ولم تفلح كل الوساطات والجهود الدبلوماسية في ضمان الإفراج عنه، ولو بكفالة. كما لم يتسن لعائلته مقابلته، باستثناء مكالمة هاتفية يتيمة أجراها لزوجته.
واعتقل جهاز أمن الدولة في مدينة أبو ظبي الصحفي النجار وهو أب لخمسة أطفال في (13|12|2015)، دون توجيه أي تهمة له أو إحالته للمحاكمة من قبل السلطات الأمنية في أبوظبي التي نقلته إلى سجن الوثبة الصحراوي، على خلفية منشور له على موقع “فيسبوك” نشره خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، انتقد فيه موقف الإمارات من العدوان وتعاونها مع مصر لتدمير الأنفاق بين مصر وغزة، كما تقول زوجته ماجدة الحوراني “.
وكانت صفوة عيسى المديرة التنفيذية للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان كشفت عن تعذيب وانتهاكات تعرض ويتعرض لها المعتقل الأردني في الإمارات الصحافي تيسير النجار، وتعرضه للتعذيب في سجن سري وأجباره على توقيع أوراق وهو معصوب العينين؛ إلى جانب حرمانه من الخروج للهواء الطلق و الشمس مما أثر على عينيه وصحته. وقالت عائلته إنه قد يتعرض إلى العمى بسبب تفاقم حالته الصحية
ولفتت مجدولين الحوراني زوجة الصحفي النجار إلى أن السفارة الإماراتية في الأردن تجاهلت كل المناشدات التي قدمت لها والرسائل التي بعثها أطفاله لحاكم الإمارات واستمر الاعتقال الذي تجاوز مدة العام في تهمة غير معروفة.
وناشد أطفال الصحفي النجار السلطات الإماراتية "للإفراج عن والدهم الذي يتغيب عن المنزل قصرا منذ ما يقارب العام"، بينما ناشدت زوجة النجار العاهل الأردني عبد الله الثاني التدخل للإفراج عن زوجها الذي اعتقل "رغم حبه للإمارات".
كما ضرب جهاز الأمن بعرض الحائط كل التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية المنددة باستمرار اعتقال الإمارات، حيث كانت منظمة “هيومن رايتس ووتش" دعت في بيان لها مؤخرا السلطات الإماراتية لإسقاط كل التهم الموجهة للنجار “الذي انتقد بشكل سلمي السلطات الإماراتية”.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش جو ستورك: “يبدو أن السلطات الإماراتية تعتقد أن لديها الحق في اعتقال أي شخص – حيثما كان – يعبر عن وجهة نظر لا تتفق معها”.
ومهما كانت أسباب توقيف النجار، يؤكد زملاء له أنه حقه أن ينال محاكمة عادلة ومعرفة التهم الموجهة إليه، وتكليف محام للدفاع عنه، وأن ينال حقوقه كموقوف على ذمة التحقيق؛ بالزيارات ولقاء أفراد أسرته ومحاميه، وطَلَب تكفيله، إذا لم تكن التهم الموجهة له تجعل منه مصدر تهديد لأمن الإمارات، لا سيما وأن فترة توقيفه الطويلة كانت كافية لإجراء ما يلزم من التحقيقات معه، والتأكد ما إذا كان متورطا أم لا في قضايا تهدد أمن الدولة ، تستوجب محاكمته أو إطلاق سراحه.
وبذلك تشكل قضية النجار مثالاً صارخاً على ضيق العقلية الأمنية التي تمارس بحق كل من يوجه النقد للسلطات في الدولة، في وقت سعت فيه وسائل الإعلام الرسمية للترويج بأن الإمارات حصلت على المركز الأول إقليميا والثالث عالميا على مؤشر التسامح لعام 2016، في دراسة صادرة عن مراكز ومنظمات حقوقية محسوبة على جهاز أمن الدولة أو تتلقى دعما ماليا، مثل مركز جنيف لحقوق الإنسان برئاسة حنيف حسن، أو ما تسمى الفيدرالية العربية أو جمعية لؤي ذيب وهو ضابط مخابرات فلسطيني محسوب على محمد دحلان، وقد تبين أن هذه الكيانات وغيرها ممن يعلمون لمصلحة الأمن في الدولة.
تناقضات ومطالبات
وكان أحدث بيان لمنظمة العفو الدولية قبيل انعقاد القمة الخليجية الـ37 في المنامة الأسبوع الماضي طالب القادة المجتمعين ببحث الانتهاكات الواقعة على حقوق الإنسان في دول الخليج وضرورة توقف جهاز الأمن عن قمع الناشطيين السلميين بزعم مكافحة "الإرهاب".
ونشرت صحيفة "الاتحاد" الخميس (8|12) بعض مناقشات مؤتمر حول الإرهاب في أبوظبي، وتحدث فيه "أرتورو لورينت" مسؤول برنامج الوقاية من الإرهاب بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة. وقال: إن مبادئ الأمم المتحدة ثابتة فيما يتعلق "بمكافحة الإرهاب" وهي: ضمان الالتزام بحقوق الإنسان، والمحاكمات العادلة، ومنع المحاكم الخاصة أو المحاكمات الغيابية، وعدم تأخير المحاكمات، وضرورة تعويض المتضررين الذين أسيء تطبيق العدالة بحقهم. وكل ما حذر منه المسؤول الأممي ارتكبه جهاز أمن الدولة بحق النجار وكل شخص اعتقله منذ عام 2011 بقضايا التعبير عن الرأي، وحاكمته في قضايا "إرهابية".
ويظهر ذلك مدى تناقض ممارسات أبوظبي وخطابها، فضلا أن النجار غير متهم بأي قضية "إرهابية"، وإذا كان القانون الدولي يحظر التعسف في التعامل مع "الإرهابيين"، فعلام يشدد في قضايا التعبير عن الرأي؟!