أصبح خيار الطاقة النووية السلمية خياراً استراتيجياً لتفادي تقلبات قطاع النفط والغاز التي ترتبط بالتطورات السياسية والاقتصادية العالمية. ورغم الشكوك حيال تحول الطاقة السلمية المولدة من الطاقة النووية إلى استخدامات عسكرية، ومخاوف حدوث التلوث الإشعاعي، كما حدث قبل سنوات في فوكوشيما اليابانية، فإن مساهمة الطاقة النووية السلمية في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، قد أصبح واقعاً ملموساً، إضافة إلى أفضلية الطاقة النووية على مصادر الطاقة الأخرى.
وفي هذا السياق، تنفذ الإمارات مشروعات عملاقة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، ما أدى إلى تغيير الصورة الذهنية عن المفاعلات النووية، وليصبح إنتاج الكهرباء من هذا القطاع «موضة» في الشرق الأوسط خلال العقدين القادمين، بحسب كيريل كماروف رئيس العلاقات الدولية في الشركة الوطنية الروسية للطاقة النووية «روس آتوم».
و تنفذ أبوظبي 4 مفاعلات نووية سلمية لإنتاج الطاقة الكهربائية بقيمة 20 مليار دولار .
ومن المقرر أن يبدأ المفاعل الأول لإنتاج الكهرباء في الإمارات العام المقبل، بحسب تقرير تم إعلانه في المؤتمر الدولي للطاقة النووية «آتوم إكسبو 2016»، والذي عقد في موسكو الشهر الماضي.
وقال التقرير «توجه الإمارات والسعودية لإنشاء مفاعلات نووية سلمية، غير المعادلة عالميا وإقليميا، خاصة أنهما من أكبر الدول المنتجة للنفط والمالكة لاحتياطاته، ما حفز دولا أخرى لدخول القطاع، منها مصر والأردن والمغرب والجزائر ودول أفريقية وشرق آسيوية».
ويتمثل التحدي الرئيس في توليد الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية، في الاحتياج المتزايد الذي لا مفر منه للطاقة الضرورية للتنمية، مقابل مخاوف من الأمان النووي وتأثيرات النفايات المشعة على البيئة. وكان التوجه العالمي إلى فترة ما بعد كارثة فوكوشيما، هو الاستغناء عن المفاعلات النووية بأنواع من الطاقة المتجددة.
ووفقاً لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، فإن الطاقة النووية هي «الخيار الأنسب للإمارات، لأنها تكنولوجيا آمنة ونظيفة وذات جدوى تجارية، وقادرة على توليد نسبٍ كبيرة من الحدّ الأدنى الدائم من الحمولة الكهربائية».
وتقدمت دولة الإمارات، المنطقة في التوجه نحو إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية وإنشاء أول محطة نووية سلمية لإنتاج الكهرباء في المنطقة.
وعبرت الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، عن توجه الإمارات لبناء محطة «براكة»، قائلة «الخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير بنية تحتية نووية وطنية ووضعها إطاراً تنظيميّاً ونظاماً للعمل، مثيرة للإعجاب».
تجربة "مصدر"
وفي فبراير الماضي نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا عن مصير مدينة "مصدر" والإخفاق الذي وصلت إليه.
و"مصدر" هي المدينة المقرر أن تكون خالية من الكربون إلا أن المطورين للمشروع تخلوا عن ذلك الهدف الأساسي، بحسب الصحيفة.
وتقول الغارديان، "مصدر" أول مدينة مستدامة في العالم، لتنويع الاقتصاد الإماراتي بعيدا عن الوقود الأحفوري، ولكنها قد تتحول إلى مدينة أشباح. وتتابع، مدينة مصدر هي قريبة من التوصل إلى هدف "صفر" من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري الآن. ومع ذلك، تعترف السلطات أنها لن تصل إلى هذا الهدف حتى لو تطور مشروع المدينة وتم تشييدها بالكامل.
و تعهدت شركة مبادلة للتنمية، شركة الاستثمار المملوكة لحكومة أبوظبي، بالدعم المالي للمشروع والذي يقدر ب22 مليار دولار.
ومع ذلك، خلال عشر سنوات تم فقط بناء جزء صغير من المدينة - أقل من 5٪، بمساحة 6 كيلومترات مربعة، ما جعل تاريخ استكمال المشروع يتأجل إلى عام 2030.
وقالت الغارديان، أنفقت الإمارات مليارات الدراهم على محطة للطاقة النووية، لا تزال قيد الإنشاء، ويتوقع أن تنتج ما يقرب من 25٪ من احتياجاتها من الكهرباء بحلول عام 2020.