أحدث الأخبار
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد
  • 10:46 . بينما يحتفي المطورون العقاريون بـ2025.. "نزوح صامت" نحو الإمارات الشمالية ومخاوف من "طوفان المعروض"... المزيد
  • 12:10 . تقرير: دبي دفعت 23 مليون دولار لمتشددين في مالي مقابل إفراجهم عن شيخ من آل مكتوم... المزيد
  • 08:54 . قطر تؤكد رفض تحمل تكلفة إعمار غزة نيابة عن "إسرائيل"... المزيد
  • 08:39 . إلقاء القبض على زعيم عصابة أوروبية كبيرة في دبي... المزيد
  • 07:15 . نتنياهو: المرحلة الثانية من خطة غزة اقتربت... المزيد
  • 01:02 . صحيفة إسرائيلية: ترامب يضغط بشدة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة... المزيد
  • 12:32 . الكويت تقرر سحب الجنسية من الداعية طارق السويدان... المزيد
  • 10:43 . "الأبيض" يحصد أول نقطة في كأس العرب بالتعادل أمام مصر... المزيد
  • 10:34 . "الأمن السيبراني" يحذر من تزايد التهديدات الإلكترونية على الأطفال... المزيد
  • 10:30 . السلاح الكندي في أيدي "الجنجويد".. هل تضحي أبوظبي بسمعة الإمارات لخدمة مغامرة السودان؟... المزيد
  • 06:15 . غالبيتهم أطفال.. الخارجية السودانية: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على كدفان إلى 79 مدنيا... المزيد

ذاكرة

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 04-05-2016

أتذكر تماماً تلك الحكاية القديمة عن تعلق أخي الأصغر بجدتي -رحمها الله- حين كان صغيراً، تبدو التفاصيل حين أستعيدها كأنني أفتح نافذة تواجه الشمس، حين أحكيها لا تتسلل الكلمات من نافذة الذاكرة تلك، بل يتدفق الضوء كما يتدفق شلال هادر، الذاكرة تعبث بنا أحياناً، تصير كريح قوية تنقلنا إلى أراضٍ أخرى، وتعيد تخليق الأصوات والوجوه والروائح؛ نصير كالمتنبي إذ يصف قلقه الأبدي:
على قلق كأن الريح تحتي .... أوجهها جنوباً أو شمالا

في الذاكرة حكاية ذلك الطفل الذي تعلق بجدته حتى ما عاد يفارقها ليلاً ولا نهاراً؛ صار ظلها الثاني، وصارت أمه، وحين سافرت لضرورة ملحة ذات يوم وتركته بكى فراقها حتى نام، وحين استيقظ صار يبحث عنها ويناديها في أرجاء البيت، حين تأكد أنها ليست هنا وأنه لن يراها، تضافر جسده مع قلبه رافضاً غيابها، ليدخل في حالة وهن جسدي بسبب امتناعه عن الطعام!

أمام هذه الحالة الغريبة، لم تجد الأم سوى ذلك الحل الذي لمع كبرق في ذهنها، الرائحة مفتتح الذاكرة وكيمياء القلب؛ أحضرت ثوب الجدة وألقته على وجه الصغير؛ استعاد روحه وهو يتشمم رائحة جدته، عادت له الروح، شعر كأنها هنا قريبة منه وأنه سيراها ثانية بلا أدنى ريب، لذلك قبل بالثوب والرائحة انتظاراً للآتي الأجمل.

تحيلني هذه الحكاية إلى واقعنا الراهن دائماً، إلى سطوة الذاكرة، فأومن أكثر أن علينا أن نقبض على ذاكرتنا وهي مليئة وجميلة بما فيه الكفاية، كما نقبض على تفاصيل وجودنا تماماً، الذاكرة هوية وشكل آخر للإيمان في نهاية الأمر.

هكذا تجعلنا الذاكرة، ونحن جيل نصفنا في الحاضر، وكلنا ذاكرة؛ جيل نخبئ وجوهاً ومدناً في دواخلنا، ونخبئ قصائد وقصوراً ومآذن ومساجد، نخبئ معارك وممالك ومدناً وخلفاء وقُوَّاداً ورواداً، وصعاليك ومجانين ومتصوفين ومغنين؛ نحن أبناء أمة مرت بها وعليها قوافل من اللصوص والغزاة والقتلة والطامحين بالمجد والمال والذهب، فأشهرنا في وجوههم جيوشاً من الأبطال والشعراء والعشاق والقضاة والفلاسفة والبطولات؛ نحن أمة لا تعاني من نقص في منسوب الحضارة، ولا في منسوب الانتماء، لكننا نعاني جيلاً بعد جيل من تردٍّ في منسوب الذاكرة للأسف الشديد؛ ولذلك فحين تسرق ذاكرتنا في وضح النهار نبكي وبحرقة حتى منتصف الليل ثم ننام على قهر، فإذا صحونا.. صحونا على غفران بليد!