تفاعل عدد كبير من الصحف والمواقع الإندونيسية مع قضية اختطاف الشيخ عبد الرحمن بن صبيح السويدي من قلب الأراضي الإندونيسية، على يد عناصر جهاز أمن الدولة الإماراتي ونقله بطائرة خاصة في جنح الظلام إلى أبوظبي.
ونشرت هذه الصحف والمواقع تفاصيل عملية الاختطاف، مسلطة الضوء على مشاركة عدد من الشخصيات الإندونيسية المتنفذة في الحكومة، وتلقيهم رشاوى ضخمة من أجل إتمام عملية التسليم، مؤكدة أن هذه العملية غير قانونية وتنتهك كل الأعراف الدولية.
وأظهرت التقارير الإندونيسية عملية التلاعب التي قامت بها شرطة ولاية “بتم”، بعد أن قامت باستدعاء المحامي الخاص بالسويدي بحجة الإفراج عنه بعد انتهاء مدة احجتازه المؤقتة، ومن ثم تلكؤها في تنفيذ الإجراءات اللازمة ومن ثم المفاجأة بتسليمه إلى عناصر المخابرات الإماراتية.
و كانت العديد من المؤسسات الحقوقية قد حذرت الحكومة الإندونيسية من تسليم السويدي إلى نظيرتها الإماراتية بصفته لاجئاً سياسياً، إذ يمنع القانون الدولي تسليم اللاجئين السياسيين إلى أي دولة يمكن أن يتعرض فيها أمنه وسلامته الشخصية للخطر، أو قد يكون فيها عرضة للإعدام أو التعذيب.
ويأتي هذا الضغط الصحفي الإندونيسي ليضع الحكومة الإندونيسية في مأزق كبير أمام الهيئات القضائية والبرلمان الإندونيسي، بعد اكتشاف تورط عناصر كبيرة في الحكومة في هذه العملية غير القانونية والمنافية للقانون الدولي.
و عبدالرحمن بن صبيح السويدي، ناشط إماراتي واستشاري في شؤون الإغاثة، عرف بأنشطته الخيرية الإنسانية في بورما وإندونيسيا وغيرها، ويلمس المتتبع لخطواته حبه وشغفه الكبير لعمل الخير ومساعدة المحتاجين، طالب بالإصلاح السلمي في بلاده، لكن ذلك تحول إلى تهمة حكم عليه بموجبها غيابياً بالسجن 15 عاماً، في القضية المعروفة بإسم “الإمارات 94″، والتي وصفتها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحقوقية والدولية بأنها محاكمة سياسية بامتياز، وتعرض معتقلوها لشتى أنواع الانتهاكات والتعذيب الجسدي والنفسي الممنهج في سجون أمن الدولة.
السويدي اختفى عن الأنظار، وعاد تحت المجهر بعد أن خرجت أنباء إلقاء القبض عليه في إندونيسيا في أكتوبر بشكل سري، بحجة حيازته على أوراق شخصية مزورة، وسارعت السلطات الإماراتية فوراً إلى ممارسة كل أنواع الضغوط على نظيرتها في جاكرتا، من أجل تسليم السويدي المطلوب في بلاده.
تقارير صحفية سابقة أكدت أن إندونيسيا تحاول مقاومة الضغوط الإماراتية لتسليم السويدي، خشية من الملاحقات القانونية والقضائية الداخلية أمام القضاء و مجلس الشورى هناك، وقد حذرت العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية حكومة جاكرتا من تسليمه إلى الإمارات باعتباره لاجئاً سياسياً، و ينص القانون الدولي والعرف الممارس على عدم جواز ترحيل أي شخص الى أي دولة يمكن أن يتعرض فيها أمنه وسلامته الشخصية للخطر، أو يمكن أن يواجه عقوبة الإعدام أو التعذيب، فكيف الحال مع الأوضاع الرهيبة التي باتت معروفة لدى الجميع حول الممارسات الأمنية اللاإنسانية في السجون الإماراتية.
ومنذ الإعلان عن خبر عملية الاختطاف الاستعراضية التي تحاكي أفلام المافيا والعصابات الدولية وعالم الإجرام، دب الغضب في أوساط الإماراتيين والخليجيين وأحرار العالم الذين يرون انخراط عاصمة دولة عربية في مزيد من المشروعات المشبوهة في وقت تقزم في الميزانيات وتوقف مشروعات التنمية وتفرض الضرائب متخلية عن نموذج كانت تفاخر كل العالم بأن دولة الإمارات بلا ضرائب، فيما تدفع مئات ملايين الدولارات من أجل إلقاء القبض على ناشط حقوقي.