ولاسيّما في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية؟ وهل تفكّر الحكومة بدراسة النظام التقاعدي للمواطنين في القطاع الخاص، بحيث يتساوى مع القطاع العام؟ وهل يمكن للحكومة أن تفكر في مسألة مدة السنوات التي يجب أن يبقى فيها الموظف المواطن في المؤسسة، وخاصة المؤسسات التي قلنا بأنها تتعلق بالأمن القومي؟
أما بالنسبة لضغوط العمل فإننا لا نستطيع طرح أي سؤال في هذا المضمار، لأنه من المفترض أن يعمل الموظف بأقصى طاقته إذا أراد أن يكون مخلصا لعمله ومؤسسته ووطنه.

الممارسات والتطبيقات العالمية في هذا المجال كثيرة، بل هناك تطبيقات أخذت بها بعض دول مجلس التعاون بشأن النظام التقاعدي، وخاصة دولة الكويت، حيث تدفع الحكومة مبلغاً يضاف إلى المبلغ الذي يستقطع من الموظف العامل في القطاع الخاص، ليحصل على معاش تقاعدي جيد في نهاية الأمر.

هنالك قطاعات أخرى تعاني عزوف المواطنين عن العمل فيها مثل مجال التدريس، وقد نشرت الصحف قبل مدة أخباراً تتعلق باستقالة مجموعة من المدرسين والمدرسات. وقطاع التدريس أيضا قطاع استراتيجي لعلاقته بإعداد أجيال المستقبل القادرين على قيادة مسيرة التنمية، فهل تفكّر الحكومة أيضا في إعادة النظر في سلم الرواتب الخاص بالمدرسين التابعين للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، كأن يتم توحيد المزايا وأنظمة العمل؟
إن المحافظة على استقرار نسب التوطين في المؤسسات الخاصة وبعض المؤسسات شبه الحكومية تتطلب عملاً جماعياً، ومن الخطأ الظن والاعتقاد بأنه مسؤولية الحكومة وحدها، إنها مسؤولية الفرد أيضا، ولن نشرح كثيرا في مسؤولية الفرد لئلا يعتقد البعض أننا نطالبه بالتوقف عن التفكير في تطوير وضعه، ولكن تبقى مسألة الوقوف إلى جانب الحكومة لتنفيذ سياساتها التي تصب في الصالح العام مهمة وطنية.. والحديث ذو شجون..